ومنها : أن الله أودع في قوى نفوس الأفلاك والكواكب تأثيرات وإمدادات لأجسام هذا العالم ، بإبراز جميع القوى من المعدن والنبات والحيوان ، وكمالها بالفعل من كلّ وجه ، حتّى إن الشجرة لتقصف بما عليها من الثمرة من عظم فعليّة البركات ، وذلك لا يتمّ إلّا بالرجعة ، وإلّا لزم أن ينزل على غير محمّد : وآله الماضين صلوات الله عليهم أجمعين من البركات ما لم ينزل عليهم ، وهذا محال.
ومنها : أن محمَّداً صلىاللهعليهوآله : وخلفاءه الاثني عشر والزهراء : سلام الله عليهم أجمعين مجتمعون في كلّ نشأة ، وفي كلّ بدء الخلق ، وفي الآخرة ، وفي كلّ طبقة من الوجود لا على سبيل الاتّفاق ، بل لحكمة إلهيّة وسرّ ربّانيّ لا يخفى على العارف أشعّة نوره ، فلا بدّ أن يحصل لهم ذلك الكمال والجمال والجلال في النشأة الدنيويّة ، ولا يكون ذلك إلّا بالرجعة.
ومنها : أنه لا ريب أن زمن امتلاء الأرض قسطاً وعدلاً فيه من اللذّة والبهجة والسرور في قلوب المؤمنين ، ومن الغَناء والنور والعلم ما لا يستقصى ، فكيف يحرم إدراك هذا الكمال والنعمة أنبياء الله ورسله وخلفاؤهم وأولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، خصوصاً محمّداً : وخلفاءه ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟ ومحال أن يدركها من مات إلّا بالرجعة.
ومنها : أن الله عزوجل يحبّ أن يعبد بتأويل القرآن وباطنه ، كما أحبّ أن يعبد بتنزيله ، فقد عبد بالتنزيل ، ولا يمكن أن يعبد بالتأويل والباطن إلّا بالرجعة. ولا بدّ من ذلك ، كما يظهر على متدبّر أخبار التأويل والباطن العارف بلحنها. ومحال أن يختصّ واحد من أهل البيت بالتعبّد والعمل بالتأويل والباطن دون غيره منهم ، بل النبيّ صلىاللهعليهوآله : و. عليّ : سلام الله عليه أولى بالعمل والتعبّد بذلك في كلّ نشأة ومقام ، وكذا الحسنان : من القائم سلام الله عليه وإلّا لزم أنه أفضل من الكلّ ، بل من أفضل الكلّ في الكلّ مطلقاً ، وهذا خُلف محال.
وبالجملة ، فالأخبار وطرق الاعتبار في إثبات الرجعة كثيرة جدّاً هي أكثر من أن أُحصيها ، وفيما حصل كفاية لطالب الحقّ.