يجمع جميع ما قالوه ويفنّد ما زعمه أولئك الخصوم نصرة للحق المهضوم والولي المظلوم.
ومن علماء التبرير أيضاً أبو عبد الله محمّد بن خلفة الوشتاني الآبي المالكي المتوفى سنة ٨٢٨ ه قال في كتابه إكمال إكمال المعلم بشرح صحيح مسلم في شرح قوله : « قال ابن عباس رضياللهعنه يوم الخميس وما يوم الخميس » قلت هو ـ والقائل هو ـ استعظام وتفجع باعتبار ما أتفق فيه من موته صلّى الله عليه (وآله) وسلّم وانقطاع الوحي وخبر السماء ...؟ (١)
أنظر بربّك إلى قوله مفسراً سرّ بكاء ابن عباس هو لموت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كيف يزعم ذلك وهو يقول : « يوم الخميس » وهذا اليوم قبل يوم موته صلىاللهعليهوآلهوسلم بأربعة أيام ، إذ أنّ وفاته كانت يوم الاثنين راجع كتب السيرة والتاريخ ؟ أليس هذا تهرباً من كشف الحقيقة ؟
ثمّ اقرأ واضحك ـ وشرّ البلية ما يضحك ـ قال : « قوله : بكى حتى بلّ دمعه الحصى ، قلت ـ والقائل هو أيضاً ـ : يحتمل بكاؤه لموته صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ، أو لما ذكر من شدة وجعه وهو يدل على أنّ شدة المقاساة والنزع عند الإحتضار لا تدل على المرجوحية كما يعتقد بعض العوام ... » (٢).
والآن إن شئت أيها القارئ أن تبك فأبك على إبل حداها غير حاديها ، فهذا الرجل جاء بما يضحك الثكلى ، لكنه يبكي من له قلب أو ألقى السمع وهو
_______________________
(١) إكمال إكمال المعلم بشرح صحيح مسلم ٤ / ٣٥٢.
(٢) نفس المصدر ٤ / ٣٥٣.