والمراد بالاستدبار الذي حكم المصنّف بإعادة المصلّي إليه مطلقاً ما قابل القبلة بمعنى أنّ أيّ خطّ فُرض طرفه قبلة يجوز الصلاة إليها كان طرفه الآخر استدباراً ، كما يدلّ عليه خبر (١) عمّار.
ولو فُرض وقوع خطّ آخر على هذا الخطّ بحيث يحدث عن جنبيه زاويتان قائمتان ، كان هذا الخطّ الثاني خطّ اليمين واليسار.
ولو فُرض خطّ آخر واقع على الخطّ الأوّل بحيث يحدث عنه زاويتان : حادّة ومنفرجة ، فما كان منه بين خطّ القبلة وخطّ المشرق أو المغرب هو الانحراف المغتفر ، وما كان بين جهة الاستدبار وخطّ المشرق أو المغرب ، فالأجود أنّه ملحق بهما لا بالاستدبار وإن كان أقرب إليه ، اقتصاراً في الإعادة مطلقاً على القول بها على مدلول الرواية ، وهو ما كان إلى دبر القبلة.
(ولو ظهر الخلل) وهو (في الصلاة ، استدار) إلى القبلة (إن كان) الخلل (قليلاً) لم يبلغ حدّ اليمين واليسار ، وأتمّ صلاته ؛ لعدم وجوب الإعادة في الوقت (وإلا) أي وإن لم يكن قليلاً بل كان إلى محض اليمين أو اليسار أو الاستدبار (استأنف) الصلاة ؛ لوجوب الإعادة في الوقت مطلقاً.
نعم ، لو فُرض تبيّن التيامن أو التياسر بعد الوقت فيمن أدرك منه ركعة أو المستدبر على القول بالمساواة ، أمكن القول بالاستقامة ولا إعادة ؛ لإطلاق الأخبار. وعدمُه ؛ لأنّه لم يأت بالصلاة في الوقت. ولأنّ ما بعد الوقت هنا بحكم الواقع فيه ، فيكون بحكم الذاكر فيه.
ويضعّف : بأنّ الأوّل مصادرة ، ومساواة ما بعد الوقت لما قبله مطلقاً ممنوعة ، بل في محلّ النصّ والوفاق ، لا في جميع الأحكام على الإطلاق.
(ولا يتعدّد الاجتهاد بتعدّد الصلاة) إلا مع تجدّد شكّ ؛ لبقاء الظنّ السابق حيث لم يتجدّد خلافه ، وللاستصحاب. أمّا لو تجدّد شكّ ، فإنّ الاجتهاد الأوّل بطل حكمه.
وأوجب الشيخ (٢) تجديده مطلقاً ما لم يعلم بقاء الأمارات بأن يحضره عند القيام إلى
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٥٤٢ ، الهامش (٣).
(٢) المبسوط ١ : ٨١.