المسجد الحرام بكذا وفي مسجد النبيّ بكذا (١) فإنّ الزيادة فيه وقعت قبل زمان الصادق عليهالسلام ، فكان ينبغي بيان الحال حذراً من الإجمال الحاصل من تأخير البيان. وإن قلتم بمساواة الزائد للأصل ، لزم منه إلحاق كلّ ما يزاد به حتى لو زِيد في هذا الزمان به شيء ، كان ثواب الصلاة فيه مثلَ ثوابه ، مع أنّه لا يسمّى ذلك المزيد مسجد الحرام ولا مسجد النبيّ إلا بطريق المجاز لا الحقيقة.
ورابعها : أنّ قوله عليهالسلام صلاة في مسجدي كألف في غيره (٢) يدخل في إطلاق «الغير» باقي المساجد والأماكن التي يباح فيها الصلاة والتي تكره فيها وغير ذلك ، فإن كان المضاعفة المذكورة الحاصلة بالصلاة في مسجده متساويةً بالنسبة إلى مطلق الصلاة في غيره ، لزم مساواة الأفضل لغيره والمكروه لغيره ، وذلك غير جائز. وإن كان المراد بالغير مكاناً مخصوصاً ، فلا بدّ من بيانه حذراً من تأخير البيان عن وقت الخطاب.
وخامسها : أنّ الحديث الأوّل دلّ على أنّ الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف ألف صلاة ؛ لأنّه جعل الصلاة فيه بألف في مسجده مع حكمه بأنّ الصلاة في مسجده بألف ، وفي الخبر الثاني جعل الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف ، وذلك يوهم التنافي إلى أن يقوم الدليل بما يصحّح التأويل.
وسادسها : أنّه جعل الصلاة في مسجد النبيّ في الحديث الأوّل بألف وفي الثاني بعشرة آلاف ، والكلام فيه كالكلام فيما قبله.
وسابعها : أنّه جعل الصلاة في مسجده في الحديث الأوّل بألف وجعل الصلاة في مسجد الكوفة بألف ، وذلك يدلّ على تساويهما في الفضل ، وهو خلاف الإجماع ، وقد تقدّم (٣) الحكم بكون مسجد النبيّ أفضل.
ويمكن الجواب عن الأوّل : بأنّ مساواة الصلاة في الكعبة لباقي المسجد في عدد المضاعفة لا تستلزم المساواة في الأفضليّة ؛ لجواز ترتّب الثواب على العدد الحاصل في سائر المسجد أزيد من الثواب المترتّب على العدد الحاصل من الصلاة في الكعبة ، كما تقدّمت
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ٦١٧ ، الهامش (٢).
(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ٦١٧ ، الهامش (١).
(٣) في ص ٦١٦.