لا يعدّ كلاماً ، وبه جزم المصنّف في التذكرة والنهاية (١) ، خصوصاً مع توقّف القراءة أو الذكر أو الجهر بهما على التنحنح.
ويؤيّد ذلك رواية عمّار عن الصادق عليهالسلام وقد سأله عن الرجل يسمع صوتاً بالباب وهو في الصلاة ، فيتنحنح ليُسمع جاريته أو أهله لتأتيه فيشير إليها بيده يُعلمها مَنْ بالباب لتنظر مَنْ هو ، قال : «لا بأس به» (٢) مع أنّ الأغلب على التنحنح أن يخرج منه حرفان ، ولا يكاد يسلم منهما إلا بتكلّفٍ شديد لا يطلق عليه اسم التنحنح.
نعم ، روى طلحة بن زيد عن الصادق عليهالسلام عن أبيه عن عليّ» قال : «مَنْ أنّ في صلاته فقد تكلّم» (٣) لكنّ الحديث ضعيف ، ويمكن حمله على الكراهة المؤكّدة.
ويؤيّده أنّ الأنين إنّما يكون كالكلام إذا خرج معه حرفان لا أقلّ إجماعاً ، فإطلاق النهي عنه المستفاد من جَعْله كالكلام ينزّل على الكراهة.
ولو سُلّم ، أمكن خروج الأنين بالنصّ الخاصّ ، ويبقى الباقي على الأصل. وهو مختار المصنّف في النهاية (٤).
فإن قيل : يلزم من اعتبار الكلام الصناعي عدم بطلان الصلاة بالتلفّظ بالكلمات المهملة المشتملة على عدّة أحرف كـ «ديز» و «بيز» ونحوهما ؛ لعدم تحقّق الدلالة والوضع.
قلنا : هذه الألفاظ تسمّى كلاماً في العرف العامّ وإن لم تكن كلاماً عند أهل الصناعة ، وهو العرف الخاصّ. وإطلاق الكلام عليها في ذلك كافٍ في البطلان بها.
فإن قيل : الإشكال آتٍ من وجهٍ آخر ، وهو : أنّ الكلمة كما تطلق على ما تركّب من حرفين مثل «من» و «عن» تطلق أيضاً على الحرف الواحد ، كالباء والكاف واللام الموضوعة لمعانٍ مخصوصة ، فإنّها أحد أقسام الكلمة ، كما أنّ الاسم أحد أقسامها.
قلنا : الحرف الواحد خرج من ذلك بالاتّفاق على عدم إبطاله الصلاةَ على الوجه
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٣ : ٢٨٤ ، المسألة ٣٢٣ ؛ نهاية الإحكام ١ : ٥١٦.
(٢) الفقيه ١ : ٢٤٢ / ١٠٧٧.
(٣) التهذيب ٢ : ٣٣٠ / ١٣٥٦.
(٤) نهاية الإحكام ١ : ٥١٦ و ٥٢٠.