فروى مرازم قال : سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليهالسلام أنّ عليّ نوافل كثيرة ، فقال : «اقضها» فقلت : لا أُحصيها ، قال : «توخّ» (١).
والتوخّي : التحرّي ، وهو طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظنّ ، قاله الجوهري (٢).
وروى عبد الله بن سنان عنه عليهالسلام في رجل فاته من النوافل ما لا يدري ما هو من كثرته كيف يصنع؟ قال : «يصلّي حتى لا يدري كم صلّى من كثرته ، فيكون قد قضى بقدر ما عليه» (٣).
قال في الذكرى : وبهذين الخبرين احتجّ الشيخ على أنّ مَنْ عليه فرائض لا يعلم كمّيّتها يقضي حتى يغلب الوفاء من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى (٤).
وفيه نظر ؛ لأنّ كون النوافل أدنى مرتبة يوجب سهولة الخطب فيها ، والاكتفاء بالأمر الأسهل ، فلا يلزم منه تعدية الحكم إلى ما هو أقوى وهو الفرائض ، كما لا يخفى ، بل الأمر في ذلك بالعكس ؛ فإنّ الاكتفاء بالظنّ في الفرائض الواجبة الموجبة لشغل الذمّة يقتضي الاكتفاء به في النوافل التي ليست بهذه المثابة بالأولى.
(ولو نسي الكمّيّة والتعيين) بأن فاته صلوات لا يعلم عددها ولا عينها (صلّى أيّاماً متوالية حتى يعلم دخول الواجب في الجملة) التي صلاها ؛ لتوقّف يقين البراءة وتفريغ الذمّة بعد يقين اشتغالها عليه.
(ولو نسي ترتيب الفوائت ، كرّر حتى يحصّله) يقيناً ؛ لتوقّف تحصيل الواجب وهو الترتيب عليه ، فيجب العدد الزائد من باب المقدّمة ، كما يجب تكرار الفرائض في الواحدة المجهولة (فيصلّي الظهر قبل العصر وبعدها ، أو) يصلّي (بالعكس) العصر قبل الظهر وبعدها (لو فاتتا) أي الظهر والعصر من يومين ولم يعلم السابقة ، فتكون زيادة الواحدة طريقاً إلى تحصيل الترتيب يقيناً ؛ لأنّ هنا احتمالين : كون الفائت الظهر ثمّ العصر ، وعكسه ، فإذا حفّ إحداهما بفعل الأُخرى مرّتين ، حصل الترتيب على الاحتمالين.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٥١ ٤٥٢ / ٤ ؛ التهذيب ٢ : ١٢ / ٢٦.
(٢) الصحاح ٦ : ٢٣١١ ، «ح ر ا».
(٣) الكافي ٣ : ٤٥٣ ٤٥٤ / ١٣ ؛ الفقيه ١ : ٣٥٩ / ١٥٧٧ ؛ التهذيب ٢ : ١١ / ٢٥.
(٤) الذكرى ٢ : ٤٣٩.