المحنة النازلة على الأعداء ، وإنّا الطامَّة الكبرى ، أسماؤنا مكتوبة على السماوات فقامت ، وعلى الأرض فانبسطت ، وعلى الرياح فذرت ، وعلى البرق فلمع ، وعلى النور فسطع ، وعلى الرعد فخشع (١) الخبر.
فإن المراد بأسمائهم : صفاتُهم العليا ، فإن الاسم صفة لموصوف (٢) ، كما جاء عن مولانا الرضا عليهالسلام ، والمراد : أنهم سلام الله عليهم لمّا كانوا خُزّان رحمة الله وجوده ، فهم يفيضون على كلّ شيء ما تقبله فطرته من الوجود وكمالاته ، بكمال اختياره بحسب قابليّته. فالجود والوجود واحد ، والقوابل مختلفة ، فاختلف باختلافها ظهوره كاختلاف ألوان الماء وأوضاعه باختلاف أوانيه ، فاللون والوضع [ اللذين ] (٣) حكاهما الماء إنما هما للإناء ، وكقطر المطر في أجواف الأصداف درّ ، وفي أجواف الأفاعي سمّ (٤). وفي معادن الذهب ينبت الذهب ، وفي معادن الكبريت ينبت (٥) الكبريت ، وهكذا.
فالاسم الأعظم كتب على النهار ليكون نشوراً مبصراً ، ونوراً تهتدي به أبصار الحيوانات لتطلب معاشها لمعادها ، وتميّز بين ضارّها ونافعها ، وتصلح به المواليد الثلاثة التي هي مراقي الإنسان لمعاده ، فقد خلقت له كما قال تعالى ( خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) (٦) ، فقبله على ذلك فأُوتى قسطه وما يستحقّه بسؤاله ، فجعل وكان كذلك ، فهو يسبّح اللهَ ويسجد له بضيائه واستنارته ، وإبصاره وضياؤه واستنارته [ هي (٧) ] أثر تلك الكتابة وقبوله لها ، بل هي ذلك الاسم المكتوب ، أي صفته.
وكذلك الليل كتب عليه ذلك الاسم الأعظم ليكون ستراً وجماماً ، وقوّةً ولباساً ،
__________________
(١) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة ٤ : ١٦.
(٢) التوحيد : ١٩٢ / ٥.
(٣) في النسختين : ( الذي ).
(٤) إشارة إلى البيت المشهور :
كقطر الماء في الأصداف در |
|
وفي بطن الأفاعي صار سمّا |
شرح المشاعر : ٦١.
(٥) ليست في « ق ».
(٦) البقرة : ٢٩.
(٧) في النسختين : « هو ».