ودليل الوفاء بالعقد ، فإن لم يوجد مرجّح فيحكم بتساقطهما ، كما زعمه بعض ، ولكن يمكن أن يقال بترجيح جانب العقد.
بيان ذلك ؛ أنّه لا إشكال أنّ البيع ذاتا لا يتوقّف على وقوع الشرط وصحّته ، بخلاف الشرط ، فإنّه لمّا كان عبارة عن جعل العلقة بين مضمون العقد والمشروط فيتوقّف على تحقّق المضمون.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ القصد المتعلّق بالعقد المشروط ليس تمام القصد معلّقا عليه ؛ بحيث لا يكون قصد بالنسبة إلى الذات ولو بمرتبة ضعيفة ، بل يمكن دعوى القطع ـ لما يرتكز عليه الأذهان ـ بأنّ القصد المطلق بمرتبة ضعيفة منه إنّما تعلّق بنفس المضمون عند التحليل ، بلا لحاظ الشرط ودخله فيه ، ومرتبته الشديدة تعلّق به مع الشرط.
ولازم ذلك أنّ بفقدان الشرط لا ينتفي القصد رأسا ، فلا مانع من أن يشتمل دليل الوفاء للمضمون كما في كلّي باب تعدّد المطلوب ، ضرورة أنّه بفقدان القيد لا يخرج المقيّد عن أصل الدليل المثبت للحكم ، فلا يبقى لدليل الوفاء بالشرط مورد ؛ لأنّه من أوّل الأمر لمعارضته للعقد سقط ، فليس بطلان مثل هذه الشروط لكونها مخالفا لكتاب الله.
ولا يخفى أنّه لا فرق في هذه الجهة والحكم بصحّة العقد وبطلان الشرط ، بين أن يكون الشرط والالتزام مرتبطا بنفس الإنشاء أو بالمنشإ ، فإنّه وإن كان نفس الإنشاء معلّقا عليه ، إلّا أنّه لا بدّ من التفكيك في دليل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) والالتزام بعدم شموله للقيد ؛ لما عرفت.
__________________
(١) المائدة (٥) : ١.