الأمرين : الجمعة مع الإمكان ، والظهر مع تعذّرها ، فإذا فات وقت الجمعة ، صُلّيت الوظيفة ظهراً. وفي بعض العبارات أنّها مع الفوات تقضى ظهراً. وأراد بالقضاء معناه اللغوي ، وهو الإتيان ، كما في قوله تعالى (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) (١).
(ولا تجب) الجمعة (إلا بشروط) سبعة :
أحدها (الإمام العادل أو مَنْ يأمره) على الخصوص. وهو مع حضوره موضع وفاق ، وهو أوضح الحجّة على ذلك. وسيأتي الكلام على هذا الشرط في حال الغيبة.
واحتجّ عليه أيضاً بأنّ النبيّ كان يعيّن لإمامة الجمعة وكذا الخلفاء بعده كما يعيّن للقضاء ، وكما لا يصحّ أن ينصب الإنسان مع حضور الإمام نفسه قاضياً من دون إذنه ، فكذا إمامة الجمعة. وبأنّ اجتماع الناس مظنّة التنازع ، والحكمة تقتضي نفيه ، ولا يحصل إلا بالإمام العادل ؛ إذ الفاسق تابع في أفعاله لهواه لا لمقتضى الشرع ، وليس محلّا للأمانة.
ولا يخفى ما في هذه الأدلّة.
وثانيها : العدد (و) هو (حضور أربعة معه) أي مع الإمام ، فلا تنعقد بأقلّ من ذلك إجماعاً ، ولا يشترط أزيد منه على المشهور ؛ اقتصاراً في تقييد إطلاق الآية على موضع الوفاق.
ولصحيحة منصور عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد ، فإن كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم» (٢).
وذهب الشيخ (٣) وجماعة (٤) إلى اشتراط ستّة معه ؛ لرواية محمّد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام قال : «تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ، ولا تجب على أقلّ منهم : الإمام ، وقاضيه ، والمدّعي حقّا ، والمدّعى عليه ، والشاهدان ، والذي يضرب الحدود بين يدي الإمام» (٥).
__________________
(١) الجمعة (٦٢) : ١٠.
(٢) التهذيب ٣ : ٢٣٩ / ٦٣٦ ؛ الإستبصار ١ : ٤١٩ / ١٦١٠.
(٣) النهاية : ١٠٣ ؛ المبسوط ١ : ١٤٣.
(٤) منهم : القاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ١٠٠ ؛ والسيّد ابن زهرة في الغنية : ٩٠ ؛ وابن حمزة في الوسيلة : ١٠٣.
(٥) التهذيب ٣ : ٢٠ ٢١ / ٧٥ ؛ الاستبصار ١ : ٤١٨ ٤١٩ / ١٦٠٨.