ركوع القائم إليه منتصباً ، فيجعل المائل من شخصه في ركوعه قاعداً كالمائل منه قائماً.
ويحتمل جَعْله على وجه تكون النسبة بينه وبين السجود كنسبة ركوع القائم إلى سجوده باعتبار أكمل الركوع وأدناه ، فإنّ أكمل ركوع القائم انحناؤه إلى أن يستوي ظهره وعنقه ، وتحاذي جبهته موضع سجوده حينئذٍ. وأدناه انحناؤه إلى أن تصل كفّاه ركبتيه فيحاذي وجهه أو بعضه ما قدّام ركبتيه ، ولا يبلغ محاذاة موضع السجود ، فإذا رُوعيت هذه النسبة في حال القعود ، كان أكمل ركوع القاعد أن ينحني بحيث تحاذي جبهته موضع سجوده. وأدناه أن يحاذي وجهه ما قدّام ركبتيه من الأرض ، وهو قريب من الأوّل.
واختار الشهيد (١) رحمهالله مع ذلك رفع فخذيه عن الأرض وعن ساقيه ؛ لوجوب ذلك في حال القيام ، والأصل بقاؤه ؛ إذ لا دليل على اختصاص وجوبه بحالة القيام.
وفيه نظر ؛ لأنّ ذلك في حال القيام غير مقصود ، وإنّما حصل تبعاً للهيئة الواجبة في تلك الحالة ، وهي منتفية هنا. ولانتقاضه بإلصاق بعض بطنه بفخذيه في حال الركوع جالساً زيادةً على ما يحصل منه في حالته قائماً ، ولم يقل بوجوب مراعاة ذلك هنا بحيث تجافى بطنه على تلك النسبة.
نعم ، لو قدر على الارتفاع زيادةً عن حالة الجلوس ودون الحالة التي يحصل بها مسمّى الركوع وأوجبناه تحصيلاً للواجب بحسب الإمكان ، ولأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، اتّجه وجوب رفع الفخذين في صورة النزاع ، إلا أنه لا ينحصر الوجوب فيما به تحصل مجافاتهما عن الساقين والأرض ، بل يجب ما أمكن من الرفع. وفي وجوب ذلك كلّه نظر.
وأمّا السجود فلا فرق بينه وبين القادر على القيام ، وكما يجب الاستقلال بالقيام ، كذا يجب بالقعود ، فلا يجوز الاعتماد على شيءٍ ، كما مرّ. ويجب تحصيل المساعد عند تعذّر الاستقلال من باب المقدّمة. وكذا القول في باقي المراتب.
(فإن عجز) عن القعود مطلقاً (اضطجع) على أحد جانبيه ، ويجعل وجهه إلى القبلة كالملحود.
__________________
(١) الدروس ١ : ١٦٨.