تحريم الاستناد.
واعلم أنّ الاستقلال استفعال من الإقلال بالشيء ، وهو القدرة عليه والاستبداد به. والمراد به هنا إيجاد الفعل لا طلبه ، كما هو الغالب في باب الاستفعال. وجاء من غير الغالب «استوقد ناراً» أي : «أوقد». ومنه «استقرّ» بمعنى «قرّ» وقد تقدّم الكلام فيه مرّة أُخرى.
ويجب مع الاستقلال نصب فقار الظهر بفتح الفاء ، وهي عظامه المنتظمة في النخاع التي سمّى خرز الظهر ، جمع فقرة بكسرها ، فيخلّ به الميل إلى اليمين واليسار بحيث لا يعدّ منتصباً عرفاً ، دون إطراق الرأس.
وكذا يجب الاعتماد على الرِّجْلين معاً في حال القيام ، فلا تجزئ الواحدة ، وفاقاً للذكرى (١) ، وتأسّياً بالنبيّ والأئمّة عليهمالسلام. وأن لا تتباعدا بما يخرج عن حدّ القيام عرفاً.
(فإن عجز) عن القيام مستقِلا (اعتمد) على شيء ولو بأُجرة إذا كانت مقدورة ؛ لأنّه من باب مقدّمة الواجب المطلق. ولا فرق بين الاعتماد على الآدمي وغيره.
ولا تعتبر القدرة على القيام في جميع القراءة ، بل يأتي بالممكن منه. ولا القدرة على الركوع والسجود ، بل لو أمكن القيام من دونهما ، وجب ، ثمّ يأتي بما قدر منهما ، فإن تعذّرا ، أومأ بالرأس ثمّ بالعينين. ولا القدرة على المشي ، بل لو أمكن القيام من دونه ، وجب ؛ لأنّه المقصود الذاتي.
وربما قيل باشتراطه ؛ لرواية سليمان المروزي عن الكاظم عليهالسلام «المريض إنّما يصلّي قاعداً إذا صار إلى الحال التي لا يقدر فيها على المشي مقدار صلاته» (٢).
وحملها الشهيد رحمهالله على مَنْ يتمكّن من القيام إذا قدر على المشي ؛ للتلازم بينهما غالباً. قال : فلا يرد جواز انفكاكهما (٣).
وفيه نظر ؛ لأنّه تخصيص للعامّ من غير ضرورة ، مع أنّ الرواية تدلّ على أنّ مَنْ قدر على القيام ماشياً لا يصلّي جالساً بمعنى أنّ القيام غير مستقرّ مرجّح على القعود مستقرّاً ،
__________________
(١) الذكرى ٣ : ٢٧٠.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٥٧ / ٧٦١ ؛ الاستبصار ٢ : ١١٤ / ٣٧٣.
(٣) الذكرى ٣ : ٢٦٧.