يؤيّد ما عليه الأكثر هناك من البطلان مطلقاً ، والله أعلم.
(و) لو أتمّ المقصّر في حالة كونه (جاهلاً) بوجوب التقصير (لا يعيد مطلقاً) على المشهور ؛ لصحيحة محمّد بن مسلم ، السابقة (١).
وخالف أبو الصلاح (٢) وابن الجنيد (٣) ، فأوجبا عليه الإعادةَ في الوقت. ولعلّه استناداً إلى إطلاق صحيحة العيص ، السابقة (٤) و (٥).
ووجوب الجمع بين الأدلّة يعيّن القول بعدم الإعادة.
وربما أطلق بعض (٦) الأصحاب إعادة المتمّم مع وجوب القصر عليه مطلقاً ؛ لتحقّق الزيادة المنافية.
ويؤيّده في الجاهل ما أورده السيّد الرضي رحمهالله على أخيه المرتضى من أنّ الإجماع واقع على أنّ مَنْ صلّى صلاةً لا يعلم أحكامها فهي غير مجزئة ، والجهل بأعداد الركعات جَهْل بأحكامها ، فلا تكون مجزئةً.
وأجاب المرتضى بجواز تغيّر الحكم الشرعي بسبب الجهل وإن كان الجاهل غير معذور (٧).
وحاصل الجواب يرجع إلى النصّ الدالّ على عذره ، والقول به متعيّن.
واعلم أنّ ظاهر النصّ والفتوى يقتضي أنّ المراد بالجاهل هنا الجاهل بوجوب القصر رأساً ، فلو كان عالماً به من وجهٍ دون آخر فصلّى تماماً ، احتمل كونه كذلك ؛ لصدق الجهل. وعدمُه ؛ لأنّه عالم بالوجوب في الجملة.
ويتصوّر ذلك في مَنْ علم وجوب الإتمام لكثير السفر مثلاً ولم يعلم انقطاع الكثرة بإقامة عشرة أيّام فصلّى تماماً ثمّ علم ، وفي مَنْ علم بالتخيير بين التمام والقصر في الأماكن الأربعة فاختار التمام وصلّى في موضع يعتقده منها ولم يكن أو يعلم عين الأربعة ولكن
__________________
(١) في ص ١٠٥٦.
(٢) الكافي في الفقه : ١١٦.
(٣) حكاه عنه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٥٣٨ ، ضمن المسألة ٣٩٥.
(٤) في «م» : «السالفة» بدل «السابقة».
(٥) في ص ١٠٥٦.
(٦) هو ابن أبي عقيل كما في مختلف الشيعة ٢ : ٥٣٨ ، ضمن المسألة ٣٩٥.
(٧) انظر : رسائل الشريف المرتضى ٢ : ٣٨٣ ٣٨٤ ؛ والذكرى ٤ : ٣٢٥ ٣٢٦.