والكلام جنس لما يتكلّم به ، فيقع على الكلمة الواحدة ، وهي صادقة على المركّب من حرفين فصاعداً ، ويلحق به ما أفهم من الأفعال المعتلّة الطرفين إذا أمر منها ، مثل : «قِ» «عِ» «دِ» من «وقى» و «وعى» و «ودى» لصدق اسم الكلام عليه لغةً وعرفاً ، بل هو كلام عند أهل العربيّة فضلاً عن الكلمة ؛ لتضمّنه الإسناد المفيد ، فيدخل في مدلول الأخبار الواردة بإبطال الكلام.
وربما احتمل عدم الإبطال به بناءً على ما أطلق من تقييد الكلام بتركّبه من حرفين فصاعداً ، والموجود منه صورة حرف لا غير.
ويضعّف بما مرّ من وجود صورة الكلام المقتضي للبطلان. والتقييد بحرفين من كلام الفقهاء خرج مخرج الغالب ، أو أنّ المحذوف في هذه الأوامر بمنزلة المذكور ، فيكون المجموع حرفين فصاعداً.
وفي إلحاق الحرف بعده مدّة وهي الحاصلة من إشباع الضمّ أو الفتح أو الكسر على حرف المدّ (١) بالكلام نظر : من كونه يعدّ حرفاً واحداً ، ومن أنّ المدّة إمّا واو أو ألف أو ياء ، وتسميتها مدّة لا تخلّ بكونها حرفاً.
وفي تحقيق المخلّ في هذه المسألة ونظائرها من الأصوات التي يخرج معها حرفان كالتنحنح ونحوه بحث ؛ وذلك لأنّ الكلام إذا أُخذ بالمعنى المصطلح عليه بين أهل الصناعة ، لم يتمّ الحكم بكون حرف المدّ مبطلاً على الإطلاق أو غير مبطل ؛ لاشتراط الوضع في الكلمة ، وحرف المدّ منه ما هو موضوع كذلك ، مثل : «باء» «تاء» «ثاء» عَلَماً على الحروف المخصوصة ، ومنه ما ليس موضوعاً ولا دالا على معنى ، مثل : «عا» «كا» فإنّ هذه وأمثالها لا تعدّ كلمات بذلك المعنى.
ومثله القول في الحرفين الخارجين من التنحنح ونحوه ، فإنّهما ليسا موضوعين لمعنى ولا دالّين عليه ، بل إن دلله على شيء فإنّما هي دلالة طبعيّة لا وضعيّة ، كدلالة «أح» على وجع (٢) الصدر ، وليس في المعنى اللغوي ما يدلّ على خلاف ذلك ، فالمصير إليه متعيّن ، ومقتضاه حينئذٍ عدم البطلان بما يخرج من الحرفين بسبب التنحنح والنفخ ونحوهما ؛ لأنّه
__________________
(١) ورد في الطبعة الحجريّة على جملة «على حرف المدّ» علامة «زائدة».
(٢) في «ق ، م» : «أذى» بدل «وجع».