ويصلّون عليه فيكتب لهم الأجر ، وللميّت الاستغفار ، ويكتسب هو الأجر بما اكتسب لهم» (١).
ولا كلام في أصل الإعلام ، لكن هل يشرع النداء؟ قال في الخلاف : لا أعرف فيه نصّاً (٢).
وفي المعتبر والتذكرة : لا بأس به ؛ لما يتضمّن من الفوائد ، وخلوّه من منعٍ شرعيّ (٣).
(والدعاء عند المشاهدة) للميّت بما روي عن عليّ بن الحسين» أنّه كان يقول إذا رأى جنازة : «الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم» (٤).
والمراد بالسواد الشخص ، والمخترم بالخاء المعجمة : الهالك أو المستأصل.
ويجوز الحمل هنا على كلّ منهما ، فإن أُريد الأوّل ، حمل على الجنس ، والمعنى : الحمد لله الذي لم يجعلني من الهالكين.
ولا تنافي بين هذا وبين حبّ لقاء الله ؛ لأنّ المراد بذلك حال الاحتضار ؛ لما روي عن النبيّ أنّه قال : «مَنْ أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه ، ومَنْ كره لقاء الله كره الله لقاءه» فقيل لهُ : إنّا لنكره الموت ، فقال : «ليس ذلك ، ولكنّ المؤمن إذا حضره الموت بُشّر برضوان الله وكرامته ، فليس شيء أحبّ إليه ممّا أمامه ، فأحبّ لقاء الله وأحبّ الله لقاءه ، وإنّ الكافر إذا حضر بُشّر بعذاب الله ، فليس شيء أكره إليه ممّا أمامه ، كره لقاء الله وكره الله لقاءه» (٥). وبقيّة عمر المؤمن نفيسة لا ثمن لها ، كما ورد في الأخبار (٦) ، فحبّ البقاء للازدياد في الطاعة والاستعداد للآخرة لا ينافيه حبّ لقاء الله بغير ذلك ، فكلّ من الموت والبقاء له وجه محبوبيّة ومكروهيّة ، أو نقول : حبّ لقاء الله يقتضي كمال الاستعداد ، وإنّما يكون بالبقاء في دار التكليف ، فلا منافاة.
ويمكن أن يكون في هذا الدعاء إشارة إلى مقام التفويض إلى الله تعالى والتوكّل عليه
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٦٦ / ١ ؛ التهذيب ١ : ٤٥٢ / ١٤٧٠ بتفاوت.
(٢) الخلاف ١ : ٧٣١ ، المسألة ٥٦١.
(٣) المعتبر ١ : ٢٦٢ ؛ تذكرة الفقهاء ١ : ٣٤٤ ، المسألة ١١٥.
(٤) الكافي ٣ : ١٦٧ / ١ ؛ الفقيه ١ : ١١٣ / ٥٢٥ ؛ التهذيب ١ : ٤٥٢ / ١٤٧٢.
(٥) صحيح البخاري ٥ : ٢٣٨٦ / ٦١٤٢ ؛ صحيح مسلم ٤ : ٢٠٦٥ ٢٠٦٦ / ٢٦٨٤ ؛ سنن ابن ماجة ٢ : ١٤٢٥ / ٤٢٦٤.
(٦) كما في جامع المقاصد ١ : ٤١٧.