وفي نهاية المصنّف أنّ ذات الصلاصل وضجنان والبيداء مواضع خسفٍ ، وكره الصلاة في كلّ موضع خسف به. واحتجّ عليها بأنّ النبيّ لمّا مرّ بالحجر قال لأصحابه : «لا تدخلوا على هؤلاء المعذّبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم» (١) و (٢).
وليس في هذا الحديث دلالة على كراهة الصلاة فيها.
نعم ، روي أنّ عليّاً ترك الصلاة في أرض بابل لذلك حتى عبر الفرات ، وصلّى في الموضع المشهور بعد ما ردّت له الشمس إلى وقت الفضيلة وكانت قد تجاوزته ولمّا تغرب (٣).
(و) كذا تكره الصلاة (بين المقابر من دون حائل) ولو عنزة منصوبة أو معترضة أو ثوباً أو قدر لبنة (أو بُعْد) المصلّي عن القبر (عشرة أذرع) سواء استقبلها أو صلّى بينها.
وخالف في ذلك المفيدُ ؛ حيث منع من الصلاة بدون الحائل والبُعْد (٤) ، وأبو الصلاح حيث حرّمها ، وتردّد في البطلان (٥).
ومستند الجواز : عموم «جُعلت لي الأرض مسجداً» (٦).
وصحيحة عليّ بن يقطين عن الكاظم عليهالسلام وقد سأله عن الصلاة بين القبور ، قال : «لا بأس» (٧).
وأمّا الكراهة : فلأنّ القبور من المواضع العشرة التي نهى الصادق عليهالسلام عن الصلاة فيها في مرسلة (٨) عبد الله بن الفضل.
ولرواية عمّار عنه عليهالسلام قال : سألته عن الرجل يصلّي بين القبور ، قال : «لا يجوز ذلك إلا أن يجعل بينه وبين القبور إذا صلّى عشرة أذرع من بين يديه وعشرة أذرع من خلفه
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ١٦٧ / ٤٢٣ ؛ صحيح مسلم ٤ : ٢٢٨٥ ٢٢٨٦ / ٢٩٨٠ ؛ سنن البيهقي ٢ : ٦٣٣ / ٤٣٦٨ ، المصنّف لعبد الرزّاق ١ : ٤١٥ / ١٦٢٥ ؛ مسند أحمد ٢ : ٧٣ ٧٤ / ٤٥٤٧.
(٢) نهاية الإحكام ١ : ٣٤٧.
(٣) الفقيه ١ : ١٣٠ ١٣١ / ٦١١ ؛ علل الشرائع : ٣٥٢ (الباب ٦١) الحديث ٤.
(٤) المقنعة : ١٥١.
(٥) حكاه عنه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ١٢٤ ١٢٥ ، المسألة ٦٦.
(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٥٩٠ ، الهامش (١).
(٧) التهذيب ٢ : ٣٧٤ / ١٥٥٥ ؛ الاستبصار ١ : ٣٩٧ / ١٥١٥.
(٨) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٦٠٧ ، الهامش (٧ و ٨).