ولو اتّفق كونه متطهّراً خالياً ثوبه وبدنه ومكانه من نجاسة ، عالماً بالقبلة ونحو ذلك ، كان وقته قدر أداء الصلاة خاصّة حتى لو فرض كون المكلّف في حال شدّة الخوف وقد دخل عليه الوقت جامعاً للشرائط ، فوقت الاختصاص بالنسبة إليه مقدار صلاة ركعتين عوض كلّ ركعة تسبيحات أربع. ولو فرض سهوه عن بعض الواجبات ، فإن كان ممّا يتلافى ، فوقت تلافيه من وقت الاختصاص.
(ثمّ) بعد مضيّ هذا المقدار من الزوال (تشترك) الظهر في الوقت (مع العصر) بمعنى إمكان صحّة العصر قبل الظهر في هذا الوقت. ويتّفق ذلك فيما لو صلّى العصر قبل الظهر ناسياً ، فإنّها تصحّ إذا وقعت أو بعضها في الوقت المشترك ، ويصلّي الظهر بعدها ، كما سيأتي.
ويستمرّ الاشتراك من مضيّ مقدار أداء الظهر كما ذُكر (إلى أن يبقى للغروب مقدار أداء العصر) على الوجه المتقدّم (فتختصّ) العصر (به) فلو لم يكن صلّى الظهر قبل ذلك ، بقيت قضاءً بعد أن يصلّي العصر في المختصّ بها.
نعم ، لو أدرك من آخر الوقت قدر خمس ركعات ، زاحم بالظهر.
والقول بالاختصاص على الوجه المذكور هو المشهور بين الأصحاب.
ويرشد إليه ظاهرُ قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) (١) فإنّ ضرورة الترتيب تقتضي الاختصاص.
وروايةُ داوُد بن فرقد المرسلة عن الصادق عليهالسلام «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلّي أربع ركعات ، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر» (٢).
وفي دلالة الآية نظر ، والخبر مرسل.
وذهب ابنا بابويه إلى اشتراك الوقت من أوّله إلى آخره بين الفريضتين إلا أنّ هذه قبل هذه (٣).
__________________
(١) الإسراء (١٧) : ٧٨.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٥ / ٧٠ ؛ الاستبصار ١ : ٢٦١ / ٩٣٦.
(٣) المقنع : ٩١ ؛ الفقيه ١ : ١٣٩ / ٦٤٧ و ١٤٠ / ٦٤٨ ؛ ونسبه إلى ابني بابويه الشهيد في الذكرى ٢ : ٣٢٣ ؛ والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٤.