لكن قد روي أنّ النبيّ ظلّل مسجده ، رواه عبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام قال : «بنى رسول الله صلىاللهعليهوآله مسجده فلمّا اشتدّ الحرّ على أصحابه فقالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فظلّل ، قال : نعم ، فأمر به فأُقيمت فيه سواري من جذوع النخل ثمّ طرحت عليه العوارض (١) والخَصَف (٢) والإذخر فعاشوا فيه حتى أصابتهم الأمطار فجعل المسجد يكف (٣) عليهم ، فقالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فطيّن ، فقال لهم رسول الله : لا ، عريش كعريش موسى ، فلم يزل كذلك حتى قُبض» (٤).
قال في الذكرى : ولعلّ المراد به أعني التظليل المكروه تظليل جميع المسجد أو تظليل خاصّ أو في بعض البلدان ، وإلا فالحاجة ماسّة إلى التظليل لدفع الحرّ والقرّ (٥).
(و) يستحبّ جَعْل (الميضاة) وهي المطهرة للحدث والخبث (على أبوابها) لا في داخلها ؛ لقول النبيّ : «جنّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبيعكم وشراءكم ، واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم» (٦).
ولأنّه لو جعلت داخلها ، لتأذّى الناس برائحتها ، وهو مطلوب الترك.
ومنع ابن إدريس من جَعْل الميضاة في وسطها (٧).
قال في الذكرى : وهو حقّ إن لم تسبق المسجد (٨).
وهذا إذا أُريد بها موضع البول والغائط ، أمّا إذا أُريد بها موضع الوضوء والغسل ، فيكره مطلقاً مع عدم أذى المسجد ؛ لكراهة الوضوء من البول والغائط في المسجد ، وعدم انفكاك المتوضّئين منهما غالباً.
(و) جَعْل (المنارة مع حائطها) لا في وسطها.
__________________
(١) العوارض ، واحدتها : العارضة ، وهي أخشاب توضع على السقف عرضاً إذا أرادوا تسقيفه. تاج العروس ١٨ : ٣٩٠ ، «ع ر ض».
(٢) الخصف : جمع خصفة ، وهي بسط تنسج من سعف النخل ، وأوعية يجعل فيها التمر. تاج العروس ٢٣ : ٢١٤ ، «خ ص ف».
(٣) وكف السقفُ : سال ماء المطر منه. المعجم الوسيط : ١٠٥٤.
(٤) الكافي ٣ : ٢٩٥ ٢٩٦ / ١ ؛ التهذيب ٣ : ٢٦١ ٢٦٢ / ٧٣٨.
(٥) الذكرى ٣ : ١٢٤.
(٦) التهذيب ٣ : ٢٥٤ / ٧٠٢.
(٧) السرائر ١ : ٢٧٩.
(٨) الذكرى ٣ : ١٣٧.