القراءة. وقريب منه ما لو قدر على متابعة غيره في القراءة. وأولى منه لو أمكنه القراءة من المصحف ، فيجب تحصيله ولو بشراء أو استئجار أو استعارة. ولو افتقر إلى تقريب سراج ، وجب وإن افتقر إلى عوض ، كلّ ذلك من باب المقدّمة.
وهل يكفي ذلك مع إمكان التعلّم؟ نظر : من حصول الفرض ، وهو القراءة في الصلاة ، ومن أنّ المتبادر إلى الفهم من وجوب القراءة كونها عن ظهر القلب ، وللتأسّي بالنبيّ والأئمّة عليهمالسلام. ولأنّ مَنْ يقرأ من المصحف بمعرض بطلان الصلاة إمّا بذهاب المصحف من يده أو بعروض ما لا يعلمه أو شكّ في صحّته ونحو ذلك ، وعروض ما يبطل صلاة الإمام أو ما يمنع من الاقتداء به في الأثناء ، فيفتقر المأموم إلى بطلان الصلاة ، وهو الوجه.
وتُحمل رواية الحسن الصيقل عن الصادق عليهالسلام في المصلّي يقرأ في المصحف يضع السراج قريباً منه ، قال : «لا بأس» (١) على الضرورة ، أو على صلاة النافلة.
(والأخرس يحرّك لسانه) بها مهما أمكن ، ويشير بإصبعه ، كما مرّ في التكبير (ويعقد قلبه بها) بأن ينوي كونها حركة قراءة ، وهو المراد من قولهم : «يعقد قلبه بمعناها» كما تقدّم في التكبير ؛ إذ لا يجب على غير الأخرس تعلّم معنى الحمد والسورة فضلاً عنه.
وفي الذكرى أنّه لو تعذّر إفهامه جميع معانيها ، افهم البعض وحرّك لسانه به ، وأُمر بتحريك اللسان بقدر الباقي تقريباً وإن لم يفهم معناه مفصّلاً. قال : وهذه لم أر فيها نصّاً (٢).
ومقتضى كلامه وجوب فهم معاني القراءة مفصّلاً ، وهو مشكل ؛ إذ لا يعلم به قائل ، ولا يدلّ عليه دليل في غير الأخرس فضلاً عنه ، بل الأولى تفسير عقد القلب بما قلناه. وكذا القول في جميع أذكاره.
ويمكن أن يريد بفهم المعاني فهم ما يحصل به التمييز بين ألفاظ الفاتحة ليتحقّق القصد إلى أجزائها جزء جزء مع الإمكان ، فلا يكفي قصد مطلق القراءة للقادر على فهم ما به يتحقّق القصد إلى الأجزاء. وهو حسن.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٩٤ / ١١٨٤.
(٢) الذكرى ٣ : ٣١٣.