وأخرجه الدليل ، فيبقى الباقي ، ولا دليل على الاكتفاء ببعض الفاتحة.
ثمّ إن علم غيرها من القرآن ، فهل يعوّض عن الفائت بتكرار ما يعلمه من الفاتحة بحيث يساويها ، أم يأتي ببدله من سورة أُخرى؟ قولان ، واختار المصنّف في التذكرة (١) الأوّل ؛ لأنّ أبعاضها أقرب إليها من غيرها. والثاني مختاره في النهاية (٢) ؛ لأنّ الشيء الواحد لا يكون أصلاً وبدلاً.
وعلى هذا فهل يراعى في البدل المساواة في الآيات أم في الحروف؟ قيل بالأوّل (٣) ، فيجب إكمال سبع آيات ، سواء كانت أطول أم أقصر ؛ لمراعاة العدد في قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) (٤) وكما لو فاته صوم يوم ، فإنّه يقضى بيوم ، سواء اتّفقا في الطول والقصر أم اختلفا.
والمشهور : الثاني ؛ لاعتبار الحروف في الفاتحة ، فكذا في بدلها. وللقطع بالمساواة معه ، بخلاف الأوّل.
ثمّ إن أحسنها متواليةً ، لم يجز العدول إلى المتفرّقة ، فإنّ المتوالية أشبه بالفاتحة. فإن لم يُحسنها متواليةً ، أتى بها متفرّقةً.
وتجب مراعاة الترتيب ، فإن علم الأوّل ، أخّر البدل ، أو الآخر قدّمه ، أو الطرفين وسّطه ، أو الوسط حفّة بالبدل ، وهكذا.
(ولو) لم يعلم غيرها من القرآن ، قيل : يقتصر على ما علمه منها ، ويأتي بالذكر بدل الباقي (٥) ؛ لما تقدّم.
وقيل : يجب تكرار ما يعلمه بقدرها ؛ لأنّه أقرب إليها من الذكر (٦).
فإن (لم يحسن شيئاً) من الفاتحة ، قرأ من غيرها بقدرها ، كما مرّ ، ثمّ قرأ السورة. فإن لم يحسن إلا سورة واحدة ، عوّض بها الحمد ثمّ كرّرها عن السورة ، قاله في الذكرى (٧).
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٣ : ١٣٧ ١٣٨.
(٢) نهاية الإحكام ١ : ٤٧٥.
(٣) تذكرة الفقهاء ٣ : ١٣٦ ؛ نهاية الإحكام ١ : ٤٧٣.
(٤) الحجر (١٥) : ٨٧.
(٥) انظر : مفتاح الكرامة ٢ : ٣٦٩ ٣٧٠.
(٦) انظر : مفتاح الكرامة ٢ : ٣٦٩ ٣٧٠.
(٧) الذكرى ٣ : ٣١٠.