موسوعة أخلاق القرآن - ج ٣

الدكتور أحمد الشرباصي

موسوعة أخلاق القرآن - ج ٣

المؤلف:

الدكتور أحمد الشرباصي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الرائد العربي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٧٩

الخشية هي الخوف في محل الأمل ، ولقد تحدثت عن الفرق بينهما في كتابي «أخلاق القرآن» فقلت هذه العبارة : «واذا واصلنا قراءتنا في كتب السلف فيما يتصل بالخوف وجدنا جملة ألفاظ متقاربة ، وان لم تكن مترادفة ، ومنها : الخوف ، والخشية ، والرهبة ، والوجل ، والهيبة. وقد قالوا في التفرقة الدقيقة بينها : ان الخوف هرب من حلول المكروه عند استشعاره ، وهو لعامة المؤمنين ، وصاحبه يلتجىء الى الهرب والامساك. والخشية أخص من الخوف ، وهي للعلماء العارفين بالله ، المشار اليهم بقوله تعالى : «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ». وصاحب الخشية يلتجىء الى الاعتصام بالله ، وعلى قدر العلم تكون الخشية ، ولذلك قال سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام : «اني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية» (١).

وقد فرقوا بين الخوف والخشية ، فقالوا ان الخوف خشية سببها ذلّ الخاشي ، وان الخشية خوف سببه عظمة المخشيّ ، ولذلك كان العلماء بالله أكثر خشية ، لأنهم عرفوا عظمة الله فخافوه ، لا لذل منهم ، بل لعظمة جانب الله. والعبد اذا نظر الى نفسه وجدها في غاية الضعف ، فيشعر بالخوف ، واذا نظر الى حضرة الله تعالى رآها في غاية العظمة فيشعر بالخشية ، ودرجة الخشية فوق درجة الخوف ، وان قربت منها واتصلت بها».

والخشية فضيلة أخلاقية من الفضائل التي تحدث عنها القرآن الكريم في كثير من الآيات ، ورفع شأنها ، ونوه بأصحابها ، ونلاحظ أن أغلب الآيات التي تحدثت عن خلق الخشية ، تذكر الخشية متعلقة بثلاثة أسماء من أسماء الله الحسنى ، هي : الله ، والرب ، والرحمن. فنجد في القرآن

__________________

(١) كتاب أخلاق القرآن ، الجزء الاول ، ص ١٦٠.

٤١

آيات تربط بين الخشية واسم «الله». ففي سورة التوبة :

«وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ ، وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ»(١).

وفي سورة النور :

«وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ»(٢).

وفي سورة الاحزاب :

«وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ»(٣).

ولعل هذا الارتباط لأنه لا معبود سوى الله ، ولأنه لا عظيم كعظمة الله. وقد جاء في سورتي الحج ولقمان :

«وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ»(٤).

فهو سبحانه الجدير بالخشية لا الناس.

ونجد آيات تربط بين الخشية والاسم الكريم : «الرب» ففي سورة الرعد :

«وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ١٨.

(٢) سورة النور ، الآية ٥٢.

(٣) سورة الاحزاب ، الآية ٣٧.

(٤) سورة الحج ، الآية ٦٢ وسورة لقمان ، الآية ٣٠.

٤٢

رَبَّهُمْ»(١).

وفي سورة الانبياء :

«الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ»(٢).

وفي سورة فاطر :

«إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ»(٣).

وفي سورة الملك :

«إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ»(٤).

ولعل هذا الارتباط قد كان ، لأن «الرب» هو الذي خلق فسوى ، والذي قدر فهدى ، وهو الذي ربّى وأرشد ، ومن أعطى الفضل برحمته ، قادر على سلبه بقدرته ، فكان بذلك أهلا لأن يخافه الناس ويخشوه.

ونجد آيات تربط بين الخشية والاسم الكريم : «الرحمن» ، ففي سورة يس :

__________________

(١) سورة الرعد ، الآية ٢١.

(٢) سورة الانبياء ، الآية ٤٩.

(٣) سورة فاطر ، الآية ١٨.

(٤) سورة الملك ، الآية ١٢.

٤٣

«إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ»(١).

وفي سورة ق :

«مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ»(٢).

ولعل سر هذا الارتباط هو أن المتحلي بفضيلة الخشية يستحق الرضى والرضوان ، وهما من فضل الله الرحمن المنعم بدقائق النعم وجلائلها ، ولعل من سر ذلك أيضا أن الله تبارك وتعالى يريد أن يذكّر المتصفين بصفة الخشية أنها ليست صفة رعب أو فزع ، لأنها موصولة الاسباب بمصدر الرحمة : الرحمن الرحيم.

وما دام الامر كذلك فمن حق القرآن علينا أن يأمرنا بخشية الله وحده ، وأن لا نخشى أحدا سواه ، فيقول في سورة التوبة :

«أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»(٣).

ويقول في سورة المائدة :

«الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ»(٤).

وفي سورة البقرة أيضا :

«فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ»(٥).

__________________

(١) سورة يس ، الآية ١١.

(٢) سورة ق ، الآية ٣٣.

(٣) سورة التوبة ، الآية ١٣.

(٤) سورة المائدة ، الآية ٣.

(٥) سورة البقرة ، الآية ١٥٠.

٤٤

أي لا تهابوا الكافرين أو المجرمين ، لأن المستحق للخشية منه هو الله جل جلاله ، لأنه أهل التقوى وأهل المغفرة ، ولانه القادر المسيطر ، ولانه الذي يفي بما وعدكم أيها الابرار من ثواب ، وهو القادر على تنفيذ ما أوعد به المجرمين من عقاب ، وهو لا يخلف الميعاد.

* * *

ومن جلال التصوير القرآني لمكانة فضيلة الخشية أن الله تعالى أنزل القرآن تذكرة لأهل هذه الفضيلة ، فكأنهم هم الذين ينتفعون بالقرآن ويستفيدون منه ، وكأنه قد جاء لهم ومن أجلهم ولفتح أبواب الخير أمامهم ، يقول القرآن في فاتحة سورة طه : «طه ، ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ، إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى». ولذلك جاءت خشية الله في طليعة الصفات التي يتحلى بها السابقون الى الخير والبر ، والفائزون بعظيم الثواب والاجر ، فيقول القرآن في سورة (المؤمنون) :

«إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ ، أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ»(١).

ومن هنا حسن في حديث القرآن أن يجعل الخشية من صفة الملائكة ، وهم عباد الله المكرمون ، فيقول عنهم في سورة الانبياء :

«يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ

__________________

سورة المؤمنون ، الآيات ٥٧ ـ ٦١.

٤٥

ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ»(١).

ويؤكد القرآن المجيد أن الخشية هي طريق الرضى والرضوان فيقول في سورة البينة :

«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ، جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ»(٢).

أثر هذا الجزاء الحسن ، وهذا الرضى العظيم ، وهذا الرضوان الكبير ، انما يكون لمن كان له قلب عامر بالخشية لله عزوجل.

وللامام محمد عبده عبارة حول هذا النص الكريم : «ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ» يقول فيها : (٣) «أراد بهذه الكلمة الرفيعة الاحتياط لدفع سوء الفهم الذي وقع ، ولا يزال يقع فيه العامة من الناس ، بل الخاصة كذلك ، وهو أن مجرد الاعتقاد بالوراثة ، وتقليد الأبوين ، ومعرفة ظواهر بعض الاحكام ، وأداء بعض العبارات كحركات الصلاة وامساك الصوم ... مجرد هذا يكفي في نيل ما أعد الله من الجزاء للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وان كانت قلوبهم حشوها الحسد والحقد والكبرياء والرياء ، وأفواههم ملؤها الكذب والنميمة والافتراء ، وتهز أعطافهم رياح العجب والخيلاء ، وسرائرهم مسكن العبودية والرق للامراء ، بل ولمن دون الامراء ، خالية

__________________

(١) سورة الانبياء ، الآية ٢٨.

(٢) سورة البينة ، الآيتان ٧ و ٨.

(٣) تفسير جزء عم ، ص ١٠٥ طبعة دار الشعب.

٤٦

من أقل مراتب الخشوع والاخلاص لرب الارض والسماء ...

كلا ... لا ينالون حسن الجزاء ، فان خشية ربهم لم تحل قلوبهم ، ولهذا لم تهذّب من نفوسهم ، ولا يكون ذلك الجزاء الا لمن خشي ربه ، واشعر خوفه قلبه ، والله أعلم».

* * *

والقرآن يدعو الى الاهتمام والعناية بأهل الخشية لله تعالى ، حتى ولو كانوا فقراء أو مضيّعين عند الناس ، ولذلك عاتب الله رسوله عليه الصلاة والسلام في شأن الأعمى الفقير الذي أتاه خاشيا خاشعا ، فيقول القرآن في سورة عبس :

«وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى ، وَهُوَ يَخْشى ، فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ، كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ»(١).

ولم لا وأهل الخشية هم أهل العلم الحقيقي النافع الموصل الى سعادتي الدارين ، ولذلك قال الحق جل جلاله :

«إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ»(٢).

وجاء في الحديث : «كفى بالمرء علما أن يخشى الله». وجاء فيه أيضا أن أعلى درجات الطاعة أن تخشى الله كأنك تراه ، وجاء فيه ان أخشى العباد لله هم أعلمهم به.

ولقد كان رسول الله صلوات الله وسلامه عليه أعلم الناس بربه ،

__________________

(١) سورة عبس ، الآيات ٨ ـ ١١.

(٢) سورة فاطر ، الآية ٢٨.

٤٧

ولذلك كان أخشى الناس لجلاله ، ولذلك قال : «اني لاعلمهم بالله واشدهم له خشية». وقال : «أما والله اني لأخشاكم لله وأتقاكم له». وكان من دعائه : «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك» ومنه : «وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة».

ولقد تعرض القشيري للكلام عن قوله تعالى : «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» فقال : «انما : كلمة تحقيق تجري من وجه مجرى التحديد ، أي التخصيص والقصر ، فمن فقد العلم بالله فلا خشية له من الله. والفرق بين الخشية والرهبة أن الرهبة خوف يوجب هرب صاحبه ، فيجري في هربه ، والخشية اذا حصلت كبحت جماح صاحبها ، فيبقى مع الله ، فقدمت الخشية على الرهبة في الجملة. والخوف قضية الايمان ، قال تعالى : «وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ». والخشية قضية العلم ، والهيبة توجب المعرفة.

ويقال : خشية العلماء من تقصيرهم في أداء حقه ، ويقال : من استحيائهم من اطلاع الحق ، ويقال : حذرا من أن يحصل لهم سوء أدب أو ترك احترام ، أو انبساط في غير وقته باطلاق لفظ ، أو ترخّص خ بترك الأولى».

ويقول أبو بكر الوراق : «من صحت معرفته بالله ظهرت عليه الهيبة والخشية».

واذا كان القرآن يقول في سورة الأحزاب :

«الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً»(١).

__________________

(١) سورة الاحزاب ، الآية ٣٩.

٤٨

فان هؤلاء يخشون ربهم ولا يخشون سواه لأنهم أصحاب علم بجلال الله وقدرته ، ولذلك يعلق القشيري على الآية بقوله : «يخشونه علما منهم بأنه لا يصيب احدا ضرر ولا محذور ولا مكروه الا بتقديره ، فيفردونه بالخشية اذ علموا أنه لا شيء لأحد من دونه».

ولعل هذا بعض ما تشير اليه الآية الكريمة في سورة الزمر :

«اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ، ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ، ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ»(١).

فهم تقشعر جلودهم اذا علموا وفهموا آيات الوعيد ، وهم تلين جلودهم وقلوبهم اذا تدبروا آيات الوعد الكريم.

* * *

وهناك آيات قد ترد فيها الخشية مرتبطة في ظاهر اللفظ بغير الله جل جلاله ، ولكن معناها أو مفهومها يراد منه خشية الله وحده ، فالقرآن مثلا يقول في سورة لقمان :

«يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً»(٢).

__________________

(١) سورة الزمر ، الآية ٢٣.

(٢) سورة لقمان ، الآية ٣٣.

٤٩

وليس المراد ـ والله أعلم بمراده ـ اننا نخشى ذات اليوم ، ولكن أن نخشى الله ونخشى عقابه العادل في ذلك اليوم وهو يوم القيامة».

ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النازعات :

«إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها»(١).

يعني القيامة ، المعبر عنها بكلمة «الساعة» والمعنى : انما ينفع انذارك ، ويثمر وعظك مع صاحب الخشية الذي يصلح للانتباه من الغفلة ، والعودة الى الحق ، بخلاف أهل التمرد والعناد.

والقرآن ينهى بعد ذلك عن ألوان من الخشية التي لا تناسب افراد الله بالخشية ، فيقول في سورة الاسراء :

«وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً»(٢).

ويعرض بمثل هذا حين يقول في سورة الاسراء :

«قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً»(٣).

ويشير القرآن الكريم في موطن آخر الى أن قلوب بعض الناس ـ كاليهود ـ تفقد معنى الخشية ، وتلج في شراسة القسوة حتى تكون أغلظ من الصخر ، مع أن الجمادات كالحجارة تخشع وتخضع وتهبط من

__________________

(١) سورة النازعات ، الآية ٤٥.

(٢) سورة الاسراء ، الآية ٣١.

(٣) سورة الاسراء ، الآية ١٠٠.

٥٠

خشية الله تعالى ، فيقول في سورة البقرة :

«ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ، وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ ، وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ ، وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ»(١).

ويعود القرآن الى قريب من مثل هذا في سورة الحشر فيقول :

«لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»(٢).

والقرآن الحكيم يفيض في الحديث عن العاقبة الطيبة الكريمة لمن يتحلى بفضيلة الخشية ، فيقول :

«إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ»(٣).

وقد جاء في «لطائف الاشارات» عن تفسير الآية هذه العبارة : «أي انما ينتفع بانذارك من اتبع الذكر ، فان انذارك ـ وان كان عاما في الكل وللكل ـ فان الذين كفروا على غيهم يصرون ، ألا ساء ما

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٧٤.

(٢) سورة الحشر ، الآية ٢١.

(٣) سورة يس ، الآية ١١.

٥١

يحكمون ، وان كانوا لا يعلمون قبح ما يفعلون.

أما الذين اتبعوا الذكر واستبصروا ، وانتفعوا بالذي سمعوه منك ، وبه عملوا ، فقد استوجبوا أن تبشرهم ، فبشرهم وأخبرهم على وجه يظهر السرور بمضمون خيرك عليهم ، وأجر كريم كبير وافر على اعمالهم ، وان كان فيها خلل».

والذكرى التي يشيد القرآن بأمرها ، ويطالب بالحرص عليها ، انما تتحقق على وجهها عند المتحلين بفضيلة الخشية ، ولذلك يقول القرآن في سورة النازعات :

«إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى»(١).

أي لمن له عقل يتدبر به عواقب الأمور ومصائرها ، فينظر بعين التدبر في حوادث الماضين وأحوال الحاضرين ، فيتعظ بها ويخضع لربه بسببها.

ويقول في سورة الأعلى :

«فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى ، سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى ، وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ، الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ، ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى»(٢).

فالذكرى مفيدة ونافعة عند الذين يخشون ربهم ، ويخشون عاقبة الكفران والجحود ، مع قيام الدلائل والبراهين على الحق المبين ، وفي هذا المقام نفهم ان المتحلي بفضيلة الخشية هو المفلح السعيد

__________________

(١) سورة النازعات ، الآية ٢٦.

(٢) سورة الاعلى ، الآيات ٩ ـ ١٣.

٥٢

من الناس ، وذلك بدليل ما جاء في آخر الآيات الماضية : «وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ، الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ، ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى».

* * *

وأقبلت السنة النبوية المطهرة تؤكد هذا وتؤيده ، وتخبرنا بأن الخشية الصادقة هي وسيلة النجاة والحافظة من العذاب ، فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع» ، وعود اللبن في الضرع مستحيل ، فكذلك دخول النار لمن بكى من خشية الله مستحيل ، والله جل جلاله يقول في سورة النازعات :

«وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى»(١).

والقرآن يحدثنا بأن افراد الله تعالى بالخشية منه والخوف من عقابه هو الطريق الى صدق الجهاد والفوز بنعمة النصر والعزة ، ولذلك يقول في سورة آل عمران :

«الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ، الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ، فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَانْقَلَبُوا

__________________

(١) سورة النازعات ، الآيتان ٤٠ و ٤١.

٥٣

بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ»(١).

وفي موطن آخر يحدثنا بأن خشية غير الله تؤدي الى الخسار والبوار فيقول في سورة النساء :

«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ، وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً»(٢).

وهذه الآية الكريمة تشير الى الضعفاء أو المنافقين من أهل الجبن الذين أحبوا الحياة الدنيا ، وكرهوا الموت ، فخافوا من الاعداء ، وهالوهم وخشوا لقاءهم ، حتى رجحوا خشيتهم الناس على خشيتهم الله جل جلاله ، ولو أنهم خشوا الله حق خشيته لأقبلوا على لقاء الأعداء ، مفضلين ما عند الله من ثواب جزيل ، على متاع للدنيا قليل ، وما عند الله خير للابرار ، ولن ينقص أجر الذين يخشون ربهم ، بل سيوفون ثوابهم كاملا يوم القيامة.

ولله در القشيري حين يقول : «الخشية لجام يوقف المؤمن عن

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآيات ١٧٢ ـ ١٧٤.

(٢) سورة النساء ، الآية ٧٧.

٥٤

الركض في ميادين الهوى ، وزمام يجر الى استدامة حكم التقى». ويقول : «الخشية من الله بشير الوصلة ، والخشية من غير الله نذير الفرقة».

ولا غرابة في ذلك ، فمن خشي الله اتقاه في السر والعلن ، وفي الغيبة والحضور ، ومن كان كذلك فقد هدي الى صراط مستقيم.

٥٥

التطهر

أصل مادة «طهر» يدل على النقاء وزوال الدنس ، والتطهر هو التنزه عن الدنس والنجس ، وعن الذم وكل قبيح ، والطهر خلاف الدنس ، والطّهور ـ بضم الطاء ـ هو التطهر ، والطّهور ـ بفتح الطاء ـ هو الماء الذي يتطهر به ، والطهارة في اللغة هي النظافة والتنزه عن الأدناس ، وفي الشرع هي رفع الحدث وازالة النجاسة أو ما في معناهما ، والاستطهار طلب التطهر.

هذا حديث اللغة عن التطهر ، فما حديث الأخلاق؟. أو ما حديث القرآن الكريم عن التطهر؟ ..

ان الطهارة ضربان : طهارة حس وطهارة نفس ، أو طهارة جسم وطهارة قلب ، وأغلب الآيات التي جاء فيها ذكر التطهر لا تخرج عن هذين الضربين ، وكل من النوعين يحث عليه القرآن المجيد ويدعو اليه وينوه به ، وفيما يتعلق بطهارة الحس نجد القرآن يمن بنعمة الله على عباده فيقول في سورة الفرقان :

«وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ

٥٦

وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً»(١).

أي طاهرا مطهرا معينا على التطهر ، ويقول في سورة الانفال :

«وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ»(٢).

ويأمر بالتطهر عن طريق الاغتسال عند وجود داعيه فيقول في سورة المائدة : «وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» ثم يعود في الآية نفسها ليقول :

«ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»(٣).

ويقول في سورة البقرة :

«وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ، فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ»(٤).

ولقد جعل الاسلام الماء أساسا للطهارة الحسية ، وضمن للمسلم مواطن كثيرة للتطهر المادي حين شرع الاغتسال والوضوء وازالة النجاسة ، والحرص على نظافة البدن والثوب والمكان ، وربط هذه الانواع من التطهر بأسباب كثيرة تتكرر في حياة الانسان تكررا متقارب المرات. كما شرع الاسلام التخلل والتسوك. وسنن الفطرة المؤدية الى التنظف والتطهر ،

__________________

(١) سورة الفرقان ، الآية ٤٨.

(٢) سورة الانفال ، الآية ١١.

(٣) سورة المائدة ، الآية ٦.

(٤) سورة البقرة ، الآية ٢٢٢.

٥٧

ومنع المعاشرة الزوجية اذا لم تكن الزوجة طاهرة لوجود الحيض أو النفاس عندها ، بل منع الاسلام المسلم ان ينال شرف القيام بعبادته لربه اذا لم يكن طاهرا ، فالرجل لا يستطيع الصلاة اذا كان جنبا أو محدثا ، بل لا بد له من الاغتسال او الوضوء ، والمرأة التي لم تنته من الحيض أو النفاس لا تستطيع أن تصلي ولا أن تصوم ولا تطوف بالبيت الحرام ولا تمس المصحف ولا تقرأ القرآن ... الخ.

ولا ريب عند عاقل أو منصف في أن الاسلام هو دين الطهارة والتطهر في كل مجال يلائمه التطهر.

* * *

وبجوار التطهر الحسي عني القرآن المجيد بالتطهر النفسي أو القلبي أو الاخلاقي ، فقال القرآن الكريم في سورة البقرة :

«وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»(١).

ومعنى الآية في ايجاز : اذا طلقتم النساء فأتممن العدة فلا تمنعوهن أن يراجعن أزواجهن الاولين اذا تراضوا بينهم ذلكم أطهر لكم والله يعلم ما لا تعلمون. أي ذلك خير لكم وأفضل ، وأطهر لقلوبكم من الريبة ، فقد يكون في قلب هذه المرأة المطلقة حب لرجل آخر تريد أن تتزوجه ، فاذا عضلها مطلقها وأعادها الى عصمته بغير اختيارها فقد تتطلع الى غيره فلا يبقى قلبها طاهرا.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٢٣٢.

٥٨

وكذلك يقول القرآن عن البتول مريم في سورة آل عمران :

«وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ»(١).

أي طهر نفسك وقلبك من الفحشاء والمعاصي ، وزانك بالفضيلة والتقوى.

ويقول القرآن عن نساء النبي في سورة الاحزاب :

«وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ»(٢).

أي أحفظ لقلوبكم وقلوبهن من الريبة وخواطر السوء.

وكذلك عني القرآن الحكيم بالحديث عن الطهارة التي تحتمل النوعين : التطهر الحسي والتطهر النفسي ، فقال في سورة البقرة :

«وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ»(٣).

وقد قال بعض المفسرين ان المعنى : طهرا بيتي وهو الكعبة من الفرث والدم الذي كان يطرحه المشركون عند البيت ، أو طهراه من الاصنام التي كانوا يعلقونها على باب البيت ، أو طهرا بنيانه باكماله على الطهارة ، كما

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ٤٢.

(٢) سورة الاحزاب ، الآية ٥٣.

(٣) سورة البقرة ، الآية ١٢٥.

٥٩

في قوله تعالى :

«أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»(١).

وقال بعض آخر : ان المراد هو الحث على تطهير الكعبة من عبادة الأوثان ، أو حث على تطهير القلب ، لأن قلب المؤمن ـ كما قيل ـ بيت الله لدخول السكينة فيه. كما قال تعالى :

«هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ»(٢).

ويقول الله تعالى في سورة آل عمران :

«لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ، وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ»(٣).

أي مطهرة من الحيض والنفاس ، ومن جميع الانجاس والادناس والاقذار ، ومن الطبائع الذميمة والاخلاق اللئيمة ، فهؤلاء الزوجات في الجنة مبالغ في تطهيرهن وتزكيتهن ، فليس فيهن ما يعاب من خبث جسدي ، حتى ما كان طبيعيا في النساء كالحيض والنفاس ، ولا خبث نفسي كالمكر والكيد والرذائل الاخرى ، لأنهن مطهرات بكل أنواع التطهير.

وفي سورة المدثر يقول القرآن :

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ١٠٩.

(٢) سورة الفتح ، الآية ٤.

(٣) سورة آل عمران ، الآية ١٥.

٦٠