مسلم فانما قطع جذوة من النار (١).
٢٠ ـ عم : اشتهر في الرواية أن المنصور أمر الربيع باحضار أبي عبدالله عليهالسلام فأحضره ، فلما بصربه قال : قتلني الله إن لم أقتلك أتلحد في سلطاني وتبغيني الغوائل ، فقال له أبوعبدالله عليهالسلام : والله ما فعلت ولا أردت ، فإن كان بلغك فمن كاذب ، ولو كنت فعلت لقد ظلم يوسف فغفر ، وابتلي أيوب فصبر ، واعطي سليمان فشكر ، فهؤلاء أنبياء الله ، وإليهم يرجع نسبك ، فقال له المنصور : أجل ارتفع ههنا! فارتفع ، فقال له : إن فلان بن فلان أخبرني عنك بما ذكرت ، فقال : أحضره يا أمير المؤمنين ليوافقني على ذلك ، فأحضر الرجل المذكور فقال له المنصور : أنت سمعت ما حكيت عن جعفر؟ قال : نعم ، قال له أبوعبدالله عليهالسلام : فاستحلفه على ذلك فقال له المنصور : أتحلف؟ قال : نعم فابتدأ اليمين ، فقال أبوعبدالله : دعني يا أمير المؤمنين أحلفه أنا ، فقال له : افعل ، فقال أبوعبدالله للساعي : قل : برئت من حول الله وقوته والتجأت إلى حولي وقوتي لقد فعل كذا وكذا جعفر ، فامتنع منها هنيهة ثم حلف بها ، فما برح حتى اضطرب برجله ، فقال أبوجعفر : جروا برجله فأخرجوه لعنه الله.
قال الربيع : وكنت رأيت جعفر بن محمد عليهماالسلام حين دخل على المنصور يحرك شفتيه فكلما حركهما سكن غضب المنصور حتى أدناه منه ورضي عنه ، فلما خرج أبوعبدالله من عند أبي جعفر ابتعته فقلت له : إن هذا الرجل كان أشد الناس غضبا عليك ، فلما دخلت عليه وحركت شفتيك سكن غضبه فبأي شئ كنت تحركهما؟ قال : بدعا جدي الحسين بن علي عليهماالسلام فقلت : جعلت فداك وما هذا الدعاء؟ قال : يا عدتي عند شدتي ، وياغوثي عند كربتي ، احرسني بعينك التي لا تنام واكفني بركنك الذي لا يرام.
قال الربيع : فحفظت هذا الدعاء ، فما نزلت بي شدة قط فدعوت به إلا فرج الله عني ، قال : وقلت لجعفر بن محمد : لم منعت الساعي أن يحلف بالله تعالى
__________________
(١) نفس المصدر ص ٧٨.