والقول الثاني : عدم الوجوب والانعقاد. واختاره الشيخ في المبسوط (١) ، وتبعه المصنّف في بعض (٢) كتبه ؛ لأنّهما ليسا من أهل فرض الجمعة ، فهُما كالصبي. ولأنّ الجمعة إنّما تنعقد بهما تبعاً لغيرهما ، فلا يكونان متبوعين. ولأنّه لو جاز ذلك ، لجاز انعقادها بجماعة المسافرين والعبيد وإن لم يكن معهم حاضرون وأحرار.
وأُجيب (٣) بالفرق بينهما وبين الصبي ؛ لعدم تكليف الصبي ، دونهما ، فلا يتصوّر الوجوب في حقّ الصبي ، بخلاف المسافر والعبد. وكونهما تابعين عين المتنازع ، والتزام انعقادها بالمسافرين والعبيد ممكن.
وفي المسألة قول ثالث : وهو : عدم وجوبها عليهما مع انعقادها بهما ، وهو الذي اختاره المصنّف في القواعد في المسافر وتوقّف في العبد (٤) والشيخ عليّ في الشرح ، ونقله عن الخلاف (٥).
وحجّتهم : عموم ما دلّ على اعتبار العدد فيتناولهما ، وعدم الوجوب لا يقتضي عدم الانعقاد.
ويظهر من أصحاب القول الثاني أنّ فعلها لهما جائز وإن لم تجب عليهما ولم تنعقد بهما ، وأنّها تجزئ عن الظهر ، بل ادّعى بعضهم (٦) الاتّفاق عليه.
وهذا لا يتمّ إلا مع نيّة الواجب (٧) بها ؛ لأنّ المندوب لا يجزئ عن الواجب. وحينئذٍ تكون واجبةً لتتحقّق مطابقة النيّة للواقع. وهو لا يوافق القول الثاني إلا أن يقال بوجوبها حينئذٍ تخييراً ، والمنفيّ هو الوجوب العيني على تقدير حصوله ، فيتمّ الحكم في حال حضور الإمام ، ويبقى الإشكال في زمان الغيبة ؛ لأنّ الوجوب فيه تخييريّ ، فلا يتمّ نفيه مع نيّته.
وربما قيل بذلك في المرأة أيضاً إذا حضرت ، فتصحّ منها الجمعة وتجزئها عن الظهر وإن
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٤٣.
(٢) مختلف الشيعة ٢ : ٢٤٥ و ٢٤٦ ، المسألتان ١٣٨ و ١٣٩.
(٣) كما في الذكرى ٤ : ١١٧.
(٤) قواعد الأحكام ١ : ٣٦ ٣٧.
(٥) جامع المقاصد ٢ : ٣٨٨.
(٦) الشهيد في الذكرى ٤ : ١١٧ ١١٨.
(٧) في «ق ، م» : الوجوب.