كالوقوف بعرفة ، فإنّه من حيث هو كلّيّ ركن ، ومن حيث الاستيعاب واجب لا غير.
فإن قيل : على تقدير اتّصاله بالركوع لا تتصوّر زيادته ونقصانه لا غير حتى ينسب بطلان الصلاة إليه ، فإنّ الركوع ركن قطعاً ، وهو إمّا مزيد أو ناقص ، وكلاهما مبطل من حيث الركوع ، فلا فائدة في إطلاق الركنيّة على القيام.
قلنا : استناد البطلان إلى مجموع الأمرين غير ضائر ؛ فإنّ علل الشرع معرّفات للأحكام ، لا علل عقليّة ، فلا يضرّ اجتماعها. ومثله الحكم ببطلان الصلاة بسبب إيقاع التكبير جالساً ، كما سيأتي ، مع أنّ ذلك يستدعي وقوع النيّة كذلك.
وحيث قد نقل المصنّف الاتّفاق على ركنيّة القيام (١) ولم تتحقّق ركنيّته إلا بمصاحبة الركوع خصّت بذلك ؛ إذ لا يمكن القول بعد ذلك بأنّه غير ركن مطلقاً ؛ لأنّه خلاف الإجماع ، بل لو قيل بأنّ القيام ركن مطلقاً ، أمكن. وعدم بطلان الصلاة بزيادة بعض أفراده ونقصها لا يُخرجه عن الركنيّة ، فإنّ زيادته ونقصانه قد اغتفرا في مواضع كثيرة ؛ للنصّ ، فليكن هذا منها ، بل هو أقوى في وضوح النصّ.
(ويجب) في القيام (الاستقلال) وهو الاستبداد به من غير معاون بمعنى أن يكون غير مستند إلى شيء بحيث لو أُزيل السناد سقط ، فلا يجزئ القيام من دونه ؛ لقول الصادق عليهالسلام : «لا تستند إلى جدار وأنت تصلّي إلا أن تكون مريضاً» (٢).
وقد روى عليّ بن جعفر عن أخيه موسى ، قال : سألته عن الرجل هل له أن يستند إلى حائط المسجد وهو يصلّي أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير مرض ولا علّة؟ فقال : «لا بأس» (٣).
وهو حجّة أبي الصلاح حيث ذهب إلى كراهة الاعتماد على ما يجاور المصلّي من الأبنية (٤).
والأولى حمله على استناد لا يصل إلى الحيثيّة المتقدّمة ؛ جمعاً بينه وبين ما دلّ على
__________________
(١) منتهى المطلب ٥ : ٨.
(٢) التهذيب ٣ : ١٧٦ / ٣٩٤.
(٣) الفقيه ١ : ٢٣٧ / ١٠٤٥ ؛ التهذيب ٢ : ٣٢٦ ٣٢٧ / ١٣٣٩.
(٤) الكافي في الفقه : ١٢٥.