وقال عليهالسلام أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (١). وأمر عليهالسلام أصحابه أن يصلّوا النوافل في بيوتهم (٢).
ونافلة الليل في ذلك آكد ؛ لما في إظهارها من خوف تطرّق الرياء.
ولو رجا بصلاة النافلة في الملإ اقتداء الناس به ورغبتهم في الخير وأمن على نفسه الرياء ونحوه ممّا يفسد العبادة ، لم يبعد زوال الكراهة ، كما في الصدقة المندوبة.
ويؤيّده ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال : «لا بأس أن تحدّث أخاك إذا رجوت أن تنفعه وتحثّه ، وإذا سألك هل قمت الليلة أو صمت؟ فحدّثه بذلك إن كنت فَعَلْتَه فقُلْ : قد رزق الله ذلك ، ولا تقل : لا ، فإنّ ذلك كذب» (٣).
(ويستحبّ اتّخاذ المساجد) استحباباً مؤكّداً.
قال الصادق عليهالسلام : «مَنْ بنى مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنّة» قال أبو عبيدة الحذّاء راوي الحديث عنه عليهالسلام : فمرّ بي أبو عبد الله عليهالسلام في طريق مكة وقد سوّيت أحجاراً لمسجدٍ فقلت : جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذاك ، فقال : «نعم» (٤).
وفي بعض الأخبار «مَنْ بنى مسجداً كمفحص قطاة» (٥) إلى آخره.
والمفحص كمقعد هو الموضع الذي تكشفه القطاة في الأرض وتلينه بجؤجؤها فتبيض فيه. والتشبيه به على طريق التمثيل مبالغةً في الصغر.
ويمكن كون وجه الشبه عدم احتياجه في ثبوت ما يترتّب عليه إلى بناء جدار وغيره ، بل يكفي رسمه ، كما نبّه عليه فعل أبي عبيدة.
ويستحبّ اتّخاذها (مكشوفةً) لما رواه الحلبي قال : سألته عن المساجد المظلّلة يكره القيام فيها؟ قال : «نعم ، ولكن لا يضرّكم الصلاة فيها اليوم ، ولو كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك» (٦).
__________________
(١) المعجم الكبير للطبراني ٥ : ١٤٤ ١٤٥ / ٤٨٩٦.
(٢) صحيح مسلم ١ : ٥٣٩ ٥٤٠ / ٧٨١ ؛ سنن النسائي ٣ : ١٩٨ ؛ سنن البيهقي ٣ : ١٥٥ / ٥٢٣٦ ، مسند أحمد ٦ : ٢٣٢ / ٢١٠٧٢.
(٣) كتاب العلاء بن رزين : ١٥٤.
(٤) الكافي ٣ : ٣٦٨ / ١ ؛ التهذيب ٣ : ٢٦٤ / ٧٤٨.
(٥) الفقيه ١ : ١٥٢ / ٧٠٤.
(٦) التهذيب ٣ : ٢٥٣ / ٦٩٥.