بإفادة معنى يعتدّ به بالنسبة إلى مقصود الخطبة ، سواء تضمّنت وعداً أم وعيداً أم حكماً أم قصصاً ، فلا يجزئ نحو قوله (مُدْهامَّتانِ) (١) وقوله (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) (٢).
واستدلّوا على الاجتزاء بالآية الواحدة : برواية صفوان بن يعلى عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقرأ على المنبر (وَنادَوْا يا مالِكُ) (٣) و (٤).
وفي دلالة الرواية مع تسليمها على ذلك نظر واضح.
وروى محمّد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام الأمر بقراءة سورة من القرآن في الخطبة الأُولى ، وأنّه يقول في الثانية (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) (٥) و (٦) إلى آخره.
واستدلّ بها في الذكرى على الاجتزاء بآية (٧). وقد عرفت أنّها لا تدلّ عليه في الخطبتين ، إلا أن يقال : الاكتفاء بها في إحداهما يستلزم الاكتفاء بها فيهما ؛ لعدم القائل بالفرق.
ويجب في الخطبتين أُمور أُخر :
النيّة على وجهها ؛ لأنّها عبادة واجبة ، فلا بدّ فيها من النيّة ، كالصلاة. وقد نبّه عليه المصنّف في النهاية (٨).
وفي كونها شرطاً فيهما أو واجباً لا غير نظر.
وكونهما بالعربيّة ؛ للتأسّي ، فلا تجزئ الترجمة اختياراً.
ولو لم يفهم العدد العربيّةَ ، ففي جوازهما بها وجهان : من تعارض التأسّي والغرض وهو الإفهام. والظاهر أنّ الثاني مقدّم.
ويجب على الخطيب والسامع تعلّم ما لا بدّ منه في الخطبتين من العربيّة ؛ لتوقّف الواجب المطلق عليه ، والترتيبِ بين أجزاء الخطبة الواجبة ، فيقدّم الحمد ثمّ الصلاة ثمّ الوعظ ثمّ القراءة ، فلو أخلّ به ، استأنف على ما يحصل معه الترتيب مع عدم فوات
__________________
(١) الرحمن (٥٥) : ٦٤.
(٢) الأعراف (٧) : ١٢٠.
(٣) الزخرف (٤٣) : ٧٧.
(٤) صحيح مسلم ٢ : ٥٩٤ ٥٩٥ / ٨٧١.
(٥) النحل (١٦) : ٩٠.
(٦) الكافي ٣ : ٤٢٢ ٤٢٤ / ٦.
(٧) الذكرى ٤ : ١٣٨.
(٨) نهاية الإحكام ٢ : ٣٧.