قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

أنيس المجتهدين [ ج ١ ]

أنيس المجتهدين [ ج ١ ]

513/584
*

في المعلوليّة يكون حينئذ بظاهر عامّ ، فيتأتّى التخصيص من طرف كلّ منهما ، فكما يجوز تخصيص العلّة بغير محلّ النقض ، فكذا يجوز تخصيص الحكم بغير محلّ عدم العكس.

قلت : هذا حقّ ، ولكنّ معنى تخصيص الحكم العامّ أن يجعل العلّة علّة لبعض أفراده دون بعضها الآخر ، وهذا البعض لا بدّ له من علّة اخرى ، فهو يتوقّف على جواز تعليله بعلّتين ، وبدونه لا يجوز ؛ للزوم ثبوت الحكم بدون علّة.

وبما ذكر ظهر أنّ الجواب عن عدم العكس إمّا بيان جواز تعليل الحكم بعلّتين وإسناد ما في محلّ عدم العكس إلى علّة اخرى ، أو بيان التخصيص في الحكم وإن لم ينفكّ هذا عن الأوّل ، كما أنّ تخصيص العلّة لا ينفكّ عن وجود مانع ، أو انتفاء شرط وهو (١) إنّما يتأتّى في المنصوصة ، ووجهه ظاهر ممّا تقدّم (٢) في النقض.

وقد بان ممّا ذكر أنّ استناد الحكم هنا إلى علّة اخرى قائم مقام وجود المانع ؛ أو انتفاء الشرط في النقض.

بقي الكلام في جواز تعليل الحكم بعلّتين أو علل عقلا

وقد اختلف فيه على أقوال (٣) : ثالثها الجواز في المنصوصة دون المستنبطة (٤) ، ورابعها عكسه (٥).

ثمّ بعد الجواز قد اختلف في الوقوع ، فالأكثر (٦) عليه أيضا. وقيل بعدمه (٧).

ومحلّ الخلاف تعليل الحكم الواحد بالشخص ـ أي متّحد المحلّ (٨) ـ بعلّتين أو علل ، كلّ

__________________

(١) أي المبطل الثاني وهو عدم العكس.

(٢) تقدّم في ص ٥٠٦.

(٣) راجع : المحصول ٥ : ٢٧١ ، ونهاية السؤل ٤ : ١٩٥ ، وتمهيد القواعد : ٢٦٦ ، القاعدة ٩٥.

(٤) قاله الفخر الرازي في المحصول ٥ : ٢٧١ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ١٩٥ ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٢٦٦ ، القاعدة ٩٥.

(٥) حكاه الغزالي عن القاضي الباقلاني في المستصفى : ٣٣٦ ، ونسبه الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٢٦٦ إلى الفخر الرازي ، ولكنّ كلامه في المحصول ٥ : ٢٧١ ، خلاف لما نسب إليه الشهيد.

(٦) راجع : المحصول ٥ : ٢٧١ ـ ٢٧٨ ، والإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٥٨ ، وتمهيد القواعد : ٢٦٦ ، القاعدة ٩٥.

(٧) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٥٨.

(٨) هذا التفسير لإخراج مسألة استحالة صدور الواحد عن الكثير عمّا نحن فيه ؛ فإنّ الوحدة في تلك المسألة حقيقيّة وفيما نحن فيه غير حقيقيّة ، كما في مثال إباحة وطء امرأة بعينها بالعقد والملك ؛ فإنّ امرأة بعينها لا يمكن أن يباح وطؤها بكليهما إلاّ أن تكون زمانا أمة ، فإباحة وطئها بالملك ، وإذا عتقت وصارت حرّة فإباحة وطئها بالعقد ، فصارت ذات إباحتين ، وهذا ليس صدور الواحد عن الاثنين.