ولا يجوز لأحد سواهما إقامتها على حال. وقد رخص في حال قصور أيدي أئمة الحقّ وتغلّب الظّالمين ، أن يقيم الإنسان الحدّ على ولده وأهله ومماليكه ، إذا لم يخف في ذلك ضررا من الظّالمين ، وأمن من بوائقهم. فمتى لم يأمن ذلك ، لم يجز له التّعرّض لذلك على حال.
ومن استخلفه سلطان ظالم على قوم ، وجعل إليه إقامة الحدود ، جاز له أن يقيمها عليهم على الكمال ، ويعتقد أنّه إنّما يفعل ذلك بإذن سلطان الحق ، لا بإذن سلطان الجور. ويجب على المؤمنين معونته وتمكينه من ذلك ، ما لم يتعدّ الحقّ في ذلك ، وما هو مشروع في شريعة الإسلام. فإن تعدّى في ما جعل إليه الحقّ ، لم يجز له القيام به ، ولا لأحد معاونته على ذلك. اللهمّ إلّا أن يخاف في ذلك على نفسه ، فإنّه يجوز له حينئذ أن يفعل في حال التّقيّة ما لم يبلغ قتل النّفوس. فأمّا قتل النّفوس فلا يجوز فيه التّقيّة على حال.
وأمّا الحكم بين النّاس والقضاء بين المختلفين ، فلا يجوز أيضا إلّا لمن أذن له سلطان الحقّ في ذلك.
وقد فوّضوا ذلك الى فقهاء شيعتهم في حال لا يتمكّنون فيه من توليه بنفوسهم. فمن تمكّن من إنفاذ حكم أو إصلاح بين النّاس أو فصل بين المختلفين ، فليفعل ذلك ، وله بذلك الأجر والثّواب ، ما لم يخف في ذلك على نفسه ولا على أحد من أهل