وظاهر هذا الخبر مخالف للخبر المتقدّم إلا أنّه ليس في قوّته ؛ لصحّة الأوّل ، وفي سند الثاني : الحكم بن مسكين ، وهو مجهول الحال.
وجمع الشيخ بينهما بحمل خبر السبعة على الوجوب العيني ، والخمسة على الوجوب التخييري (١) ، واستحسنه في الذكرى ، وحمل الوجوب المنفي عن أقلّ من السبعة في خبرها على الوجوب الخاصّ ، أعني العيني ، لا مطلق الوجوب (٢).
وقد عرفت أنّه لا تعارض ؛ لعدم التكافؤ ؛ لأنّ غاية الثاني كونه قويّاً ، وهو لا يعارض الصحيح.
(و) ثالثها (الجماعة) فلا تنعقد فرادى وإن حضر العدد إجماعاً.
وتتحقّق الجماعة بنيّة المأمومين الاقتداء بالإمام ، فلو أخلّوا بها أو أحدهم ، لم تصح صلاة المخلّ.
ويعتبر في انعقاد الجمعة نيّة العدد المعتبر.
وهل تجب نيّة الإمام لها؟ قيل : نعم ؛ لظاهر قوله عليهالسلام : «وإنّما لكلّ امرئ ما نوى» (٣).
ولاعتبار الجماعة في صلاته ولا تتحقّق من قِبَله إلا بنيّتها ؛ لعدم وقوع عمل بغير نيّة ، ومن ثَمَّ لا ينال فضيلة الجماعة في غير الجمعة إلا بها (٤).
وفي دلالة الخبر على المطلوب نظر. والدليل الثاني في حيّز المنع ، وهو عين المتنازع. ولا ريب أنّ اعتبار نيّته أحوط.
وكيف قلنا لا يؤثّر ترك نيّته في بطلان الصلاة.
وهذان شرطان في الابتداء لا في الاستدامة ؛ لما سيأتي من إتمام الإمام الجمعة لو انفضّ العدد بعد التلبّس.
(و) رابعها (الخطبتان) قبل الصلاة وبعد دخول وقتها على المشهور ، الكائنتان (من قيام) فلا يجزئ فعلهما من جلوس مع القدرة إجماعاً ، وتأسّياً بالنبيّ ، فتبطل صلاته وصلاة مَنْ علم حاله من المأمومين ، دون مَنْ لم يعلم ، ويبنى على ظاهر حال المسلم لو
__________________
(١) كما في الذكرى ٤ : ١٠٧ ؛ وجامع المقاصد ٢ : ٣٨٣.
(٢) الذكرى ٤ : ١٠٧.
(٣) صحيح البخاري ١ : ٣ / ١ ؛ سنن أبي داوُد ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ؛ سنن البيهقي ١ : ٤٤٥ / ١٤٢٢.
(٤) قال به المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٤٠٥ ٤٠٦.