بل روي (١) أنّه لا يقبل غيرها ، وأنّ التقوى توجب تضعيف الثواب أو القبول. وقريب منه ما روي عن النبيّ من أنّ أفضل الأعمال الصلاة لوقتها (٢). وروى عنه عليهالسلام أنّ أفضل الأعمال برّ الوالدين (٣). وروى عنه أنّ أفضله الجهاد في سبيل الله (٤) ، إلى غير ذلك.
وقد نزّله المحقّقون على اختلاف ذلك باختلاف الأشخاص السائلين ، فإنّهُ طبيب النفوس ، فيعطي كلّ مريض ما يوافقه من الدواء ويميله إلى الشفاء.
وعن الخامس : أنّ الألفَ ألف صلاة منها ألف في مسجد النبي صلىاللهعليهوآله ، والباقي في غيره ، كما يقتضيه الكلام. والمائة الألف المذكورة في الحديث الآخر ليس فيها تعيين موضع الصلاة ، فيمكن أن تقع في أماكن مختلفة الفضيلة بحيث يطابق العدد المذكور في الأوّل ، فإنّ المائة الألف مع إطلاقها كما تحتمل النقصان عن ألف ألفٍ كما هو الظاهر يمكن زيادتها عليها ، كما لو وقعت في مسجد النبيّ ؛ لعدم تعيين مكانها ، فلتحمل على وجهٍ يساوي العدد الآخر توفيقاً بين الأخبار بقدر الإمكان.
ومثله الجواب عن السادس والسابع.
ويجاب عن الأخير أيضاً : بأنّ المساواة في فضيلة الصلاة لا تقتضي المساواة مطلقاً ؛ لجواز اختصاص أحدهما بفضيلة أُخرى لا تتعلّق بالصلاة يصير باعتبارها أفضل من الآخر وإن ساواه بالنسبة إلى الصلاة ، وهذا أمر موجود في الأماكن وغيرها.
وقد تقدّم ما يزيده بياناً ، فإنّ الروضة مثلاً الصلاة فيها بألف أو بعشرة آلاف ، وفي غيرها كذلك ، مع أنّها أفضل ، فلم يلزم من مساواتها لغيرها في مضاعفة عدد الصلاة المساواة في الفضيلة ، والله أعلم بحقائق أحكامه.
(و) صلاة (النافلة في المنزل) وما يقوم مقامه من الأمكنة الساترة للحسّ والشخص أفضل من المسجد ؛ لأنّ فعلها في السرّ أبلغ في الإخلاص وأبعد من الرياء ووساوس الشيطان.
__________________
(١) دعائم الإسلام ١ : ١٥٨.
(٢) صحيح مسلم ١ : ٩٠ / ١٤٠.
(٣) صحيح مسلم ١ : ٩٠ / ١٤٠.
(٤) صحيح مسلم ١ : ٨٩ / ١٣٦.