وقد خالف في ذلك أبو الصلاح (١) وابن الجنيد (٢) ، وتبعهما المحقّق في المعتبر ؛ محتجّاً بعدم علمه بالإجماع ، وحمل الخبر على الكراهة ، وأيّده بأنّ ذلك يستلزم مخالفة الهيئة المستحبّة في وضع اليدين ، وهي كونهما على الفخذين ، وغايته الكراهة (٣).
وقد عرفت أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد حجّة ، وأنّ مخالفة المعروف لا تؤثّر فيه ، وأنّ النهي يحمل على التحريم حتى يعارضه ما يوجب حمله على غيره ، ولا معارض هنا. ومخالفة الهيئة المستحبّة إنّما تكون مكروهةً مع عدم ما يدلّ على التحريم.
وإنّما يُبطل التكفير الصلاةَ عند عدم التقيّة ، فيجوز عندها بل قد يجب معها وإن كان عندهم سنّةً عند ظنّ الضرر بتركها.
ولو تركه معها ، قيل : كان كترك الغَسْل في مسح الوضوء (٤) ، فتبطل الصلاة ؛ لتحقّق النهي.
وفيه نظر ؛ لأنّ النهي هنا عن وصفٍ خارج عن أفعال الصلاة ، بخلاف ما سلف ؛ فإنّ النهي فيه متعلّق بركن من أركان الوضوء ، فلا تبطل الصلاة بتركه هنا وإن بطل الوضوء.
ويجب عليه معها فعله على وجه تتأدّى به التقيّة ، سواء كانت على الهيئة المسنونة عندهم أم غيرها. ولو لم تتأدّ إلا بها ، تحتّمت ، فيأثم مع المخالفة وإن صدق التكفير.
(و) بتعمّد (الكلام بحرفين) فصاعداً (ممّا) أي من الكلام الذي (ليس بقرآن ولا دعاء) مباح ولا ذكر لله تعالى ، وهو موضع وفاق ، وهو الحجّة.
ولقول النبيّ : «إنّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنّما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» (٥).
وفي حسنة الحلبي عن الصادق عليهالسلام وسأله عن الرجل يصيبه الرعاف وهو في الصلاة ، فقال : «إن لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه أو يتكلّم فقد قطع صلاته» (٦).
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٢٥.
(٢) حكاه عنه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٢٠٩ ، المسألة ١٢٠.
(٣) المعتبر ٢ : ٢٥٧.
(٤) انظر : الذكرى ٣ : ٢٩٦.
(٥) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ ٣٨٢ / ٥٣٧ ؛ سنن البيهقي ٢ : ٥٠٧ / ٣٩١٨ ؛ مسند أحمد ٦ : ٦٢٥ / ٢٣٢٥٠ ؛ المعجم الكبير للطبراني ١٩ : ٤٠٢ ٤٠٣ / ٩٤٨.
(٦) الكافي ٣ : ٣٦٤ / ٢ ؛ التهذيب ٢ : ٢٠٠ / ٧٨٣ ؛ الاستبصار ١ : ٤٠٤ / ١٥٤١.