أو لوجه وجوبه من الشكر والأمر واللطف.
ومع ذلك فقد استشكل بعضهم (١) إعراب الألفاظ المشهورة المعدّة لها من حيث إنّ اللام في «لوجوبه» للتعليل بالعلّة الغائيّة ، و «قربة» منصوب على المفعول له ، فيتعدّد المفعول له من غير توسّط حرف العطف ، وذلك ممتنع ؛ إذ لا يقال : «جئتك رهبةً رغبةً» ونحوه.
واعتذر بعضهم عنه : بأنّ الوجوب غاية لما قبله ، والتقرّب غاية للوجوب ، فتتعدّد الغاية بحسب تعدّد المغيّا ، فاستغنى عن الواو (٢).
وهو عذر فاسد ؛ فإنّ القربة إنّما هي غاية الفعل المتعبّد به ، لأنّه إنّما فعل لأجلها لا الوجوب.
وأيضاً فشرط المفعول له كونه فعلاً لفاعل الفعل المعلّل به ، وفاعل القربة هو المكلّف ، وليس هو فاعل الوجوب المعلّل بالقربة ، بل فاعل الوجوب هو الله تعالى ، وإنّما المكلّف فاعل الواجب ، وأحدهما غير الآخر ، فلا تكون القربة إلا غايةً للفعل ، وفاعلهما واحد ، وهو المكلّف.
والحقّ منع تعدّد المفعول لأجله هنا ؛ لأنّ المجرور باللام ليس مفعولاً لأجله ، كما لا يخفى. ولو سلّم ، منعنا وجوب توسّط حرف العطف لفظاً ، بل حذفه جائز اقتراحاً ، قاعدة مطّردة ، كما نقله ابن هشام في المغني ، وجَعَل منه قول الحطيئة :
إنّ امرءاً رهطُهُ بالشّامِ مَنْزِلُهُ |
|
لله بِرَمْلِ يَبْرِينَ جاراً شذّ ما اغْتَرَبا |
أي : ومنزله برمل يبرين.
وحكى عن أبي زيد «أكلت خبزاً لحماً تمراً» بتقدير الواو.
قال : وحكى أبو الحسن «أعطه درهماً درهمين ثلاثةً» بإضمار «أو» وخرّج على ذلك قوله تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) (٣) عطفاً على (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) (٤) وقوله :
__________________
(١) انظر : الذكرى ٣ : ٢٤٦.
(٢) كما في الذكرى ٣ : ٢٤٧.
(٣) الغاشية (٨٨) : ٨.
(٤) الغاشية (٨٨) : ٢.