رسالة في فروع العلم الإجمالي

آية الله الشيخ باقر الزنجاني

رسالة في فروع العلم الإجمالي

المؤلف:

آية الله الشيخ باقر الزنجاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: انتشارات دار التفسير
المطبعة: وفا
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-535-198-2
الصفحات: ٤٤٠

المسألة التاسعة

قوله رحمه‌الله : (إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث أو غيره من الشكوك الصحيحة ...).

أقول : لو فرض أنّ الشكّ كان موجبا لركعة واحدة من الاحتياط كما في الشكّ بين الثلاث والأربع ، أو الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين ، وفي الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، مع فرض إرادة تقديم الركعة الواحدة الاحتياطيّة على الركعتين ، فبنى على الأكثر كالأربع في الفرض الأوّل مثلا ، ثمّ شكّ أنّ ما بيده هي آخر صلاته التي كان شاكّا في كونها ثالثة أو رابعة ، وبنى على أنّها رابعة ، أو أنّه قد أتمّها وخرج عن الصلاة بالتسليم ، وإنّما هي ركعة الاحتياط فهو عالم بعلم تفصيلي بوجوب إتمام ما بيده من الركعة على كلّ حال ، غاية الأمر مع التردّد في أنّه لكونها متمّمة لأصل الصلاة ، أو لكونها ركعة الاحتياط ، حتّى يكون التسليم في آخر هذه الركعة التي بيده واقعا في محلّه على كلّ حال؟

ولكن جريان قاعدة الاشتغال بأصل الصّلاة يلزمه تحصيل اليقين بفراغ الذمّة عن الركعة التي كانت تجب عليه إتمامها قبل التسليم وعدم الاكتفاء باحتمال إتمامها السابق ، مع إتمام ما بيده بعنوان ركعة الاحتياط.

كما أنّ قاعدة الاشتغال بالركعة الاحتياطيّة تقتضي تحصيل اليقين بفراغ الذمّة عنها ، وعدم الاكتفاء باحتمال تحقّقها بإتمام ما بيده بعنوان ركعة الاحتياط.

أمّا قاعدة الفراغ فلا مجال لجريانها في أصل الصلاة ، للشكّ في تحقّق الفراغ والتسليم ، كما لا مجال لجريان قاعدة التجاوز في تسليم أصل الصلاة ،

١٢١

للشكّ في الدّخول في الغير المترتّب ، للشكّ في كون ما بيده ركعة الاحتياط المترتّب على التسليم أم لا. بل استصحاب عدم دخوله في الغير محرز لموضوع عدم التجاوز ، فهو محكوم بوجوب إتمام ركعة أصل الصلاة بمقتضى مفهوم قاعدة التجاوز.

وعليه ، فلو أتى بتمام ما بيده من الركعة بقصد ما في ذمّته من آخر صلاته ، أو صلاة الاحتياط ، وتشهّد وسلّم ، ثمّ احتاط بركعة منفصلة ، فقد حصل اليقين له بتماميّة أصل صلاته إمّا قبلا أو بإتمام ما بيده ، واليقين بتحقّق الركعة الاحتياطيّة المنفصلة بعد السلام في أصل الصلاة إمّا بإتمام ما بيده أو بما أتى به من الركعة المنفصلة ، ولا يبقى وجه للاحتياط بإعادة أصل الصلاة أصلا.

ومحل كلام السيّد قدس‌سره في مثل هذا الفرض ، حيث حكم فيه بإتمام ما بيده بنيّة أصل الصلاة ، ثمّ الاحتياط بالركعة ثمّ إعادة أصل الصّلاة.

والاعتذار عن الاحتياط بالإعادة ، بأن منشأه احتمال زيادة تكبيرة الإحرام في صلاته ؛ حيث إنّه قد بنى على كون ما بيده من أجزاء الصلاة الأصليّة ومتمّما لها ، فعلى تقدير كونها في الواقع ركعة الاحتياط ، قد زاد في الركعة الأخيرة لصلاته تكبيرة الإحرام.

غريب جدّا ، بعد وضوح عدم مساعدة عبارة «العروة» لإرادة مثل هذه الفروض ، بعد تصريحه في العبارة بأنّ التردّد بين الأخيرة من أصل الصلاة والاولى من الاحتياط الذي لا يكون إلّا مع كون الاحتياط بركعتين ، وبعد وضوح أنّ ما أتمّه من الركعة قد يكون أتمّها بنيّة آخر الصلاة ، أو أتمّها بقصد ما في الذّمة ، فهذه

١٢٢

القصود الطارئة عليه في أثناء الركعة ، لا تغيّر واقع الركعة التي بيده من أصل صلاته ، فلم تزد فيها تكبيرة الإحرام ، لكنّها ليست زيادة في أصل صلاته ، إذ المفروض تماميّة أصل صلاته حينئذ من جهة الركعة بحسب بنائه ، وإنّما هي زيادة في الركعة الاحتياطيّة الواقعة في خارج الصلاة ، هذا.

وأمّا لو كان المفروض أنّ الشكّ كان موجبا لركعتين احتياطا ـ كما في الشكّ بين الاثنتين والأربع ، أو في الشكّ بين الاثنتين أو الثلاث والأربع ـ في إرادة تقديم الركعتين على الركعة ، فحال قاعدة الاشتغال حينئذ كما في السابق ، من حيث اقتضائها لليقين بالفراغ من أصل الصلاة ، ومن ركعات الاحتياط ، ولكن لا يمكن في مثله إتمام ما بيده بقصد ما في الذّمة ؛ لوضوح أنّ تماميّة هذه الصّلاة يقتضي التشهّد والتسليم في آخرها ، وكونها أولى للاحتياط يقتضي عدم ذلك ، فلا محيص عن قضاء قاعدة الاشتغال بإتمام ما بيده باحتمال كونها آخر الصلاة ، والتشهّد والتسليم ، ثمّ الإتيان بركعتي الاحتياط ، وحينئذ فيحتمل زيادة ركعة مشتملة على تكبيرة الإحرام بين أصل الصلاة وبين ركعتي الاحتياط ، فتبطل أصل الصلاة بناء على جزئية ركعات الاحتياط في الصلاة ، ولكن الشأن في وجوب الاحتياط بالإعادة ، أنّ الزيادة مدفوعة بالأصل.

إلّا أن يقال : إنّ المطلوب إحراز وصف تلك الركعة التي أتمّها وأنّها الأخيرة من الصلاة ، أو أولى الاحتياط التي آلت إلى الزيادة ، وليست لوصف تلك الركعة حالة سابقة ، كما أنّ أصالة عدم الزيادة لا يثبت عدم زيادة تلك الركعة ، وكونها جزءا من الصلاة.

١٢٣

فإنّه يقال : إنّ أصل المبنى ـ أعني جزئيّة ركعات الاحتياط من الصلاة على تقدير النقصان ـ ضعيف عندنا.

وكيف كان ، فالظاهر أنّ السيّد قدس‌سره قصد بكلامه مثل هذه الفروض ، حيث حكم بإتمام الركعة بنيّة آخر الصّلاة تعيينا ، ثمّ الإتيان بصلاة الاحتياط ، ثمّ إعادة أصل الصّلاة ، وهو المستفاد من ظاهر عبارته ، حيث فرض طرف التردّد أولى الاحتياط.

أقول : لكنّه مع ذلك يبقى عليه قدس‌سره مناقشة في العبارة من تعميمه في صدر العبارة لمطلق صور الشكوك الصحيحة ، بل تصريحه بخصوص فرض الشكّ بين الاثنتين والثلاث الذي لا يكون الاحتياط فيه إلّا بالرّكعة.

* * *

١٢٤

المسألة العاشرة

قال رحمه‌الله : (إذا شكّ في أنّ الركعة التي بيده رابعة المغرب أو أنه سلّم على الثلاث ، وهذه اولى العشاء ...).

أقول : في هذه المسألة فرضان :

الفرض الأوّل : فهو باطل ، لأنّه لا سبيل إلى البناء على أنّ ما بيده أولى العشاء حتّى يتمّها عشاء لاقتضاء وجوب الترتيب عدم الإتيان بها ، ما لم يحرز فراغ الذمّة عن الاشتغال بالمغرب ، ولا محرز لذلك في المفروض ، لعدم جريان قاعدة الفراغ بالنسبة إلى المغرب ، لكون الفراغ بمعنى الخروج عن المغرب بالتسليم مشكوكا فيه على الفرض.

كما لا سبيل لجريان قاعدة التجاوز بالنظر إلى سلام المغرب ، للشكّ في التجاوز عنه ، بمعنى التجاوز عن محلّه والدخول في الغير المترتّب عليه ، للشكّ في كون ما بيده من الركعة من العشاء ، التي هي الغير المترتّب على سلام المغرب بحسب المحلّ الشرعي ، لا مطلق الركعة حتّى ما فرضت زيادته في الصلاة.

بل ربما أمكن أن يقال : إنّ استصحاب كونه في أثناء المغرب ، وعدم دخوله في العشاء ، أصل موضوعيّ حاكم بعدم تحقّق موضوع التجاوز ، وتحقّق موضوع مفهوم قاعدة التجاوز ، وإن كان لا مجال له بالنظر إلى إثبات أنّ ما بيده رابعة في أثناء المغرب ، ولا حاجة إليه بالنظر إلى لزوم التسليم في المغرب لقضاء قاعدة الاشتغال بلزومه.

١٢٥

وكيف كان ، فلا قاعدة هنا تتكفّل إحراز صحّة المغرب ، حتّى يمكنه إتمام ما بيده إن كانت رابعة في المغرب ، فهو وإن كانت اولى العشاء ، فليكن رابعة في المغرب ، لما مرّ في المسائل السابقة من أنّ العدول إنّما هو لتصحيح المعدول إليه ، لا للجزم ببطلانه الذي كان مشكوكا فيه لو لا العدول ، كما في المقام ، فإنّ زيادة الركعة المشتملة على الرّكن في المغرب مشكوك فيها لو لا العدول ، وتكون قطعيّة بالعدول على ما هو واضح.

أقول : وهذا هو التعليل الصحيح لعدم إمكان إتمام ما بيده مغربا ، لا التعليل بأنّه قد فرض الشكّ في عدّة ركعات المغرب وأنّها ثلاثة أو أربعة ، وهو مبطل للمغرب ؛ وذلك لوضوح أنّ موضوع الإبطال بحسب الأدلّة إنّما هو الشكّ في الأثناء قبل الفراغ بالتسليم ، وإلّا فالشكّ الحاصل في المغرب والثنائيّة في هذه الركعات بعد الفراغ من الصلاة ، حاله كحالة الشكّ في سائر الأجزاء فيها ، أو في عدد الركعات ، أو في سائر الأجزاء في سائر الصلوات ، من أنّه محكوم بسائر القواعد والاصول.

وعليه ، فكما أنّ المسألة المبحوث عنها تعدّ شبهة مصداقيّة بالنظر إلى تحقّق موضوع قاعدة الفراغ والتجاوز ، كذلك تعدّ شبهة مصداقيّة بالنظر إلى تحقّق موضوع قاعدة بطلان الثلاثيّة في أثنائها ، فكما لا يمكن الحكم بالصحّة بالتمسّك بالاولى ، كذلك لا يمكن الحكم بالفساد بالتمسّك بالثانية ، فتصل النوبة إلى قاعدة الاشتغال ، حيث إنّه لا سبيل إلى إتمام ما بيده مغربا ، حتّى تجب عليه العشاء ، ولا عشاء حتّى تجب عليه المغرب ، ولا خفاء في أنّ العقل حاكم بلزوم تحصيل الفراغ

١٢٦

اليقيني عن اشتغال الذمّة بالصلاتين ، وعدم الاكتفاء باحتمال تحقّق المغرب الصحيح قبلا ، وعدم الاكتفاء باحتمال صحّة العشاء ، وقد أتمّ ما بيده عشاء ، فلا محيص عن الإتيان بالمغرب ثمّ العشاء.

ولكن ، حيث إنّه في الفرض عالم إجمالا بأنّه :

إمّا أنّ المغرب قد تمّت سابقا وهذه عشاء صحيحة يحرم قطعها ويجب إتمامها.

أو أنّ ما بيده مغرب قد زادت فيه الركعة وبطلت ، فيجب عليه استينافها ثمّ الإتيان بالعشاء.

ولا موجب لانحلال هذا العلم ، حتّى تجري البراءة عن احتمال حرمة القطع عن المعارض ، فلا بدّ من أن يحتاط بإتمام ما بيده عشاء برجاء أن تكون ما بيده الاولى منها ، ثمّ الإتيان بالفريضتين لاحتمال أن تكون ما بيده رابعة في المغرب.

الفرض الثاني : من هذا البيان يتّضح لك وجه الصحّة في الفرض الثاني ، حيث إنّ حاله كحال الفرض الأوّل في عدم إمكان إتمام ما بيده عشاء ، بعين البيان المتقدّم ، ولا يضرّ الشكّ في كون المغرب ثلاثة أو أربعة ، بعد عدم صدق أنّ هذا الشكّ شكّ في أثنائها ، فلا يضرّ في صحّة المغرب ، على تقدير كونه قد سلّم فيها في الثالثة ، ولا في صحّتها على تقدير كونه قد زاد فيها قياما وقراءة أو تسبيحا ونحو ذلك ، وحينئذ فيمكنه إتمام ما بيده بنحو يحصل له القطع بتحقّق مغرب صحيحة ، بأن يترك القيام ويجلس ويتشهّد ويسلّم ، باحتمال أن تكون ما بيده رابعة زائدة قبل تسليم المغرب سهوا ، وحينئذ فيقطع بأنّه قد تحقّق منه مغرب

١٢٧

صحيحة إمّا في السابق أو فعلا ، ولكنّه يقطع بعدم امتثال أمر العشاء ، إمّا لعدم الشروع فيها رأسا ، أو عروض البطلان عليها بالتشهّد والتسليم العمدي فيها ، فيجب عليه الإتيان بالعشاء ، ويحتاط بالسجدتين للزيادة المحتمل وقوعها في أثناء مغربه.

أقول : وهذا هو التعليل الصّحيح ، لا التعليل بالعدول إلى المغرب وإتمامها مغربا ، كيف والمسألة ليست محلّا للعدول قطعا على كلّ تقدير ، إذ هو على تقدير كونه زائد فعلا في أثناء المغرب ، فهو غير مشتغل بالفريضة اللّاحقة حتّى يعدل عنها إلى السابقة ، بل هو مشتغل بنفس السابقة واقعا ، وعلى تقدير كونه فعلا خارجا عن المغرب ومشتغلا بالعشاء ، فقد تمّت المغرب ، ولا حاجة إلى العدول إليه من العشاء.

وربما استشكل : في جواز ما فرضناه من كيفيّة تحصيل القطع بتحقّق مغرب صحيح ، من جهة أنّ جواز ترك ما بيده من الركعة باحتمال كونها رابعة زائدة في المغرب ، معارض باحتمال حرمة قطع ما بيده ، لاحتمال كونها عشاء صحيحة بعد تماميّة المغرب ، وقاعدة الاشتغال في المغرب لا تثبت أنّ ما بيده رابعة زائدة يجوز قطعه ، كما أنّ استصحاب كونه بعد في المغرب وغير متعد إلى العشاء ، لا يثبت ذلك ، فلا مجوّز لذلك الهدم والقطع ، إلّا مجرّد مراعاة تحصيل اليقين بالبراءة عن تكليف المغرب ، وهو لا ينحصر في هذه الكيفيّة ، بل يحصل باستيناف المغرب أيضا ، فعليه أن يحتاط بإتمام ما بيده باحتمال أن يكون عشاء صحيحة يحرم قطعها ، ثمّ يستأنف الصلاتين لقاعدة الاشتغال ، كما في الفرض السابق.

١٢٨

ولكنّه مندفع : بوضوح الفرق بين هذا الفرض والفرض السابق ، حيث إنّه كان هناك عالما إجمالا بأنّه إمّا أن تكون ما بيده عشاء صحيحة بعد المغرب الصحيح ويجب عليه إتمامها ويحرم قطعها ، أو يكون ما بيده مغربا باطلا ، يجب عليه الاستيناف ثمّ الإتيان بالعشاء ، بخلاف هذا الفرض ، فإنّه عالم إجمالا بأنّه إمّا أن تكون ما بيده عشاء صحيحة بعد المغرب الصحيح يجب إتمامها عشاء أو يحرم قطعها ، أو تكون مغربا صحيحا قد زاد فيه قيام وذكر سهوا ، ويجب عليه إتمامها مغربا ، ويحرم قطعها.

ومن المعلوم عدم إمكان الموافقة القطعيّة لهذا العلم الإجمالي ، وإمكان المخالفة القطعيّة بأن يرفع اليد عمّا بيده ويستأنف الصّلاتين ، وإمكان الموافقة الاحتماليّة إمّا بإتمام ما بيده مغربا أو إتمامه عشاء ، وحيث إنّه لا محيص في مثله عن سقوط الاحتياط التامّ ـ بمعنى عدم وجوب الموافقة القطعيّة ـ ولا محيص عن ثبوت الاحتياط الناقص ـ بمعنى حرمة المخالفة القطعيّة ، ووجوب الموافقة الاحتماليّة ـ فلا يجوز له رفع اليد عمّا بيده رأسا والاكتفاء باستئناف الفريضتين ، بل يتخيّر بين أن يتمّ ما بيده مغربا كما قدّمناه ، ثمّ يأتي بالعشاء فقط ، وبين أن يتمّه عشاء ثمّ يأتي بالفريضتين.

أقول : ثمّ لا يخفى عليك أنّ هذه المسألة غير المسألة الخامسة المتقدّمة ، حيث إنّه كان المفروض هناك الشكّ في أنّ ما بيده من الركعة رابعة الظهر أو أولى العصر ، وعلى طبقه كأن يفرض في العشاءين أنّ ما بيده من الركعة ثالثة المغرب أو أولى العشاء. وقد أوضحنا هناك حكم أصل المسألة ، وأشرنا إلى حكم فرضه في العشاءين.

١٢٩

وهذا بخلاف هذه المسألة ، فإنّ المفروض فيها أنّه يشكّ في أنّ ما بيده من الركعة رابعة زائدة في المغرب ، أو هي أولى العشاء ، وقد أوضحنا الحكم فيها وقلنا إنّه لو فرضناها في الظهرين ، بأن يشكّ أنّ ما بيده من الركعة هي خامسة الظهر أو هي أولى العصر ، وقد سلّم في الظهر على الرابعة ، فالحكم هو عين ما قدّمناه في العشاءين في كلا شقّي المسألة ، من حيث الدخول في الركوع وعدمه بلا تفاوت وحذوا بحذو ، فعليك بالتامّل.

* * *

١٣٠

المسألة الحادية عشر

أقول : في هذه المسألة فرعان :

الفرع الأوّل : قوله رحمه‌الله : (إذا شكّ وهو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين والثلاث ، وعلم بعدم إتيان التشهّد في هذه الصلاة ، فلا إشكال ...).

أقول : الظاهر عدم كون التشهّد جزءا متمّما للركعة الثانية لوضوح عدم الحاجة إليه في تماميّة الركعة الثانية ، ولا جزءا من الركعة الثالثة كما يشهد بذلك عدم وجود ركعة بعد التشهّد الأخير ، حتّى يكون جزءا منها ، إلّا أنّ إرجاع المسألة إلى صغريات تلك المسألة ، وأنّ التشهّد هل هو جزء من الثالثة حتّى يكون مفاد قاعدة البناء على الأكثر تحقّقه بتحقّقها ، أو هو واجب مستقلّ حتّى تكون القاعدة ساكتة عنها نفيا وإثباتا؟

فإنّه لا وجه لهذا الكلام أصلا ، لبداهة أنّه على فرض تسليم أنّ التشهّد جزء من الثالثة أيضا ، فلا يحتمل في المقام تكفل قاعدة البناء على الأكثر على التعرّض بحال التشهّد ، وإنّه قد تحقّق ، كيف والمفروض العلم بعدم تحقّق التشهّد الأوّل إلّا في هذه الصلاة ، سواء فرض جزء من الثانية أو من الثالثة ، أو فرض واجبا مستقلّا ، وسواء كان ما بيده الركعة الثانية أو الثالثة ، فلا شكّ ـ بالنظر إلى تحقّق التشهّد ـ حتّى يحتاج إلى التعبّد ، فيتعبّد بتحقّقه ، بل التعبّد بتحقّق ما علم عدمه ، أو بعدم ما علم تحقّقه بتعبّد أصلي ، يكون مفاده الحكم الظاهري العذري ، أمر مستحيل على ما هو واضح.

١٣١

وبالجملة : فلا شكّ في المسألة في أصل تحقّق التشهّد الأوّل ، بل هو معلوم العدم ، وإنّما المشكوك فيه هو أنّ المكلّف هل هو جالس بعد إتمام الركعة الثانية ، حتّى يكون هناك محلّه الأصلي ، فيجب إتيانه فيه ، أو هو جالس بعد إتمام الثالثة ، حتّى يكون قد تجاوز محلّه الأصلي من دون أن تبطل الصلاة بفواته ، بل يجب قضائه في خارج الصلاة على ما استفيد من الأدلّة؟

وبعبارة اخرى : ما نحتاج إلى التعبّد فيه ، إنّما هو أنّ ما هو جالس بعد إتمامه ، هل هي الركعة الثانية أو الثالثة بمفاد كان الناقصة ، وبأيّها تعبّد فلا محيص عن وجوب الإتيان بالتشهّد حينئذ ، لوجوبه شرعا بعد الثانية.

ولكن المفروض خلاف ذلك ، وأنّه قد تعبّدنا بأنّها هي الثالثة ، لعدم إتيان التشهّد في محلّه الأصلي ، إذا كان تذكّره بعد الدخول في الرّكن الذي من جملة مصاديقه الدخول في الركعة والفراغ عنها وحينئذ فهو محكوم شرعا بإتمام صلاته وتدارك التشهّد في خارج الصلاة ، وعليه فحكم الشرع بصحّة الصلاة ، ووجوب إتمامها ، وتدارك الفائت فيما بعد الصّلاة قد أخذ في موضوعه ؛ أمران :

أحدهما : فوات الفائت كالتشهّد في محلّ الكلام ، بمعنى عدم تحقّقه في محلّه الأصلي.

والثاني : تذكّر فواته بعد الدخول في الرّكن المترتّب على الفائت المفروض ، سواء كان في أثناء الثالثة أو بعدها ، أو في أثناء الرابعة أو بعدها ، أو بعد الصلاة ، من غير دخالة شيء من هذه الخصوصيّات في موضوع الحكم ، بل الدخيل هو كون التذكّر للفائت بعد تحقّق الرّكن المترتّب عليه ، وحيث إنّ المصلّي على يقين في

١٣٢

محلّ الكلام بأنّ ما خرج عنها من الركعة قد تحقّقه بجميع ما يعتبر فيها من الأجزاء الرّكنيّة وغيرها ، سواء كانت ثانية أو ثالثة ، وإنّما الشكّ في كونها ثانية أو ثالثة ، فتعبّد الشارع بكونها الثالثة عين التعبّد بأنّ ما تحقّق فيها من الركوع والسجود من الأركان المترتّبة على التشهّد الفائت.

والنتيجة : أنّ أصل عدم الإتيان بالتشهّد في محلّه الأصلي محرز بالوجدان ، كما أنّ كون تذكّره لعدم الإتيان به بعد الركوع والسجود أيضا محرز بالوجدان ، ولكن كونهما الركوع والسجود المترتبين على التشهّد ؛ أعني كونهما الركوع والسجود في الثالثة مشكوك ، قد أحرز بالتعبّد على الفرض ، فلا محيص عن ترتّب الحكم من دون إشكال.

هذا كلّه بناء على ما هو الحقّ من كون مفاد قاعدة البناء على الأكثر هو التعبّد بثالثيّته الموجود ، أو رابعيّته بنحو مفاد كان الناقصة ، فإنّ التعبّد بثالثيّة الموجود يكفي في اتّصاف تذكّر الفوات ، أنّه بعد الركوع والسجود المترتّبين على التشهّد ، سواء فرض قيد الموضوع التذكّر بوصف أنّه حصل بعد تحقّق الرّكن المترتّب على الفائت ، بنحو التقيّد والتذكّر ، مع تحقّق الرّكن المترتّب بنحو التركّب ، وإن كان الحقّ هو الثاني ، ولا موجب للأوّل بحسب مفاد الأدلّة على ما هو واضح.

وأمّا بناء على كون مفادها التعبّد بأصل تحقّق الزائد عن القدر المتيقّن ، كالثالثة والرابعة بنحو مفاد كان التامّة. فحيث إنّ ثالثيّة ما يشكّ في أصل وجوده محرز مفروغ عنه ، وإنّما يشكّ في تحقّقه لا في اتّصافه بالثالثيّة. وهذه عبارة أخرى عن أنّ الركوع والسجود اللّذين يوجدان في الثالثة ، هما الركوع والسجود

١٣٣

المترتّبان على التشهّد ، وإنّما يشكّ في تحقّقهما ، للشكّ في أصل تحقّق الركعة ، والمفروض أنّ طرفي الشكّ هما عدم تحقّق شيء من الثالثة رأسا ، وتحقّقها بتمام أجزاءها وأركانها ، فالتعبّد بالثاني عين التعبّد بتحقّق الرّكن المترتّب على التشهّد ، وبعد إحرازه بالتعبّد مع تحقّق التذكّر لعدم الإتيان بالوجدان يتمّ الجزءان للموضوع ، لكنّه إنّما يتمّ بناء على تركّب الموضوع ، وأمّا بناء على تقيّده واعتبار كون التذكّر حادثا بعد تحقّق الرّكن المترتّب ، فلا محالة يحتاج إحراز اتّصاف التذكّر بذلك القيد والوصف ، إلى لسان الإثبات في قاعدة البناء على الأكثر ، المتكفّلة للتعبّد بوجود الركعة الثالثة.

والخلاصة : فقد تحصّل أنّ العقل في نفسه حاكم في محلّ الشكّ في أنّه ما بعد الثانية أو الثالثة ، بلزوم إتيان التشهّد حينئذ ، لاحتمال كونه عقيب الثانية ، مع قضائه فيما بعد الصلاة ، لاحتمال كونه عقيب الثالثة ؛ وذلك لتحصيل اليقين بالفراغ عمّا اشتغلت به الذمّة من الصّلاة المشتملة على التشهّد في محلّه ، أو على تداركه في الخارج.

ولكن قاعدة البناء على الأكثر واردة على قاعدة الاشتغال ، وحاكمة عليها ، ودالّة على أنّه يجب على المصلّي إتمام ما بيده بالبناء على الأكثر ، وأنّ ما خرج عنها هو الثالثة وقد مضى المحلّ الأصلي وأنّه يحصل اليقين بالفراغ بمجرّد القضاء بعد الصلاة.

قد يقال : إنّ القاعدة قاصرة عن إثبات تجاوز المحلّ الأصلي للتشهّد ، ووجوب قضائه ، فمع البناء على الأكثر ـ وهو الثلاث من حيث عدد الركعات فقط ،

١٣٤

وأنّه لا يحتاج في إحراز تمام صلاته من إضافة ركعة اخرى من دون تعرّض للقاعدة لفوات محلّ التشهّد نفيا وإثباتا ـ فلا محالة يبقى علمه الإجمالي بالنظر إلى التشهّد ، وأنّه : إمّا يجب عليه التشهّد فعلا ، أو يجب عليه قضائه في خارج الصلاة مع سجدتي السهو ، منجزا لتكليفه ، وموجبا للاحتياط على طبقه ، فيتشهّد فعلا مع بنائه على كون ما خرج عنها هي الركعة الثالثة ، ثمّ يقضيه بعد إتمام الصلاة ، ثمّ يحتاط بالركعة ، ويسجد سجدتي السهو ، وحيث يمكن عدّ هذا الفرض من فروض المتباينين ، بالنظر إلى طرفي الشكّ ـ أعني وجوب التشهّد فقط فعلا ، أو هو في الخارج مع سجدتي السهو ـ لا من فروض الأقلّ والأكثر ، كما في مثل العلم الإجمالي بوجوب التشهّد فقط في خارج الصلاة ، أو هو مع سجدتي السهو على ما أوضحناه في مباحث العلم الإجمالي.

وبالجملة : فإذا تشهّد في مثل الفرض ، فلا محالة يحصل له العلم بأنّه :

إمّا زاد في صلاته تشهّدا عمدا في غير محلّه ، وهذا على تقدير كون ما خرج عنها هي الركعة الثالثة.

أو تشهّد في محلّه ، ولكن نقص في صلاته ركعة ، وهذا على تقدير كون ما خرج عنها هي الثانية.

فربّما يتوهّم : أنّه يتولّد له من هذا العلم الإجمالي العلم التفصيلي ببطلان صلاته. غاية الأمر ، مع التردّد في منشأ البطلان.

والتوهّم مبنيّ على توهّم أنّ كلّا من نقص الركعة أو زيادة التشهّد عمدا في الواقع ، موجبان لبطلان الصلاة.

١٣٥

ولكنّه توهّم باطل : لبداهة أنّه لو فرض انكشاف الواقع ، وحصول العلم التفصيلي بزيادة ما أتى به المكلّف ، من الأجزاء الغير الركنيّة في موارد الشكّ في إتيانها قبل تجاوز محلّ شكوكها ، بمقتضى القواعد الشرعيّة ، أو بمقتضى حكم العقل بالاحتياط ، وتحصيل القطع بالفراغ ، لما أوجبت هذه الزيادة بطلان الصلاة ، فإنّها وإن كانت زيادة عمديّة اختياريّة ، إلّا أنّه حيث إنّها بداعي امتثال الأمر ، واحتمال أنّه لو لم يأت به ، لكان ما أتى به ناقصا غير منطبق على ما أمر به ، لا بداعي أن يكون ما أتى به جزءا للمأمور به ، سواء كان محتاجا إليه في الواقع أم لا.

وبعبارة اخرى : حيث إنّها بداعي أن لا ينقص ما أتى به فيما أمر به ، لا بداعي أن يزيد ما أتى به فيما أمر به ، على ما هو واضح ، فلا محالة تكون زيادته سهويّة لا عمديّة. وهذا بخلاف نقصه في الواقع لو لم يأت به مع الشكّ فيه ، فإنّه بمقتضى القواعد الشرعيّة أو حكم العقل غير معذور فيه ، على تقدير تحقّقه في الواقع ، وهذا يكون تركه مع وجود تلك القواعد ، نقصا عمديّا على تقدير الحاجة إليه في الواقع.

وجملة القول : إنّ أدلّة إبطال الزيادة العمديّة منصرفة إلى ما كان بداعي أن يزيد ما أتى به في الصلاة ، ومنصرفة عمّا إذا كان بداعي أن لا ينقص ما أتى به عمّا أمر به ، فتشمله الأدلّة الدالّة على عدم بطلان الصلاة بالزيادة السهويّة ، غاية الأمر أنّها توجب سجدتي السهو مطلقا ، أو في بعض الأجزاء على الخلاف.

وهذا كما أنّه على فرض انكشاف الواقع ، وحصول العلم التفصيلي بنقص الركعة في الصلاة ، مع البناء فيها على الأكثر والتدارك في خارج الصلاة ، لما أوجب

١٣٦

ذلك النقص البطلان ، بل تكون الصلاة صحيحة ، والنقص متداركا بالركعة الاحتياطيّة ، كما هو مفاد أخبار

البناء على الأكثر بالصراحة ، وإن كان هذا حال كلّ من الأمرين في نفسه على تقدير انكشافه ، وكونه معلوما بالتفصيل ، فهي الحال فيما كان كلا الأمرين منكشفا ومعلوما بالتفصيل معا ، وإذا كان هذه هي الحال فيما علم بكلا الأمرين تفصيلا ، فما ظنّك بالعلم الإجمالي بتحقّق أحدهما بنحو الانفصال الحقيقي.

وخلاصة القول : لا تعارض بين القاعدة المقتضية لإتيان ما شكّ فيه من الأجزاء في محلّة ، وبين قاعدة البناء على الأكثر ، الذي لا خفاء في أنّه ليس أصلا مرخّصا محضا ، وإنّما هو مرخّص من حيث وجوب إضافة الركعة متّصلة ، والأصل منجز بالنظر إلى احتمال نقص الصلاة ، وحاكم بلزوم تداركه في الخارج ، لكونهما قاعدتين منجّزتين احتياطيّتين شرعيّتين أو عقليّة وشرعيّة.

وعلى كلّ حال ، فلا يلزم من العلم بهما مخالفة قطعيّة لتكليف معلوم ، لا بناء فيهما على خلاف واقع معلوم ، ولا منشأ للتّعارض إلّا أحد هذين ، وقد عرفت أنّه لا يتولّد علم تفصيلي بالبطلان من العمل بالقاعدتين معا ، فلا محيص عن العمل بهما ، والاحتياط على طبقهما.

وأمّا توهّم : أنّ هناك علم إجمالي آخر دالّ على أنّه قد تمّت صلاته ، ولكنّه يقضي بوقوع التشهّد في محلّه سهوا وأنّه زاد على صلاته بإتيانه التشهّد في غير محلّه ، فتجب عليه سجدة سهو لما زاده فضلا عن قضاء التشهّد الفائت ، وهذا على تقدير كون ما خرج عنها الثالثة.

١٣٧

وأمّا إن نقصت صلاته مع ركعة فبطلت وتجب عليه الإعادة ، وهذا على تقدير كون ما خرج عنها ثانية ، فقاعدة البناء على الأكثر ، تنفي احتمال النقص في الركعة ، وأصالة البراءة عن سجدتي السهو تنفي وجوبهما لكلّ من احتمال الزيادة والنقيصة السهويّة ، فتلزم المخالفة القطعيّة العمليّة للمعلوم بالإجمال ، فلا بدّ من التعارض والتساقط ، فلا يبقى حينئذ وجه مصحّح للعمل ، فلا بدّ من معاملة البطلان مع تلك الصلاة ورفع اليد عنها واستئنافها ؛ كما أفاده بعض الأجلّة ، بعد حكمه بعدم الأثر للعلم الإجمالي السابق ، من حيث القطع ببطلان الصلاة على تقدير زيادة التشهّد أو نقص الركعة ، لكون ما أتى به احتياطا محكوم بحكم الزيادة السهوية الموجبة للسجدتين.

فهو فاسد ؛ أوّلا فلوضوح أنّ قاعدة البناء على الأكثر ليست قاعدة مرخّصة محضة ، وإنّما هي مرخّصة من جهة ومنجّزة من جهة اخرى ، على ما أوضحناه غير مرّة ، فهي في حين أنّها تحكم بأنّ ما خرج عنها ثالثة ، لا يحتاج إتمام الصلاة والخروج عنها بالتسليم إلى إضافة أزيد من ركعة واحدة ، تحكم بأنّها يحتمل أن تكون الثانية وأنّ الصلاة تنقص بإتمامها بإضافة الركعة ، بل على إضافة ركعة في الخارج.

نعم ، أصالة البراءة عن السجدتين أصل مرخّص محض ، وقد ثبت أنّه إذا كان في بعض أطراف العلم أصل منجّز ، وفي بعضها أصل مرخّص ، فلا محيص عن الانحلال ، وجريان الأصل المرخّص سليما عن المعارض.

وبعبارة اخرى : زيادة التشهّد ونقصه واقعا وإن كانا ذا أثر من حيث إيجاب

١٣٨

سجدتي السهو ، ولذا لو علم بهما تفصيلا ، لا محيص عن ترتيب هذا الأثر ، لكن ثبت أنّ نقص الركعة في الواقع ممّا لا أثر له من حيث إبطال العمل ، ووجوب الإعادة ، بعد حكم الشرع بأنّه على تقديره يتدارك بركعة الاحتياط ، فلا أثر للعلم الإجمالي المفروض إلّا في أحد طرفيه ، فلا سبيل إلى تنجيز مثل هذا العلم ، بل لا بدّ من جريان الأصل المرخّص في الطرف الذي له الأثر سليما عن المعارض.

فتحصّل من جميع ما ذكرناه : أنّ الأقوى في المسألة هي كفاية قاعدة البناء على الأكثر ، في إثبات أنّه قد فات التشهّد في محلّه الأصلي ، وأنّ المصلّي تجاوز محلّ تداركه في الأثناء ، فلا يجب عليه إلّا قضائه بعد ركعة الاحتياط ، مع سجدتي السهو للنقيصة.

وعلى فرض المناقشة في ذلك ، فالأظهر أنّه لا أثر للعلمين الإجماليّين المتقدّمين المتولّدين من الإتيان بالتشهّد في الأثناء ، فمقتضى قاعدة البناء على الأكثر إتمام الصلاة بإضافة ركعة إليها ، مع ركعة الاحتياط في الخارج ، ومقتضى العلم الإجمالي بوجوب التشهّد إمّا في الأثناء ، أو بعد الصلاة مع سجدتي السّهو للنقيصة ، هو لزوم الاحتياط بالتشهد بعد البناء على الأكثر ، ثمّ إضافة الركعة ، وإتمام الصلاة ، ثمّ الاحتياط بالركعة ، ثمّ قضاء التشهّد ، ثمّ سجدة السهو.

فعليك بالتأمّل في المسألة ، حتّى لا يختلط عليك الأمر في مقتضيات العلوم الإجماليّة الموجودة في المسألة أو المتولّدة من الإتيان بالتشهّد في الأثناء.

* * *

١٣٩

الفرع الثاني : قوله قدس‌سره (وأمّا لو شكّ وهو قائم بين الثلاث والأربع ، مع علمه بعدم الإتيان في الثانية ، فحكمه المضيّ ...).

أقول : لا يخفى عليك أنّ مفروضه قدس‌سره هو العلم بعدم إتيان التشهّد في الثانية ، وحينئذ فإن كان المفروض أنّه شكّ بين الثلاث والأربع ، وهو قائم بعد الركوع فيما بيده ، فقد قطع تجاوز محلّ التدارك على كلّ تقدير ؛ أي سواء كانت ما بيده الركعة الثالثة أو الرابعة ، فلا بدّ حينئذ من البناء على الأكثر والاحتياط بالركعة ، وقضاء التّشهد وسجدتي السهو من دون حاجة في ذلك إلى قاعدة البناء على الأكثر.

ولا محلّ للتعليل في مثله بأنّ الشكّ بعد تجاوز المحلّ ، إذ لا شكّ في إتيان التشهّد حتّى يكون بعد تجاوز محلّه ، وعلى فرضه كان محكوما بالتحقّق لا بالفوات والقضاء.

وأمّا الشكّ بين الثلاث والأربع ، فكونه قبل تجاوز المحلّ أو بعده ، أجنبيّ عن المسألة ، وإنّما المدار على كون التذكّر قبل فوات المحلّ أو بعده ، وهو في هذا الفرض قاطع بأنّه بعد تجاوز محلّ التدارك الذكري ، وإن كان المفروض أنّه شكّ وهو قائم قبل الرّكوع فيما بيده من الركعة ، فهو قد تذكّر ترك التشهّد قطعا ، ولكنّه يشكّ في أنّ تذكره حدث قبل فوات محلّ التدارك الذكري أو بعده ، لا الشكّ في أنّ ما بيده الثالثة أو الرابعة ، وحينئذ فحكم المسألة عين الحكم في المسألة السابقة حذوا بحذو من دون فارق أصلا ، فيجري فيها جميع ما فيها من الأبحاث المتقدّمة ، فلا وجه للتفرقة بينها بالإشكال في وجوب التشهّد في الاولى ، ونفي البعد عن عدم وجوبه والجزم بهذا الحكم في الثانية.

١٤٠