ولو لم يحسن شيئاً من القرآن أصلاً (سبّح الله تعالى وهلّله وكبّره) لأمر النبيّ الأعرابي الجاهل بالقرآن بذلك (١).
وقوله (بقدر القراءة) يقتضي وجوب تكراره بقدر الحمد والسورة ، وقد تقدّم أنّ السورة لا يعوّض عنها.
وفي الذكرى صرّح بكون الخلاف في وجوب مساواته للفاتحة أو الاجتزاء بما هو أقلّ من ذلك ، واختار فيها وجوب ما يجزئ في الأخيرتين ، وهو : سبحان الله ، إلى آخره ؛ لأنّه قد ثبت بدليّته عن الحمد في الأخيرتين ، فلا يقصر بدل الحمد في الأُوليين عنهما. ونَقَل القول به أيضاً عن بعض الأصحاب (٢).
وفي المعتبر اجتزأ بمدلول الخبر النبوي مرّة ؛ لإطلاق الأمر ، واستحبّ تكراره بقدر القراءة (٣).
ومختار الذكرى متّجه ، وتكراره بقدر الحمد أحوط.
ولو لم يحسن الذكر ، قال المصنّف في النهاية : وجب أن يقوم بقدر الفاتحة ثمّ يركع ؛ إذ لا يلزم من سقوط واجب سقوط غيره (٤).
وهو حسن ، إلا أنّه فرض بعيد جدّاً ؛ إذ البحث في ذلك مع مكلّفٍ قد علم جميع ما يجب عليه تعلّمه وهو شرط في صحّة الصلاة من الأُصول الخمسة ومعرفة أفعال الصلاة غير القراءة وقد أخذها على وجه يجزي الأخذ به من الاجتهاد أو التقليد لأهله ، ومع العلم بهذه الأُمور كيف يتصوّر عدم علمه بالقراءة والذكر معاً!؟ لكن هذه طريقتهم في فرض المسائل وتفريع الفروع وإن لم تقع عادةً.
وعلى تقدير وقوع ذلك يصلّي على الوجه المذكور مع ضيق الوقت (ثمّ يتعلّم) بعد ذلك.
ولو قدر في حال العجز عن القراءة أو بعضها على الائتمام بغيره ، وجب ؛ لتحمّله عنه
__________________
(١) سنن أبي داوُد ١ : ٢٢٠ / ٨٣٢ ؛ سنن النسائي ٢ : ١٤٣ ؛ سنن الدارقطني ١ : ٣١٣ ٣١٤ / ١ ٣ ؛ سنن البيهقي ٢ : ٥٣٢ ٥٣٣ / ٣٩٧٧ ٣٩٧٩.
(٢) الذكرى ٣ : ٣٠٦.
(٣) المعتبر ٢ : ١٧١.
(٤) نهاية الإحكام ١ : ٤٧٥.