سعيد سكت عن الثالثة عمداً ، وأمّا أن يكون قالها فنسيها » (١). وهذا مرّ علينا نحوه في حديث البخاري عن شيخه محمّد بن سلام.
وأمّا رواية قبيصة ـ وهو الثالث من القائمة ـ فقد رواها عنه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، في باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم (٢).
قال : حدّثنا قبيصة حدّثنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضياللهعنهما أنّه قال : « يوم الخميس وما يوم الخميس ؟ ثمّ بكى حتى خضب دمعهُ الحصباء فقال : أشتد برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجعه يوم الخميس فقال : (أئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً) ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : (دعوني فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه) ، وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، ونسيت الثالثة » (٣).
ثمّ حكى البخاري تحديد جزيرة العرب ، وليس ذلك جزءاً من الحديث !
واعلم بأنّ البخاري لم تقتصر روايته لحديث سفيان على شيخه قبيصة عن سفيان ، بل رواه أيضاً عن شيخه الآخر محمّد بن سلام ـ وهو السادس في القائمة ـ في كتاب الجزية في باب اخراج اليهود من جزيرة العرب ، ولدى المقارنة بين الروايتين نجد تفاوتاً في اللفظ وزيادة في رواية محمّد بن سلام لم ترد في رواية قبيصة.
_______________________
(١) المصنف ٦ / ٥٧ و ١٠ / ٣٦١ ط المكتب الإسلامي.
(٢) عنوان الباب لا يدل عليه حديث الباب الّذي لم يذكر البخاري فيه غيره ، وقد أربك شرآح صحيحه في توجيه ذلك وأكثرهم جهداً ابن حجر في فتح الباري ٦ / ٥١٠ ط البابي الحلبي ، فراجع.
(٣) صحيح البخاري ٤ / ٦٩ ط بولاق.