تعالى ، فالنيّة أمر واحد ، وهو القصد ، والباقي مميّزات المقصود ، لا أجزاء للنيّة.
فقول المصنّف (ويجب أن يقصد فيها تعيين الصلاة) من كونها ظهراً أو عصراً مثلاً (والوجه) الواقعة عليه من كونها واجبةً أو مندوبة (والتقرّب) بها إلى الله تعالى قرب الشرف والرفعة بواسطة نيل الثواب المترتّب على فعلها على الوجه المأمور به (والأداء) وهو فعلها في الوقت المحدود لها شرعاً (والقضاء) وهو فعل مثل الفائت في غير وقته غير واضح في أداء المعنى المقصود من النيّة ، فإنّها ليست القصدَ إلى التعيين والوجه وغيرهما ، بل إلى الفعل المعيّن الموصوف بالصفات الباقية ، فمتعلّق النيّة ليس هو هذه المصادر المعيّنة ، بل الفعل الموصوف بها ، وهو المعيّن المؤدّى الواجب.
وأمّا التقرّب : فإن جعل مميّزاً للمقصود كما هو ظاهر العبارة في تقديمه على الأداء والقضاء مع كونهما مميّزين قطعاً كان الكلام فيه كما تقدّم ، وتوقّفت صحّة النيّة على تقرّبٍ آخر بعد القصد إلى فعل الموصوف بالصفات المذكورة يكون غاية الفعل المتعبّد به ، ولا يغني جَعْله مميّزاً عن جَعْله غايةً.
وإن أراد به التقرّب المجعول غايةً ، فتقديمه في الذكر على الأداء والقضاء ليس بجيّد وإن كانت الواو لا تقتضي الترتيب عند المحقّقين.
وقد تلخّص من ذلك أنّ الواجب في النيّة إحضار الصلاة في الذهن وتمييزها بكونها ظهراً مثلاً أداءً واجبةً ، ثمّ يوقع النيّة على هذا المعلوم بأن يقصد فعله لله تعالى. والعبارة عنه «صلاة الظهر الواجبة المؤدّاة أفعلها قربةً إلى الله» وعلى ترتيب النيّة المعهود «أُصلّي فرض الظهر أداءً قربةً إلى الله» ولا يضرّ تقديم القصد وهو «أُصلّي» لفظاً ؛ لأنّه متأخّر معنىً ، والمجوّز لذلك أنّ مدلولات هذه الألفاظ تجتمع في الذهن دفعةً واحدة ، فلا فرق فيها بين المتقدّم في اللفظ والمتأخّر.
ومن هنا يُعلم أنّه لا ترتيب بين هذه الألفاظ ، بل ما يقع منه فإنّما هو لضرورة التعبير عنه ، ولا يجب الجمع بين الوجوب المميّز والمجعول غايةً ، كما في النيّة المشهورة المزاد فيها عمّا ذكرنا قوله : «لوجوبه» قبل القربة ، بل يكفي الوجوب المميّز عن الغائيّ دون العكس.
وأمّا القربة فهي الغاية الحقيقيّة للفعل ، فلا يحتاج معه إلى غاية أُخرى وإن كان الجمع بينهما أحوط موافقةً للمشهور ورعايةً لما يقوله المتكلّمون من أنّه يجب فعل الواجب لوجوبه