ولذلك ظن أنّه لم يمت حتى تبين أنّه قد مات ، والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد عزم على أن يكتب الكتاب الّذي ذكره لعائشة ، فلمّا رأى أنّ الشك قد وقع ، علم أنّ الكتاب لا يرفع الشك فلم يبق فيه فائدة.
وعلم أنّ الله يجمعهم على ما عزم عليه ، كما قال : (ويأبى الله والمؤمنون إلّا أبا بكر).
وقول ابن عباس : إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم وبين أن يكتب الكتاب ، يقتضي أنّ هذا الحائل كان رزية ، وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق أو أشتبه عليه الأمر ، فإنه لو كان هناك كتاب لزال هذا الشك.
فأمّا من علم أنّ خلافته حقّ فلا رزية في حقه ولله الحمد.
ومن توهم أنّ هذا الكتاب كان بخلافة عليّ فهو ضال باتفاق عامة الناس من علماء السنّة والشيعة (؟). أمّا أهل السنّة فمتفقون على تفضيل أبي بكر وتقديمه.
وأمّا الشيعة القائلون بأنّ عليّاً كان هو المستحق للإمامة فيقولون إنّه قد نُص على إمامته قبل ذلك نصاً جلياً ظاهراً معروفاً ، وحينئذ فلم يكن يحتاج إلى كتاب.
وإن قيل : إن الأمة جحدت النص المعلوم المشهور فلأن تكتم كتاباً حضره طائفة قليلة أولى وأحرى.
وأيضاً فلم يكن يجوز عندهم تأخير البيان
إلى مرض موته ، ولا يجوز له ترك الكتاب لشك من شك ، فلو كان ما يكتبه في الكتاب ممّا يجب بيانه وكتابته