رسالة في فروع العلم الإجمالي

آية الله الشيخ باقر الزنجاني

رسالة في فروع العلم الإجمالي

المؤلف:

آية الله الشيخ باقر الزنجاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: انتشارات دار التفسير
المطبعة: وفا
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-535-198-2
الصفحات: ٤٤٠

وكونهما جزءا من الصلاة أينما فرض وقوعهما ، وهو واضح.

وإن أراد تلك الأخبار التي يستفاد منها تحقّق الانصراف عن الصلاة ، والخروج عنها بتحقّق ذات الصيغة الواجبة من التسليم أينما وقعت ، وبأيّ قصد تحقّقت ، فهي إنّما تدلّ على قاطعيّتها ومبطليّتها للصلاة ، التي لازمها التحلّل من التحريم في هذا الفرد الذي عرضة الفساد ، كما هو الشأن في كلّ قاطع ، ولا تدلّ على محلّليّتها مع انحفاظ صحّة الصلاة ، بحيث يصبح التسليم الواقع جزءا أخيرا من الصلاة ، فأين تلك الأدلّة الدالّة على محلّليّة التسليم أينما وقع ، مع انحفاظ صحّة الصلاة حتّى تكون حاكمة على الصحيحة؟!

وثالثا : فلأنّ ما أفاده قدس‌سره من أنّ اللّازم هو الالتزام بتحقّق الانصراف بتحقّق التسليمة أينما تحقّقت ، ولازم ذلك هو بطلان الصلاة بزيادة التسليمة ، وإنّما خرجنا عن ذلك في موارد نسيان الركعة أو الأزيد بالنصوص العامّة ، أمر لا يمكن الالتزام به على ما هو واضح ، هذا.

أقول : ولكن هنا أمر قد قرّبناه فيما كتبناه في فروع العلم الإجمالي ، في ذيل المسألة الثالثة ، ما خلاصته :

أنّ ما حكي عن جماعة ، منهم الشهيد في «الذكرى» وصاحب «المدارك» وصاحب «الرياض» ، بل حكي عن الأخير أنّه لم يجد في الحكم خلافا ، من أنّه إن كان المنسي في الركعة الأخيرة السجدتين ، وتذكّر بعد التسليم ، بطلت صلاته لفوات الرّكن ، وإن كانت واحدة قضاها منفردة ، لفوات محلّ تلافيه في الأثناء ؛ هو مقتضى الجمع والتوفيق العرفي بين صحيحة محمّد بن مسلم المؤيّدة بصحيحة

٤٢١

عبد الله بن سنان ، وخبر حكم بن حكيم ، وبين الأخبار المستفيضة الواردة في نسيان الركعة أو الركعتين ، المفصّلة بين التذكّر بعد السلام وقبل صدور المنافيات ، وبين التذكّر بعد السلام وصدور المنافيات ، بالحكم بالصحّة وإتمام الصلاة وسجدتي السهو للسّلام الزائد في الأوّل ، والحكم بالبطلان في الثاني ، وأنّ المتحصّل من الطائفتين بعد الجمع ، والموافق هو أنّ التسليمة بصيغتها الواجبة ، كلّما وقعت في غير محلّها من حيث عدم الرّكعات ، فهي زيادة قاطعة مغتفرة في فرض وقوعها نسيانا ، ولم يرتّب عليها الشارع المحلّليّة والمخرجيّة أينما فرض وقوعها ، بمقتضى تلك الأخبار المستفيضة ، وكلّما وقعت في محلّها من حيث عدد الركعات بأن وقعت بعد الثانية من الثنائيّة ، أو الثالثة من الثلاثيّة ، أو الرابعة من الرباعيّة ، فهي تسليمة واقعة جزءا أخيرا من الصلاة ، ومحلّلة لتحريم الصلاة ، ومخرجة عنها ، بحيث أنّ ما يقع من المنافيات بعدها يقع في خارج الصلاة ، وإن كانت واقعة في غير محلّها من حيث فوات الترتيب ـ أي فوات بعض ما تقدّم عليها من الأجزاء والقيود ، بحسب النظم المعتبر في الصلاة ـ سواء كان الفائت من الركعة الأخيرة أو من سابقتها ، بمقتضى صحيحة محمّد بن مسلم ، المؤيّدة بصحيحة ابن سنان وخبر حكم بن حكيم ، ولازم ذلك هو فوات ما فات بمجرّد تحقّق التسليمة في آخر الصلاة بحسب عدد الركعات ، وإن كانت واقعة في غير محلّها من حيث فوات الترتيب ، وحينئذ فلا بدّ من ملاحظة سائر الأدلّة الواردة في الباب ، من مثل صحيحة لا تعاد بحسب عقديها ، فإن كان الفائت السابق ممّا يوجب البطلان كالسجدتين مثلا ، فلا محيص عن بطلان الصلاة ، ولزوم استينافها

٤٢٢

مطلقا ـ أي سواء فرض التذكير بعد صدور المنافي أو قبله ـ وإن كان ممّا لا يوجب البطلان كالسجدة الواحدة أو التشهّد أو هما معا أو غيرهما ، فلا محيص عن الحكم بالصحّة ، ولزوم القضاء فيما دلّت الأدلّة على وجوب قضائه كالسجدة الواحدة أو التشهّد.

ونقول تأييدا لهذا الذي قوّيناه :

إنّ التأمّل الصادق في نفس صحيحة لا تعاد يشهد بما ذكر ، من أنّ التسليمة الواقعة في محلّها ، من حيث عدد الركعات هي مخرجة عن الصلاة ، ومحلّلة لتحريمها ، غاية الأمر بنحو الإجمال ، مع الغضّ عن أنّ الخروج عنها إنّما هو مع انحفاظ صحّة الصلاة فعلا ، أو مع بطلانها وإن كان وقوع التسليمة على خلاف النظم المعتبر في الصلاة ، من حيث فوات بعض ما سبقه من الركعة الأخيرة أو غيرها ، من جهة أنّه لو لا هذا لما بقي للعقد الأوّل من الصحيحة مورد يمكن التمسّك بها ، والحكم بصحّة الصلاة في الفروض التي يفرض فيها فوات شيء من الركعات السابقة ، مع فرض تذكّره بعد تجاوز محلّه بالدخول في الركن أو غيره ، وبالتالي ينحصر التمسّك بها في موارد التذكّر قبل فوات المحلّ وتدارك الفائت في الأثناء ، لوضوح أنّ اغتفار ما جاز محلّه بحسب العقد الأوّل من الصحيحة ، لا محالة يوجب كون التسليمة الواقعة في الركعة الأخيرة واقعة في غير محلّها ؛ أي على غير النحو المطلوب ، ومع انحصار المخرج والمحلّل فيما وقعت على النحو المطلوب ، لا محالة تصبح التسليمة بل غيرها ممّا يترتّب على ذلك الشيء ، زائدة عمديّة مبطلة للصلاة ، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به.

٤٢٣

وبالجملة : قد أوضحنا فيما أشرنا إليه من الرسالة ، كيفيّة دلالة صحيحة محمّد بن مسلم وما يؤيّدها ، وكيفيّة التوفيق بينها وبين تلك الأخبار المستفيضة ، وفصّلنا القول فيه ، وفيما قيل في المسألة ، ومن أراد فليراجع إليها.

وعليه ، فإن تمّ ما قوّيناه ، فلازمه :

(١) الحكم ببطلان الصلاة فيما فرض المنسي في محلّ الكلام السجدتان ، أو هما مع التشهّد ، سواء فرض التذكّر بعد التسليم وبعد صدور المنافيات ، أو قبل صدورها.

(٢) والحكم بصحّة الصلاة ، ولزوم القضاء مع سجدتي السهو ، فيما كان المنسيّ السجدة الواحدة ، أو التشهّد ، أو هما معا ، سواء فرض التذكّر بعد السلام وبعد صدور المنافيات ، أو قبل صدورها.

وإلّا فلا يترك الاحتياط في هذه المسائل ؛ بمعنى أنّه :

(١) لو كان المنسيّ السجدتان ، أو هما مع التشهّد ، وفرض التذكّر بعد السلام ، وبعد صدور المنافيات ، فلا محالة يقطع ببطلان الصلاة.

(٢) ولو فرض التذكّر بعده ، وقبل صدورها ، فلا يترك الاحتياط بتدارك الفائت ، مع ما يترتّب عليه وإعادة التسليمة ، ثمّ استئناف الصلاة.

(٣) وفيما كان المنسي السجدة الواحدة ، أو التشهّد أو هما معا ، وفرض التذكّر بعد السلام وقبل صدور المنافي ، فلا يترك الاحتياط بإتيان الفائت ، مع ما يترتّب عليه ، بلا تعيين أنّه أداء أو قضاء ، وتجديد السلام برجاء المطلوبيّة.

(٤) ولو فرض التذكّر بعد السلام وبعد صدور المنافي ، فلا يترك الاحتياط

٤٢٤

بقضاء الفائت مع سجدتي السهو ثمّ إعادة الصلاة.

* * *

الجهة السابعة : حيث قد عرفت أنّ الصحيحة إنّما تدلّ على الاجتزاء ، وعدم الحاجة إلى الإعادة ، في غير موارد الإخلال العمدي ، والإخلال الناشئ عن الجهل البسيط ، أو المركّب التقصيري.

ففيما فرض العلم بتحقّق الخلل كنقص سجدة ، ولكن شكّ في أنّه خلل صادر عن علم وعمد ، أو عن سهو أو شكّ ، في أنّه خلل صادر عن جهل غير معذور فيه ، أو جهل يعذر فيه؟

فلا مجال للتمسّك بالصحيحة ، والحكم بالاجتزاء ، لكون الشبهة مصداقيّة ، يشكّ في أنّ المراد مصداق للعنوان الخارج ، أو العنوان الباقي تحت العام ، ولا مجال في مثله للتمسّك بالعام على ما بيّن في محلّه.

(١) هذا وإن قلنا بجريان أصالة الصحّة في فعل المسلم ، سواء كان هو نفس الحامل أو غيره ، ولكن بمعنى مجرّد صونه عن كون أفعاله قبيحة صادرة منه ، بنحو غير مشروع ، على وجه لا يعذر فيه ، ولكن أصلا عمليّا لا يفيد أزيد من البناء التعبّدي على عدم تقصيره فيما فعله ، فإنّه لا يثبت صحّة العمل والاجتزاء به بمقتضى الصحيحة ، الذي فرض كون الإخلال سهويّا أو نسيانيّا أو جهليّا يعذر المكلّف فيه قيدا للموضوع والحكم المفاد فيها.

نعم ، لو قلنا باعتبار ما يقتضيه إسلام المسلم بنوعه ، من عدم التقصير فيما يرجع إلى الأحكام الشرعيّة ، أمارة تعتبر من حيث لسان إثباتها أيضا ، فهي تجدي

٤٢٥

لا محالة في إثبات أنّ الخلل المفروض القطعي ، خلل لا تقصير فيه من المكلّف.

(٢) كما أنّه لو قلنا باعتبار أصالة الصحّة في الأعمال الماضية من نفسه أو من غيره ، لا بمعنى مجرّد الصون عن الحمل على القبيح ، بل بمعنى البناء على الصحّة ، والاجتزاء فيما شكّ في كونه صادرا بنحو يجتزئ به ، فلا محيص عن الحكم في مثل المفروض بالصحّة والاجتزاء ، وأنّ الخلل الواقعي القطعي ، قد وقع على نحو يجتزى معه بالعمل بمقتضى الصحيحة ، سواء قلنا باعتبار أصالة الصحّة بهذا المعنى بنحو الأماريّة والطريقيّة ، أو بنحو الأصل العملي.

ولكن لا يخفى أنّ هذا لا يعدّ تمسّكا بالصحيحة ، وإنّما هو تمسّك بأصالة الصحّة على ما هو واضح.

أقول : ومن هنا تبيّن لك أنّ مثل قاعدة التجاوز والفراغ ، وقاعدة الشكّ قبل تجاوز المحلّ وأمثالها ، أصول وقواعد عمليّة مجعولة في ظرف الشكّ ، ولا يتكفّل أزيد من البناء التعبّدي على عدم الخلل في مرحلة الظاهر ـ أي ما دام الشكّ باقيا ـ ولا يتكفّل شيء منها على الحكم بالصحّة والاجتزاء ، على تقدير تحقّق الخلل في الواقع.

وعليه ، ففي مواردها :

(١) لو بقى الشكّ على حاله للتالي لا محالة ، يكون الاجتزاء والحكم بالصحّة ظاهريّا ، وموقوفا بعدم انكشاف الخلاف.

(٢) ولو زال الشكّ وتبدّل إلى القطع بالواقع ، وأنّه كان على وفق ما بنى عليه بحسب تلك القواعد ، فلا محالة يكون الاجتزاء والصحّة على القاعدة ؛ أعني كون

٤٢٦

إتيان المأمور به على وجهه ، علّة لسقوط الأمر ، وحصول الامتثال.

(٣) ولو تبدّل إلى اليقين بخلاف ما بنى عليه بحسب تلك القواعد ، وقطع بتحقّق الخلل بنقيصة أو زيادة ، فلا بدّ في الحكم بالصحّة والاجتزاء وعدمهما من مراعاة القاعدة الثانويّة ، المستفادة من الصحيحة وغيرها من أدلّة باب الخلل :

وأنّ الخلل إن كان من ناحية الخمسة المستثناة في عقدها الثاني ، وما تلحق بها بأدلّة خاصّة ، فلا محيص عن الحكم بالفساد ، ووجوب الإعادة أو القضاء.

وإن كان من ناحية غيرها ممّا استفيد حكمها من الأدلّة الخاصّة ، أو من العقد الأوّل من الصحيحة ، فلا محيص عن الحكم بالصحّة والاجتزاء في الوقت وخارجه.

أقول : ولكن يبقى الكلام في أنّ التمسّك بالصحيحة حينئذ :

(١) هل هو باعتبار تكفّلها لحكم الخلل الواقع سهوا أو نسيانا ، الذي قد مرّ في الجهة الاولى أنّه المقدار المتيقّن من مفادها.

(٢) أو باعتبار إطلاقها وتكفّلها لحكم الخلل الواقع ، على وجه كان المصلّي معذورا فيه ، سواء كان بالسهو والنسيان ، أو بالجهل القصوري الذي هو موارده موارد الجهل بالمصداق ، الذي كانت وظيفته الأخذ بالقواعد المضروبة فيها.

فربما يقال (١) : بالأوّل ، نظرا إلى أنّ مثل هذا الخلل واقع في نفس الأمر بالسّهو والنسيان ، غاية الأمر أنّه كان مشكوكا ولم يكن معلوما في برهة في الزمان ،

__________________

(١) ـ القائل هو المحقّق الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي رحمه‌الله.

٤٢٧

وإنّما علم بتحقّق هذا السهو والنسيان بعد البناء على عدمه في زمان.

فإنّه يقال : إنّ هذا إنّما يجري ويجدي في خصوص موارد قاعدة الفراغ ، وفي موارد قاعدة التجاوز ، ولكن فيما إذا كان الشكّ بعد تجاوز المحلّ السّهوي للمشكوك دون غيره ، لأنّ الخلل في هاتين يتمحّض في كونه واقعا بنحو السهو والنسيان المجهول في برهة ، والمنكشف بعد زمان.

وأمّا فيما كان الشكّ بعد تجاوز المحلّ الشكّي ، أي بعد الدخول في الفعل المترتّب على المشكوك ، وقبل تجاوز المحلّ السّهوي للمشكوك فيه ، أي قبل الدخول في الرّكن أو قبل التسليمة مثلا.

وكذا فيما كان الشكّ قبل تجاوز المحلّ.

فلا محالة يكون الخلل عمديّا اختياريّا ، معلولا للجهل والتعويل على القاعدة المضروبة للجاهل ، فلولا إطلاق الصحيحة المتكفّل للحكم بالصحّة والاجتزاء في موارد الخلل الواقع بالجهل المعذور فيه أيضا ، لما أمكن الحكم بالصحّة ، فالذي مكّننا من الحكم بها هو التمسّك بها في إثبات الصحّة والاجتزاء في أمثال هذه الموارد ، من حيث تكفّلها لحكم الخلل الواقع سهوا ونسيانا ، على ما هو واضح ، فعليك بالتأمّل ومن الله التوفيق.

* * *

الجهة الثامنة : الظاهر من لفظ (الطهور) في العقد الثاني من الصحيحة ، إرادة الطهارة الحدثيّة الكبرى والصغرى ؛ أعني الغسل والوضوء والتيمّم القائم مقامهما ، لشيوع استعمال لفظ (الطهور) في هذا المعنى في الأخبار ، فهي منصرفة عن

٤٢٨

الطهارة الخبثيّة في الثوب والبدن ، وغير متكفّلة لحكمها في العقد الثاني ، فلا محيص عن كونها داخلة في عموم العقد الأوّل. وحينئذ فلا محيص عن الالتزام بتقييد العقد الأوّل بالنظر إلى موارد الخلل من ناحية الطهارة الخبثيّة ، بالنصوص الخاصّة الواردة فيها المفصّلة بين الجهل والنسيان بالصحّة في الأوّل ، والفساد في الثاني ، على تفصيل بيّن في محلّه.

أقول : ولو نوقش في ظهور اللّفظ والانصراف المذكور ، وبنى على إرادة كلتا الطهارتين من لفظ (الطهور) ، فلا محيص عن الالتزام بتقيّد إطلاق العقد الثاني بتلك النصوص ، وحصر البطلان في موارد النسيان والسّهو ، بناء على ما تقدّم من عموم الصحيحة لفروض النسيان والجهل.

وأمّا بناء على اختصاصها بصور السهو والنسيان فقط :

فبناء على الظهور والانصراف المذكور ، لا محيص عن الالتزام بخروج موارد الخلل في الطهارة الخبثيّة عن العقد الأوّل بالكلّيّة ، لعدم شمولها بنفسها لفروض الجهل ، وخروج موارد النسيان بتلك النصوص الخاصّة.

وبناء على إنكار ذلك الظهور ، فلا مخصّص للصحيحة من ناحية تلك النصوص ، لا بالنظر إلى عقدها الأوّل ، ولا بالنظر إلى عقدها الثاني ، على ما هو واضح.

أقول : ثمّ على كلّ تقدير ، فهل المراد من الخلل الناشئ من ناحية الطهور :

(١) هو فقدان الصلاة للطهارة بأيّ معنى اريد منها في مجموعها.

(٢) أو الأعمّ منه ومن فقدانها في بعضها :

٤٢٩

لا وجه للأوّل ، إلّا دعوى الانصراف ، وهي بعيدة في الغاية وعهدتها على مدّعيه.

وأمّا الوقت : فإمّا أن يراد من الخلل الناشئ منه :

(١) هو خصوص وقوع الصلاة قبل تحقّق الوقت ؛ أي قبل تحقّق الأمر بالصلاة ، وفعليّته الذي لا محيص معه من فساد الصلاة ، وعدم تصوّر الصحّة فيها ، لا بنحو الأداء ولا بنحو القضاء.

(٢) وإمّا أن يراد خصوص وقوع الصلاة بمجموعها وتمام أجزائها في خارج الوقت.

(٣) أو يراد الإطلاق الشامل لما وقع بعضها خارج الوقت وبعضها فيه.

(٤) أو يراد من الخلل مطلق وقوع الصلاة في خارج الوقت ، الشامل لما سبق ولما إذا وقعت في خارجه ، بعد تحقّق الأمر وفعليّته بتحقّق الوقت الذي نتصوّر فيها صحّة الصلاة بعنوان القضاء ، مع الالتزام بعدم كون الأدائيّة والقضائيّة من العناوين القصديّة المنوّعة للعمل ، بحيث يتوقّف امتثال الأمر على فقدهما.

وعليه أيضا :

إمّا أن يراد خصوص وقوع الصلاة بمجموعها في خارج الوقت.

أو يراد الأعمّ منه ومن وقوع بعضها فيه وبعضها في خارجه.

وكلا الاختصاصين مبنيّان على دعوى الانصراف في الصحيحة.

ودعوى الانصراف إلى ما قبل تحقّق الوقت ليس ببعيد ، إلّا أنّ دعواه بالنسبة إلى وقوع المجموع في خارجه بعيدة في الغاية.

٤٣٠

وكيف كان ، فعلى فرض تسليم الانصراف من الجهة الاولى ، فالأمر متعيّن بالنسبة إلى الانصراف من الجهة الثانية ، ولا ثمرة للنفي والإثبات بعد قيام الدليل على التقييد ، على فرض إرادة الإطلاق أيضا ، لورود النصّ المعمول به عند الأصحاب ، الدالّ على الصحّة والاجتزاء فيما شرع في الصلاة قبل الوقت خطأ ، ثمّ دخل الوقت قبل تمامها.

كما أنّه على فرض منع الانصراف من الجهة الاولى ، وتسليم الإطلاق الشامل لما بعد الوقت ، فالأمر هيّن أيضا بالنسبة إلى الانصراف من الجهة الثانية ، ولا ثمرة مهمّة للنفي والإثبات بالنظر إلى الموارد التي كان المتحقّق في الواقع في الوقت ركعة أو أزيد ، لورود النصوص المعمول بها عند الأصحاب ، الدالّة على (أنّ من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) الحاكمة على إطلاق الصحيحة ، والمنتجة لتقيّدها من حيث الحكم بالفساد ، ولزوم الإعادة قضاء بما إذا وقع المجموع في خارج الوقت ، أو كان الواقع منها في الوقت دون الركعة ، فالثمرة المهمّة إنّما هي للنفي والإثبات بالنظر إلى الانصراف من الجهة الاولى ، لوضوح أنّه على تقدير تسليم ذلك الانصراف ، أمكن :

(١) الالتزام بوقوع الصلاة صحيحة قضاء ، بلا حاجة إلى التجديد في غير موارد إدراك الركعة فما زاد.

(٢) كما يمكن الالتزام بالصحّة أداء في موارد إدراك الركعة فما زاد.

أمّا الثاني : فللنصوص الحاكمة المنزّلة لإدراك بعض الوقت منزلة إدراك تمامه.

٤٣١

وأمّا الأوّل : فبدعوى أنّ عنوان الأدائيّة والقضائيّة ليستا من العناوين القصديّة المنوّعة للصلاة ، حتّى تتوقّف الصحّة على قصدها ، فإنّ الظهر ظهر سواء أتى بها في الوقت أو في خارجه ، والأدائيّة والقضائيّة وصفان ينتزعان من تعلّق الأمر بالصلاة في الوقت أو في خارجه ، فهما وصفان خارجان عن المأمور به ، بل هما في الحقيقة وصفان للأمر المتعلّق بالعمل نظير الوجوب والاستحباب.

وحيث إنّ المفروض أنّ المصلّي في خارج الوقت خطأ بزعمه بقاء الوقت قد أتى بها بداعي الأمر الواقعي الموجود المتعلّق بها ، زاعما أنّه أمر أدائي ، وقد أخطأ في هذا التطبيق ، وكان الفوت متحقّقا ، وكان الأمر في الواقع قضائيّا ، فحاله كحال من أتى بالعمل المأمور به بزعم الوجوب أو الاستحباب ، مع كونه مخطئ في زعمه في الواقع ، في أنّه لا مانع من الحكم بالصحّة ، ما لم يكن في البين تقييد الامتثال في نظره ، بحيث لا يكون مريدا الامتثال إلّا على تقدير صدق ما زعمه ، والمفروض أنّه لا مانع عن ذلك من ناحية الصحيحة ، لانصرافها وعدم تعرّضها لحكم الصلاة الواقعة في خارج الوقت ، بعد تحقّق الوقت وفعليّة الأمر.

وهذا بخلاف ما لو منع عن هذا الانصراف ، وسلّم الإطلاق ، إذ الصحيحة بإطلاقها تكون على هذا دليلا على بطلان العمل ، وعدم صحّتها ، وعدم الاجتزاء بها ، لا أداء ولا قضاء ، ولزوم تجديدها قضاء كلزوم تجديدها أداء فيما فرض انكشاف وقوعها قبل الوقت في أثناء الوقت ، فتكون بإطلاقها دليلا على كون الأدائيّة والقضائيّة من العناوين القصديّة المنوّعة للعمل بنفسه ، وأنّ الأداء عبارة عن الصلاة المأتي بها في الوقت بعنوان أنّها قد أمر بإتيانها فيه ، والقضاء عبارة عن

٤٣٢

الصلاة المأتي بها في خارجه ، بعنوان أنّها قد أمر بإتيانها فيه في خارجه ، بعنوان التدارك للفائت ، وإنّما يرفع اليد عن إطلاق مفادها ، بمقدار دلالة الأدلّة الحاكمة الدالّة على الصحّة بنحو الأدائيّة التنزيليّة.

أقول : وهذا الوجه هو الأظهر عندنا ، وقد قوّيناه في مباحث النيّة ، نظرا إلى المتفاهم العرفي من عنواني الأداء والقضاء الواردان في دليل وجوبه.

ولو سلّم إطلاق الصحيحة ، ومنع الانصراف من الجهة الاولى ، فهي شاهدة على ما قوّيناه.

ويؤيّد ذلك : أنّه لو لا هذا لكانت أحاديث (من أدرك ...) كاللّغو الذي لا ثمرة عمليّة لها ، عدا الإرشاد إلى أنّ الصلاة المأتي بها مع إدراك ركعة أو أزيد من الوقت ، متّصفة بالأدائيّة دون القضائيّة ، وإن كانت الصحّة المغنية عن الجديد ، لا يخصّ بهذه الصورة ، بل تعمّ غيرها ممّا أدرك منها في الوقت دون الركعة ، أو لم يدرك منها فيه شيئا ، وهذا كما ترى بعيد في الغاية.

كما أنّه يؤيّده أيضا : أنّه لو لا ممّا ذكر ، لكان اللّازم هو الالتزام بصحّة الصلاة الواقعة بمجموعها في خارج الوقت قبل تحقّقه ، فيما فرض اشتغال ذمّة المصلّي بالقضاء في سنخ هذه الصلاة ، التي كان مريدا لامتثال أمرها أداء.

بل وكذلك فيما لو فرض دخول الوقت في أثناء الصلاة ، وإنّما خرجنا عنه لدلالة النصّ في مثله على وقوعها صحيحة ، أداء وامتثالا لهذا الأمر الذي كان بصدد امتثاله.

وهذا أيضا أمر بعيد في الغاية ، لا يمكن الالتزام به.

٤٣٣

وأمّا القبلة : فالمراد من الخلل الواقع من ناحيتها وقوع الصلاة بمجموعها أو ببعضها إلى غير جهة القبلة ، ولا محيص عن رفع اليد عن إطلاق الحكم بالإعادة في مثله ، بمقدار دلالة الأخبار الحاكمة على اعتبار القبلة في الصلاة ، الدالّة على أنّ من تحرّى وصلّى إلى جهة ظنّها قبلة ، فانكشف كونها غيرها ، فصلاته صحيحة فيما وقعت إلى اليمين أو اليسار ـ أي يمين القبلة أو يسارها ـ بلسان : (أنّ ما بين المغرب والمشرق قبلة كلّه).

وتفصيل القول في فروع المسألة ، ومقدار دلالة هذه النصوص على عهدة محلّها ، هذا.

وأمّا الركوع : فالخلل الحاصل من نقصه أو زيادته ، وإن كان يتحقّق بالدقّة العقليّة بنقص نفس مسمّى الركوع أو زيادته ، الذي هو عبارة عن وضع الانحناء المخصوص الحاصل بوصول الأصابع إلى عين الركبة ، إلّا أنّ شبهة اعتبار الطمأنينة الواجبة في مسمّاه ، دون الواجبة في حال الذّكر الواجب فيه ، في صدق عنوان الركوع صدقا عرفيّا ، قويّة جدّا ، فلا يترك الاحتياط بالإتمام والإعادة في موارد تحقّق مسمّى الركوع بلا اطمئنان فيه ، وفي موارد زيادة مسمّية بلا اطمئنان فيه.

وأمّا السجود : فالظاهر من إطلاقه وإن كان هو إرادة الجنس والطبيعة ، دون خصوص السجدتين معا ، إلّا أنّ الأخبار الدالّة على عدم بطلان الصلاة بفوت السجدة الواحدة ولا بزيادتها ، مقيّدة لإطلاقها ، وموجبة لكون الركن الموجب نقصه أو زيادته عمدا أو سهوا للبطلان ، ووجوب الإعادة ، إنّما السجدتان معا.

* * *

٤٣٤

تذنيب :

أفاد الاستاذ العلّامة الميرزا النائيني قدس‌سره ، على ما كتبناه في تقرير بحثه :

أنّ الفائت : إمّا أن يكون جزءا ، أو شرطا.

والجزء إمّا أن يكون ركنا ، أو غيره ؛

(١) فإن كان ركنا : فمحلّ فوته هو الدخول في الركن الآخر ، أو الدخول في القراءة ، كما في تكبيرة الإحرام أو التسليمة ، كما في السجدتين الأخيرتين ، ففيما فات محلّه لا يقبل التدارك وتبطل الصلاة ، وفيما لم يفت لا بدّ من التدارك وصحّت الصلاة.

(١) وإن كان غير ركن : فكذلك يفوت محلّه بالدخول في الرّكن ، ولا يتدارك ، وصحّت الصلاة ، ومع عدمه يتدارك وصحّت الصلاة.

والشرط : إمّا أن يكون شرطا للصلاة في حال الجزء ، أو شرطا لنفس الجزء ؛ فعلى الأوّل : يفوت محلّ تداركه مع انقضاء ذلك الجزء ، سواء في ذلك الركن وغيره ، ففيما فات محلّه لا يتدارك وصحّت الصلاة ، ولا يتصوّر قضائه مع عدم فوت محلّه حتّى يتدارك.

وعلى الثاني : فإن كان الشرط :

(١) شرطا للركن : فهو تابع لنفس الرّكن ، فإن كان قد دخل في محلّ فوت نفس الركن ، وهو الركن الآخر أو غيره ، لا محالة يفوت الرّكن لانتفاء شرطه ، ولا يقبل التدارك ، وتبطل الصلاة ، ومع عدمه صحّت الصلاة ويتدارك الركن مع شرطه.

(٢) وإن كان شرطا لغير الركن : فهو أيضا تابع لنفس الجزء ، في أنّه مع

٤٣٥

الدخول في الركن لا يتدارك ، وصحّت الصلاة ، ومع عدمه يتدارك بإعادة الجزء ، مع اشتماله على شرطه.

ثمّ قال رحمه‌الله : هذه القواعد الخمس التي عليها بناء الأصحاب ، وإن كان بعضها ممّا يستفاد من الأخبار الخاصّة ، إلّا أنّ مجموعها ليس عليه دليل خاصّ عدا صحيحة لا تعاد.

وأخيرا : بيّن مفاد الصحيحة وكيفيّة التمسّك بها في عدّة من الفروع.

أقول : ولا يخفى عليك أنّه قدس‌سره إن أراد أنّ مجموع هذه القواعد ، ممّا يمكن استفادتها في جميع الفروع من نفس الصحيحة ، بمجرّد ملاحظة عقديها الأوّل والثاني ، من غير حاجة إلى ملاحظة سائر الأدلّة من الأخبار والإجماعات.

فهو باطل قطعا على ما لا يخفى على المتأمّل في الفروع التي يتمسّك فيها بالصحيحة.

وإن أراد أنّ بعض الفروع ممّا ليس فيه دليل خاصّ ، ولكن يمكن تعيين الحكم فيه بالتمسّك بالصحيحة ، فهو حقّ لا محيص عنه ، على ما هو واضح للمتأمّل في الفروع.

وعلى كلّ حال ، فالقواعد الخمس المذكورة لا تستفاد من نفس الصحيحة بعقديها ، بل إنّما تستفاد من مجموع الصحيحة ، والإجماعات الخاصّة ، والأخبار الخاصّة ، أو العامّة الأخر الواردة في خلل الصلاة ، فلا بدّ لنا من التمسّك بالصحيحة على وجه يتوافق مع تلك الأدلّة ، ونتيجة هذا التوافق هي القواعد الخمسة

٤٣٦

المذكورة ، وهذا غير استفادة نفس تلك القواعد بمجموعها من الصحيحة ، فعليك بالمراجعة والتأمّل ، ومن الله التوفيق والهداية.

* * *

وقد وقع الفراغ من تسويدها في السنة الواحدة والسبعين بعد الألف والثلاثمائة من الهجرة المقدّسة. والحمد لله وهو أهل للحمد.

* * *

وقد تشرّف بكتابة هذه النسخة الرّشيقة ، والرسالة المنيفة ، العبد الآثم مرتضى ابن جواد النجومي الكرمانشاهي ، عفى الله عنهما ، بحقّ محمّد وآله الطاهرين. وكان ذلك في اليوم الثامن والعشرين من شهر صفر المظفّر ، سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وسبعين للهجرة النبويّة الشريفة. والحمد لله أوّلا وآخرا.

* * *

٤٣٧

الفهرست

نبذة عن حياة المؤلّف............................................................. ٥

المسألة الاولى.................................................................. ١٥

المسألة الثانية.................................................................. ٣٠

المسألة الثالثة.................................................................. ٣١

المسألة الرابعة.................................................................. ٦٩

المسألة الخامسة................................................................. ٨٥

المسألة السادسة................................................................ ٨٩

المسألة السابعة............................................................... ١٠٤

المسألة الثامنة................................................................ ١١١

المسألة التاسعة............................................................... ١٢١

المسألة العاشرة................................................................ ١٢٥

المسألة الحادية عشر........................................................... ١٣١

المسألة الثانية عشر............................................................ ١٤٢

المسألة الثالثة عشر............................................................ ١٦١

المسألة الرابعة عشر........................................................... ١٦٥

المسألة الخامسة عشر.......................................................... ١٨٣

المسألة السادسة عشر......................................................... ١٨٨

المسألة السابعة عشر.......................................................... ١٩٧

المسألة الثامنة عشر........................................................... ٢٠١

المسألة التاسعة عشر.......................................................... ٢١١

المسألة العشرون.............................................................. ٢٢٢

المسألة الحادية والعشرون....................................................... ٢٢٣

٤٣٨

المسألة الثانية والعشرون........................................................ ٢٢٦

المسألة الثالثة والعشرون........................................................ ٢٣٢

المسألة الرابعة والعشرون........................................................ ٢٣٥

المسألة الخامسة والعشرون...................................................... ٢٤٠

المسألة السادسة والعشرون..................................................... ٢٤١

المسألة السابعة والعشرون...................................................... ٢٤٨

المسألة الثامنة والعشرون....................................................... ٢٤٩

المسألة التاسعة والعشرون...................................................... ٢٥٢

المسألة الثلاثون............................................................... ٢٦٢

المسألة الحادية والثلاثون....................................................... ٢٦٦

المسألة الثانية والثلاثون........................................................ ٢٦٧

المسألة الثالثة والثلاثون........................................................ ٢٦٩

المسألة الرابعة والثلاثون........................................................ ٢٧١

المسألة الخامسة والثلاثون...................................................... ٢٧٣

المسألة السادسة والثلاثون...................................................... ٢٧٤

المسألة السابعة والثلاثون....................................................... ٢٧٦

المسألة الثامنة والثلاثون........................................................ ٢٨١

المسألة التاسعة والثلاثون....................................................... ٢٨٣

المسألة الأربعون............................................................... ٢٨٥

المسألة الحادية والأربعون....................................................... ٢٩٠

المسألة الثانية والأربعون........................................................ ٢٩٢

المسألة الثالثة والأربعون........................................................ ٢٩٩

المسألة الرابعة والأربعون........................................................ ٣٠٧

المسألة الخامسة والأربعون...................................................... ٣٠٨

المسألة السادسة والأربعون..................................................... ٣١٢

٤٣٩

المسألة السابعة والأربعون....................................................... ٣١٦

المسألة الثامنة والأربعون........................................................ ٣١٩

المسألة التاسعة والأربعون....................................................... ٣٢٠

المسألة الخمسون.............................................................. ٣٢٢

المسألة الحادية والخمسون...................................................... ٣٣٠

المسألة الثانية والخمسون....................................................... ٣٣٣

المسألة الثالثة والخمسون....................................................... ٣٣٤

المسألة الرابعة والخمسون....................................................... ٣٣٧

المسألة الخامسة والخمسون..................................................... ٣٤١

المسألة السادسة والخمسون..................................................... ٣٤٥

المسألة السابعة والخمسون...................................................... ٣٥٠

المسألة الثامنة والخمسون....................................................... ٣٥٤

المسألة التاسعة والخمسون...................................................... ٣٥٧

المسألة الستّون............................................................... ٣٦١

المسألة الحادية والستّون........................................................ ٣٦٤

المسألة الثانية والستّون......................................................... ٣٦٧

المسألة الثالثة والستّون......................................................... ٣٦٩

المسألة الرابعة والستّون......................................................... ٣٧٠

المسألة الخامسة والستّون....................................................... ٣٧٢

رسالة في لا تعاد.............................................................. ٣٧٧

الفهرست.................................................................... ٤٣٨

* * *

٤٤٠