(و) كذا تكره (التعلية) للمساجد ، بل تبنى وسطاً ؛ اقتداءً بالسلف. ولأنّ فيه اطّلاعاً على عورات المجاورين له (١) ، وقد روي أنّ مسجد النبيّ كان قامة (٢).
(و) كذا تكره (المحاريب الداخلة) في الحائط كثيراً أو في المسجد.
أمّا الأوّل : فذكره جماعة (٣) من الأصحاب منهم المصنّف (٤).
وأمّا الثاني : فهو الظاهر من الرواية الدالّة على الكراهة ، وهي أنّ عليّاً كان يكسر المحاريب إذا رآها في المساجد ويقول : «كأنّها مذابح اليهود» (٥).
ويجب تقييد كراهتها بالمعنى الثاني بسبقها على المسجديّة ، وإلا حرمت.
(وجَعْلها طريقاً) بحيث لا يلزم تغيّر صورة المسجد ولا الإضرار به ، وإلا حرم.
(والبيع فيها والشراء ، وتمكين) الصبيان و (المجانين) منها ؛ لقوله عليهالسلام جنّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم (٦). ولأنّ المسجد بُني لغير ذلك. ولأنّه لا يؤمن حصول النجاسة من الصبيان والمجانين.
قال بعض الأصحاب : وينبغي أن يراد بالصبي مَنْ لا يوثق به ، أمّا مَنْ عُلم منه ما يقتضي الوثوق به ؛ لمحافظته على التنزّه من النجاسات ، وأداء الصلوات فإنّه لا يكره تمكينه ، بل ينبغي القول باستحباب تمرينه على فعل الصلاة في المسجد (٧).
(وإنفاذ الأحكام) فيها ؛ لما فيه من الجدال والتخاصم والدعاوى الباطلة المستلزمة للمعصية في المسجد ، المتضاعف بسببه العصيان.
واختار المصنّف في المختلف تبعاً لابن إدريس (٨) وقَبْلهما الشيخ في الخلاف (٩) عدمَ الكراهة ؛ لأنّ أمير المؤمنين حكم في مسجد الكوفة ، وقضى بين الناس بلا خلاف ،
__________________
(١) أي : للمسجد.
(٢) نقله العلامة الحلّي في نهاية الإحكام ١ : ٣٥٨.
(٣) منهم : ابن إدريس في السرائر ١ : ٢٧٩ ؛ والشهيد في البيان : ١٣٥ ؛ والدروس ١ : ١٥٦ ؛ والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٤٦.
(٤) قواعد الأحكام ١ : ٢٩.
(٥) الفقيه ١ : ١٥٣ / ٧٠٨ ؛ التهذيب ٣ : ٢٥٣ / ٦٩٦.
(٦) التهذيب ٣ : ٢٥٤ / ٧٥٢.
(٧) المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٤٩.
(٨) السرائر ١ : ٢٧٩.
(٩) الخلاف ٦ : ٢١٠ ، المسألة ٣.