وسلّم أن يكتبه فلن يُضل من بعده دون بيان ، ليحيا ـ كذا ـ من حيّ عن بيّنة ، إلى أن منّ الله تعالى بأن أوجدناه فانجلت الكربة والله المحمود » (١).
ثمّ ذكر ما انجلت به عنده الكربة وذلك ماروته عائشة وعبد الرحمن ابنا أبي بكر لصالح أبيهما ـ وقد مرّ ذكرهما قريباً في التلاعب الرخيص ، كما ذكرنا أوجه الخلل فيهما في التعقيب على ما قاله ابن حزم ، وفي التلاعب الرخيص ، وليس يعنينا ذلك.
لكن هلمّ الخطب فيمن زاد على ابن حزم في حزمته ، وأفرغ كلّ ما في جعبته من سهام مسمومة لأسباب معلومة ، ذلك هو ابن كثير الشامي الّذي أغرب وأسهب ، وشرّق وغرّب فهو ذكر في سيرته حديث الكتف والدواة نقلاً عن البخاري ومسلم ثمّ عقّب قائلاً : « وهذا الحديث ممّا قد توهم به بعض الأغبياء من أهل البدع من الشيعة وغيرهم ، كلٌ مدّعٍ أنّه كان يريد أن يكتب في ذلك الكتاب ما يرمون إليه من مقالاتهم ، وهذا هو التمسك بالمتشابه وترك المحكم. وأهل السنّة يأخذون بالمحكم ويردّون المتشابه إليه ، وهذه طريقة الراسخين في العلم كما وصفهم الله عزوجل في كتابه. وهذا الموضع ممّا زلّ فيه أقدام كثير من أهل الضلالات ، وأمّا أهل السنّة فليس لهم مذهب إلّا اتباع الحقّ يدورون معه كيفما دار.
وهذا الّذي كان يريد عليه الصلاة والسلام أن يكتبه قد جاء في الأحاديث الصحيحة بالتصريح بكشف المراد منه.
فإنّه قد قال الإمام أحمد : ثمّ ذكر حديث عائشة » (٢).
_______________________
(١) الإحكام في أصول الأحكام ٧ / ١٢٢.
(٢) اُنظر البداية والنهاية ٤ / ٤٥٠ ـ ٤٥١.