(المقصد الرابع : في صلاة السفر)
اعلم أنّ من الأحكام الشرعيّة ما يشترك فيه الحضر والسفر ، وهو كثير ، كوجوب الطهارة والصلاة والزكاة والحجّ ، ومن الرخص إباحة الميتة عند المخمصة وشرب الخمر لإساغة اللقمة.
ومنها : ما يختصّ بمطلق السفر ، كصلاة النافلة على الراحلة وماشياً إن سُمّي مطلق المشي سفراً.
ومنها : ما يختصّ بالسفر الطويل ، كترك الجمعة ، والجمع بين الصلاتين ، وسقوط نافلة الظهرين إجماعاً ، والوتيرة على المشهور ، والإفطار من الصوم ، وقصر الصلاة الرباعيّة في غير الخوف ، وهذا الفرد هو موضع البحث هنا.
وقد تبيّن بذلك فساد ما قيل : إنّ قصر الصلاة مختصّ بالسفر الطويل. اللهمّ إلا أن يشترط في الخوف السفر ، وقد تقدّم الكلام فيه ، كما ضعف قوله : إنّ من خواصّ مطلق السفر الصلاة إلى غير القبلة مع الضرورة ، فإنّ ذلك غير مختصّ بالسفر أيضاً.
وقد أشار إلى المقصود بالذات بقوله (يجب التقصير في) الصلاة (الرباعيّة خاصّةً) بإسقاط الركعتين الأخيرتين منها خاصّةً ، دون الثنائيّة والثلاثيّة ، بالإجماع ، وقول أبي عبد الله عليهالسلام : «الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء إلا المغرب ثلاث ركعات» (١).
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٣ ١٤ / ٣١ ؛ الاستبصار ١ : ٢٢٠ / ٧٧٨ ، وليست فيهما كلمة «ركعات».