وللشيخ (١) قول آخر بالتخيير لو قصد أربعة فراسخ وأراد الرجوع ليومه ؛ جمعاً بين الأخبار أيضاً ، وقوّاه الشهيد في الذكرى ؛ لكثرة الأخبار الصحيحة بالتحديد بأربعة فراسخ ، فلا أقلّ من الجواز (٢).
ويشكل بما مرّ من عدم اقتضائها العود بل منافاة بعضها له ، فكان التخيير مطلقاً أوجَه وأدخل في الجمع ، مع أنّ القائل به أكثر.
(ولو جهل) المسافر قدر مقصده ، وشكّ (هل بلغ المسافة) (٣) أم لا (و) الحال أنّه (لا بيّنة) هناك تشهد بأنّه بلغ المسافة (أتمّ) لأصالة عدم البلوغ ، واستمرار الإتمام ، وعدم عروض ما يزيله.
وتنقيح المسألة يتمّ بمباحث :
إطلاق الشكّ ووجوب الاستمرار معه على التمام في كلامهم مطلق يشمل مَنْ يقدر معه على الاعتبار وغيره ، ومقتضاه أنّه لا يجب الاعتبار ، بل يبقى على التمام إلى أن يتحقّق. ووجهه : العمل بالأُصول المتقدّمة ، وينضمّ إليها أصالة براءة الذمّة من وجوب التقدير.
ويحتمل الوجوب حيث يمكن ؛ لتوقّف اليقين بفعل الواجب عليه.
وعلى الأوّل لو سار إلى المقصد مع جهله ببلوغه يوماً معتدلاً بشروطه فظهر في آخر النهار أنّه مسافة بعد أن صلّى الظهرين ، قصّر العشاء.
ولو ظهرت المسافة في اليوم الثاني ، قصّر حينئذٍ ، وكان ما فَعَله صحيحاً ؛ لامتثاله الأمر المقتضي للإجزاء.
ولو دخل وقت المقصورة ولمّا يُصلّها ثمّ تبيّنت المسافة ، قصّر هنا قطعاً وإن كان قد مضى حالة الجهل بها مقدار الصلاة.
ولا يتأتّى هنا الخلاف الآتي في اختلاف حالتي الوقت بالإتمام والقصر ؛ لأنّ تبيّن المسافة هنا كاشف عن المخاطبة بالقصر في نفس الأمر ، غايته أنّه معذور ؛ لجهله.
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٠٨ ، ذيل الحديث ٤٩٦ ؛ الاستبصار ١ : ٢٢٤.
(٢) الذكرى ٤ : ٢٩٣ ٢٩٤.
(٣) كذا ، وفي الإرشاد ١ : ٢٧٤ : «ولو جهل البلوغ» بدل «ولو جهل هل بلغ المسافة».