وقد حاز ابن عباس تلك المفاخر الدنيوية في شرفه الرفيع وبيته المنيع ، كما حاز الإمارة وأوتي من الغنى فضلاً كثيراً ، وكل ذلك سنقرأه في سيرة حياته.
أمّا الجمال والهيئة والمنطق فقد كان ابن عباس رضياللهعنه ـ كما يصفه المؤرخون ـ : أبيضاً مشرّباً بشقرة أو بصفرة (١) جسيماً ، يأخذ مقعد رجلين إذا جلس (٢) وسيماً ، صبيح الوجه ، طلق المحيا ، فائق الحسن ، له وفرة ، يخضب بالحِناء ، إذ كان يصفّر لحيته ، وقيل يخضبها بالسواد (٣) حتى قال مسروق عنه : « أجمل الناس وأفصحهم » (٤) ، وقال عطاء : « ما رأيت البدر إلا ذكرت وجه ابن عباس لحسنه وجماله وبهائه » (٥) ، وشهد له عمر بأنه أصبح الفتيان وجهاً (٦) ، وقال أبو إسحاق : « رأيت ابن عباس رجلاً جسيماً قد شاب مقدم رأسه وله جمة » (٧) ، وكان طويلاً ، والطول من كمال الجسم وجمال البسطة فيه ، قال المبرّد : « والعرب تمدح بالطول وتضع من القِصَر » (٨) ، وكان الطول في بني هاشم صفة غالبة ، حتى لقد
_______________________
(١) قال ابن كثير في البداية والنهاية ٨ / ٣٠٦ : ولما عمي أعترى لونه صفرة يسيرة أه ولا غرابة في ذلك لأنه عمي وهو في سن الشيخوخة ولكن من الغريب ما ذكره الجاحظ في رسالته : فخر السودان على البيضان (الرسالة الرابعة من مجموع رسائل الجاحظ / ٢٠٩ تح عبد السلام محمّد هارون) ان ابن عباس رضياللهعنه كان أدلم ضخماً ، والأدلم : الشديد السواد. وهذا ممّا انفرد به أبو عثمان الجاحظ فيما أعلم ، كما انفرد في قوله : وكان ولد عبد المطلب العشرة السادة دُلُماً ضُخماً ؟ وفي قوله : وآل أبي طالب أشرف الخلق ، وهم سودٌ وأدمٌ ودُلُم ؟
(٢) البداية والنهاية ٨ / ٣٠٦.
(٣) ولا منافاة بين الفعلين ، فربما كان يفعل هذا مرة وذلك أخرى ، وكل راوٍ حدث بما رأى. الاصابة ٤ / ٩١.
(٤) الاصابة ٢ / ٣٣٣.
(٥) تاريخ الإسلام للذهبي ٣ / ٣١.
(٦) البداية والنهاية ٨ / ٢٩٩.
(٧) أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه كما في الاصابة ٤ / ٩١.
(٨) الكامل للمبرد ١ / ٩٢ تح أبو الفضل إبراهيم والسيد شحاته.