وهو اختيار المصنّف (١) ، فلا يحتاج إلى تكلّف البحث عن التلازم بين القيام والمشي غالباً.
ورجّح في الذكرى الجلوسَ في هذه الصورة ؛ محتجّاً بأنّ الاستقرار ركن في القيام ؛ إذ هو المعهود من صاحب الشرع (٢).
والخبر حجّة عليه. وكون الاستقرار واجباً في القيام لا يستلزم تقديم الجلوس على القيام بدونه ، فإنّ المشي يرفع وصف القيام ، وهو الاستقرار ، والجلوس يرفع أصله ، وفوات الوصف خاصّة أولى من فوات الموصوف ، ومن ثَمَّ اتّفق الجماعة على أنّ مَنْ قدر على القيام معتمداً على شيء وجب مقدّماً على الجلوس مع فوات وصف القيام ، وهو الاستقلال.
نعم ، بالغ المصنّف ، فرجّح القيام ماشياً مستقِلا عليه مع المعاون.
ويضعّف بأنّ الفائت على كلّ تقدير وصف من القيام أحدهما : الاستقرار ، والآخر : الاستقلال ، فلا وجه لترجيح الثاني.
نعم ، يتّجه ترجيح الأوّل ؛ لما تقدّم في حجّة ترجيح القعود على المشي ؛ إذ لا معارض لها هنا. ولأنّه أقرب إلى هيئة المصلّي ، فظهر من ذلك أنّ التفصيل أجود من إطلاق المصنّف ترجيح المشي عليهما ، وإطلاقِ الشهيد القول بترجيحهما عليه.
(فإن عجز) عن القيام في جميع هذه التقادير (قعد) ويتحقّق العجز المسوّغ له بحصول الألم الشديد الموجب للتضيّق على النفس بحيث لا يتحمّل عادة ، لا العجز الكلّيّ. وكذا القول في باقي المراتب.
ولا يختصّ القعود بكيفيّة وجوباً ، بل يقعد كيف شاء.
نعم ، الأفضل أن يتربّع قارئاً بأن يجلس على ألييه ، وينصب ساقيه وفخذيه ، كما تجلس المرأة في الصلاة ، ويثنّي رجليه راكعاً بأن يفرشهما تحته ويقعد على صدورهما بغير إقعاء ، ويتورّك بين السجدتين بأن يجلس على وركه الأيسر ويخرج قدميه من تحته ويجعل ظاهر الأيمن على باطن الأيسر.
ويجب الانحناء للركوع قاعداً بحيث تصير نسبة انحنائه إلى القاعد المنتصب كنسبة
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٣ : ٩٢.
(٢) الذكرى ٣ : ٢٦٨.