الصلاة ، قال : «نعم وإن كان بينك وبين صاحبك اليمّ» (١).
(المطلب الثاني : في السهو والشكّ)
السهو عزوب المعنى عن القوّة الذاكرة مع ثبوته في الحافظة بحيث يلحظه الذهن عند التفاته إليه ، وذهابه عن الخزانتين معاً يطلق عليه النسيان.
والمراد بالسهو هنا ما يعمّ الأمرين.
والشكّ تساوي الاعتقادين المتضادّين وتكافؤهما.
وقد يطلق السهو على الشكّ ؛ لاشتراكهما في العبارة ، ولكون السهو سبباً في الشكّ غالباً ، فأُطلق اسم السبب على المسبّب.
وقد استعمله المصنّف في قوله (لا حكم للسهو مع غلبة الظنّ) بأحد الطرفين ، بل يبنى على الطرف الراجح ؛ لقول النبيّ إذا شكّ أحدكم في الصلاة فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليبن عليه (٢). وعن الصادق عليهالسلام إذا وقع وهمك على الثلاث فابن عليه ، وإن وقع وهمك على الأربع فسلّم وانصرف (٣). ولأنّ تحصيل اليقين عسر في كثير من الأحوال ، فاكتفي بالظنّ تحصيلاً لليسر ودفعاً للعسر.
وتنقيح المسألة يتمّ بمباحث :
أ ـ إنّك قد عرفت أنّ السهو زوال المعنى عن القوّة وارتفاعه عن البال ، والشكّ تساوي الاعتقادين ، المقتضي لحضورهما بالبال ، وتردّد الذهن بينهما بحيث لا يترجّح أحدهما ، ومن المقرّر أن الظنّ ترجيح أحد الأمرين على الآخر ترجيحاً غير مانع من النقيض وغلبة قوّة هذا الترجيح.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٣٩ / ١٣٦٨ ؛ التهذيب ٢ : ٣٣٢ / ١٣٦٨.
(٢) أورد نصّه الشهيد في الذكرى ٤ : ٥٤ ؛ وفي صحيح مسلم ١ : ٤٠٠ / ٥٧٢ ؛ وسنن النسائي ٣ : ٢٨ ؛ ومسند أحمد ٢ : ١١ / ٤١٦٣ ؛ والمعجم الكبير للطبراني ١٠ : ٢٥ ٢٦ / ٩٨٢٥ ٩٨٢٨ بتفاوت في اللفظ.
(٣) الكافي ٣ : ٣٥٣ / ٧ ؛ التهذيب ٢ : ١٨٤ / ٧٣٣.