كتاب القضايا والاحكام
باب آداب القضاء وما يجب أن يكون القاضي عليه من الأحوال
قد بيّنّا في كتاب الجهاد من له تولّي القضاء والأحكام بين النّاس ومن ليس له ذلك.
وينبغي أن لا يتعرّض للقضاء أحد حتّى يثق من نفسه بالقيام به. وليس يثق أحد بذلك من نفسه حتى يكون عاقلا كاملا ، عالما بالكتاب وناسخه ومنسوخه ، وعامّه وخاصّه ، وندبه وإيجابه ، ومحكمه ومتشابهه ، عارفا بالسّنّة وناسخها ومنسوخها ، عالما باللغة ، مضطلعا بمعاني كلام العرب ، بصيرا بوجوه الإعراب ، ورعا من محارم الله تعالى ، زاهدا في الدّنيا ، متوفّرا على الأعمال الصّالحات ، مجتنبا للكبائر والسّيّئات ، شديد الحذر من الهوى ، حريصا على التّقوى. فإذا كان بالصّفات التي ذكرناها ، جاز له أن يتولّى القضاء ، والفصل بين النّاس.
وإذا أراد أن يجلس للقضاء ، ينبغي أن ينجز حوائجه التي تتعلّق نفسه بها ، ليفرغ للحكم ، ولا يشتغل قلبه بغيره ، ثمَّ يتوضّأ وضوء الصّلاة ، ويلبس أحسن ثيابه وأطهرها ،