موسوعة أخلاق القرآن - ج ٣

الدكتور أحمد الشرباصي

موسوعة أخلاق القرآن - ج ٣

المؤلف:

الدكتور أحمد الشرباصي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الرائد العربي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٧٩

اشارت اليها الكلمات المضيئة السابقة.

وكذلك نرى أن الابانة المؤدية الى التبين تأتي في مواطن الثناء والحمد من القرآن الكريم ، فالله هو الحق المبين ، واللوح المحفوظ كتاب مبين. والرسول نذير مبين ، وبلاغ الرسول هو البلاغ المبين ، والقرآن كتاب مبين ، ولسان القرآن عربي مبين ، وفضل الله فضل مبين ، ورحمة الله هي الفوز المبين ، وفتح الله فتح مبين ... الخ.

والقرآن يشير الى أن التبين فيه المعنى المؤدي الى الايمان والاطمئنان ، كما نرى في قوله تعالى في سورة البقرة :

«أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها ، قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها؟ فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ، قالَ كَمْ لَبِثْتَ؟ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ، قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ ، فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ، وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ ، وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ ، وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(١).

* * *

واذا كان القرآن الكريم يدعو الى فضيلة التبين للامور ، حتى لا

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٢٥٩.

٢١

نندفع ولا نتهور ، ولا نتصرف تصرفا نندم عليه بعد أن يسبق السيف العذل ، فانه أيضا يدعو الى الانتفاع بالبينات ومظاهر التبيين ، لكي نحسن التمييز بين الحق والباطل ، وبين الخير والشر ، وبين الضلال والهدى ، ولذلك ينعي أشد النعي على أولئك الذين لا يتبينون أو لا ينتفعون بثمرة التبين بعد أن تجلى لهم التبيان ، ولذلك يقول في سورة النساء :

«وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً»(١).

ويقول في سورة محمد :

«إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ»(٢).

ويقول في السورة ذاتها :

«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ»(٣) ...

وقد وصف القرآن رسول الله بأنه «البيّنة» فقال :

__________________

(١) سورة النساء ، الآية ١١٥.

(٢) سورة محمد ، الآية ٢٥.

(٣) سورة محمد ، الآية ٣٢.

٢٢

«لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ، رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً ، فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ، وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ»(١).

أي لم يكن هؤلاء هالكين بارحين الدنيا حتى يأتيهم رسول الله محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما أخبر الله عزوجل ، وذلك لاقامة الحجة عليهم بارسال الرسول وانزال القرآن. وقوله :

«وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ».

معناه : أتتهم البينة الواضحة الشارحة ، والمراد رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام أي جاء القرآن موضحا وموافقا لما في أيديهم من الكتاب بصفته ونعته ، فقد كانوا ينتظرون رسولا ، فلما جاءهم كفروا به وجحدوا رسالته وتفرقوا ، فمنهم من كفر بغيا وحسدا ، ومنهم من آمن.

والقرآن حين يدعو الى التبين والتثبت انما يريد ذلك لكي يكون المتبين على بصيرة من أمره ، وعلى وضوح من طريقه ، وليس معنى هذا أن يصير التبين لجاجا وعنادا ، أو تعنتا ومكابرة ، لأن القرآن يكره للانسان ذلك ، ولذلك قص علينا ما كان من أمر اليهود حين أمرهم الله في مناسبة من المناسبات أن يذبحوا بقرة ، ولو أنهم تناولوا أي بقرة وذبحوها لكفتهم ، ولكنهم تعنتوا ، فأخذوا يسألون عن صفتها وعن لونها وعن عمرها ، وكلما تعنتوا شددوا على أنفسهم وضيقوا أمامهم المجال ، وكأن القرآن يريد أن نعتبر بهذا الدرس ، فهو يقول :

__________________

(١) سورة البينة ، الآيات ١ ـ ٤.

٢٣

«وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً؟ قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ، قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ، قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ ، قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها ، قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ، قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ ، قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها ، قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ»(١).

* * *

وننتقل الى روضة السنة المطهرة ، لنجد سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يدعو أيضا الى تبين الامور والتثبت فيها ، فيقول : «التثبت من الله تعالى والعجلة من الشيطان» ، وفي رواية أخرى : «ألا ان التبين من الله تعالى ، والعجلة من الشيطان ، فتبينوا». وفي رواية ثالثة : «الأناة من الله ، والعجلة من الشيطان». ويقول صلى الله عليه

__________________

(١) سورة البقرة ، الآيات ٦٧ ـ ٧١.

٢٤

وسلم : «التؤدة في كل شيء خير ، الا في عمل الآخرة». والتؤدة هي التأني.

ولقد جعل الرسول عليه الصلاة والسلام التبين في الحقوق والقضاء والفصل بين الناس أساسا من أسس الاسلام فقرر أن «البينة على من ادعى ، واليمين على من أنكر» ، ومع أنه صلوات الله وسلامه عليه قد جعل «الغيرة» فضيلة من فضائل الاسلام ، نهى عن غيرة الرجل على امرأته دون شبهة أو بينة.

ويروى أن آدم عليه‌السلام قال لأولاده عند موته : «كل عمل تريدون أن تعملوه فتوقفوا فيه ساعة ، فاني لو توقفت لم يصبني ما أصابني».

وقال الامام علي للاشتر النخعي يوصيه : «ولا تعجلن الى تصديق ساع ، فان الساعي غاش وان تشبه بالصالحين». وكذلك قال الامام : «من أسرع الى الناس بما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون».

وقال عبادة بن الصامت ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «اذا أردت أمرا فتدبر عاقبته ، فان كان رشدا فأمضه وان كان غيا فانته عنه» (١).

ويروى عن لقمان أنه قال : «ان المؤمن اذا أبصر العاقبة أمن الندامة».

ولقد جاء في كتاب «خامس الراشدين عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول لقاضيه : «اذا جاءك أحد الخصمين وقد فقئت عينه فلا تحكم له حتى يحضر الخصم الآخر ، فلعله قد فقئت عيناه معا»!.

والمشاهد ان عدم التبين للامور يؤدي الى كثير من الاضرار والاشرار : يسمع الانسان الخبر مثلا ، فيسارع بتصديقه ، ويبني على ذلك ما يبني من

__________________

(١) الاحياء للغزالي ، ج ١٥ ص ٢٧٥٣.

٢٥

تصرفات وأعمال ، ثم يظهر أن الخبر كان كاذبا أو محرفا أو مبالغا فيه ، أو مرادا به غير ما فهمه الانسان ، فيكون هناك ندم وأسف ، وقد كان اللائق بالعاقل أن يتبين ويتثبت ، ويتأكد ويراجع ، حتى لا يؤخذ على غرة ، ولا ينكب بخديعة.

ويقرأ الانسان نبأ في صحيفة أو مجلة ، فيسارع بتصديقه ، ويعادي أو يصادق على أساس أنه حق واقع ، مع أنه قد يكون مكذوبا أو مفترى ، ومن هنا يكتوي المتسرع بلهب الندم والحسرة والغم بسبب تسرعه وعدم تثبته.

ويصاب الانسان بأذى من هنا أو هناك ، دون أن يعرف مصدر هذا الأذى ، فاذا هو يتعجل ويسارع فيتهم هذا ، أو يسب ذاك ، أو يتهجم على ذلك ، ولو أنه تأنى وتريث ، لادرك مصدر الأذى على حقيقته ، وحينئذ يحسن التصرف على أساسه ، فلا يفقد أصدقاء له ، ولا يضيف الى أعدائه جديدا منهم.

ومن باب التسرع المذموم أن يتعجل الانسان بالمدح دون دراية ، أو الذم دون موجب ، أو يتعجل بالكلام قبل أن يديره على عقله ، أو يتعجل بتصرف ما قبل ان يتدبره ، ومن وراء ذلك يكون الغم والاسف.

ألا ما أكثر البلايا التي تلاحق الناس من وراء تسرعهم واندفاعهم ، وقلة تبينهم للامور وتثبتهم من الوقائع وتأكدهم من الاخبار ، مع انهم يسمعون كل حين قول الحكيم : «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة».

ولقد تناثرت الكلمات الحكيمة الداعية الى تبين الامور خلال كتب الادب والحكمة ، وكلها تذكير بهذه الفضيلة الاخلاقية القرآنية الحميدة ، فهذا بعض الحكماء يقول : «اذا أردت أن يكون العقل غالبا للهوى ، فلا تعمل بقضاء الشهوة حتى تنظر العاقبة ، فان مكث الندامة في القلب أكثر

٢٦

من مكث خفة الشهوة».

وأوصى اعرابي أولاده فقال لهم : «اياكم والعجلة فان أبي كان يكنّيها أم الندم». ومن أمثال العرب قولهم : «رب عجلة تهب ريثا». وقولهم : «وقد يكون مع المستعجل الزلل». وقولهم : «أخطأ مستعجل أو كاد ، وأصاب متثبت أو كاد». وقولهم : «من ورد عجلا صدر خجلا». وقال ذو الرياستين : «ان أسرع النار التهابا أسرعها خمودا ، فتأن في أمرك».

ويقول الشاعر ابن هانىء المغربي :

وكل أناة في المواطن سؤدد

ولا كأناة من قدير محكّم

ومن يتبين أن للصفح موضعا

من السيف يصفح عن كثير ويحلم

وما الرأي الا بعد طول تثبت

ولا الحزم الا بعد طول تلوم (١)

وقال الشاعر يمدح عاقلا حكيما :

بصير بأعقاب الامور كأنما

تخاطبه في كل أمر عواقبه

ما أجدر المؤمن المهتدي بهدي القرآن أن يجعل أمام بصره وبصيرته قول ربه : «فتبينوا» حتى يحذر الاعتساف ، ويألف الانصاف ، وعلى الله قصد السبيل.

__________________

(١) التلوم : الانتظار والتأني في الامر.

٢٧

خفض الجناح

تقول لغة العرب : خفض فلان الشيء يخفضه خفضا هبط به ، والخفض نقيض الرفع ، والتخفيض : التسكين وتهوين الأمر ، فهو تفعيل من الخفض بمعنى الدعة والسكون ، ومنه قول أبي بكر لعائشة رضي الله عنهما : «خفّضي عليك» أي هوّني الأمر عليك ولا تحزني له.

والجناح يطلق في حقيقته على ما يخفق به الطائر عند الطيران ، وقد يطلق الجناح على يد الانسان ، أو عضده ، أو جانبه ، كما يطلق الجناح على الناحية. وخفض فلان جناحه لفلان ، أي ألان له جانبه وتواضع معه وترفق في معاملته. وكأن الانسان يهبط بنفسه كما يفعل الطائر عند هبوطه ، وذلك ليرفع الانسان غيره في المعاملة. فكأن خفض الجناح كناية عن اللين والرفق ، ومن هنا يأتي المعنى الاخلاقي لهذا التعبير : «خفض الجناح».

ولذلك يتعرض جار الله الزمخشري لبيان المعنى في قوله تعالى في سورة الشعراء :

«وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»(١)

__________________

(١) سورة الشعراء ، الآية ٢١٥.

٢٨

فيقول : ان الطائر اذا أراد أن يهبط من أعلى الى أدنى كسر جناحه وخفضه ، واذا أراد أن ينهض للطيران رفع جناحه ونشره ، فجعل القرآن الكريم خفض جناحه عند النزول أو الهبوط مثلا في التواضع ولين الجانب ، ومنه قول بعضهم مادحا :

وأنت الشهير بخفض الجناح

فلا تك في رفعه أجدلا

وهو ينهى ممدوحه هنا عن التكبر بعد التواضع. والاجدل الصقر.

وهذا المعنى الاخلاقي لخفض الجناح يذكّرنا بقول الحديث : «ان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع». أي تتواضع معه تعظيما لحقه ، أو تضعها وطاء له اذا مشى ، وهذا كناية عن التوقير والتكريم.

ولقد ذكر القرآن المجيد فضيلة «خفض الجناح» في ثلاثة مواطن : الاول في سورة الحجر حيث يقول :

«لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ، وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ، وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ»(١).

والموطن الثاني في سورة الاسراء حيث يقول :

«وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ، وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ، وَاخْفِضْ لَهُما

__________________

سورة الحجر ، الآية ٨٨.

٢٩

جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً»(١).

والموطن الثالث في سورة الشعراء ، حيث يقول :

«وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ، وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ»(٢).

ونلاحظ بادىء ذي بدء ان الخطاب في موطنين من هذه المواطن الثلاثة يتجه الى سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وجاء الخطاب في الموطنين بأسلوب الأمر والطلب ، وفي هذا ما فيه من اشارة الى علو مكانة هذه الفضيلة الاخلاقية القرآنية ، ومن تشريف لها عن طريقة مطالبة الرسول بها أكثر من مرة ليكون خير قدوة للناس في الاستمساك بهذا الخلق الكريم.

كما نلاحظ أن المواطن الثلاثة كلها قد جاء فيها الحديث القرآني عن خفض الجناح بصيغة الأمر والطلب ، وذلك دليل على مدى العناية التى يعطيها كتاب الله تبارك وتعالى لهذه الفضيلة.

وقوله في سورة الحجر :

«وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ».

معناه : ألن لهم جانبك ، ليتحقق أمامهم فيك قول ربك :

__________________

(١) سورة الاسراء ، الآيتان ٢٣ و ٢٤.

(٢) سورة الشعراء ، الآيات ٢١٤ ـ ٢١٦.

٣٠

«وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ».

وقوله :

«لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ»(١).

وقوله :

«فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ»(٢).

ويقول الزمخشري في تفسير الآية : وتواضع لمن معك من فقراء المسلمين وضعفائهم ، وطب نفسا عن ايمان الاغنياء والاقوياء ، وانما ذكر الزمخشري الفقراء والضعفاء هنا لأن الآية بأكملها تقول : «ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا (أي أصنافا) منهم ، ولا تحزن عليهم ، واخفض جناحك للمؤمنين» فلما نهاه عن التطلع الى ما في أيدي الاغنياء من متع الحياة وزينتها ، والحزن عليهم لكفرهم أو تجبرهم ، طالبه بلين المعاملة مع المؤمنين العابدين حتى ولو كانوا فقراء أو ضعفاء.

واذا كان خفض الجناح في هذا الموطن عاما شاملا كل المؤمنين ، فان خفض الجناح في الموطن الثاني جاء الأمر به خاصا متعلقا بشخصين عزيزين غاليين ، يعلو حقهما على حقوق سواهما ، ذلكما هما الأم والأب اللذان يقول القرآن للولد عنهما :

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ١٢٨.

(٢) سورة آل عمران ، الآية ١٥٩.

٣١

«وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ».

أي تواضع لهما فوق طاعتهما وحفظ حقوقهما ورعاية حرمتهما ، فاخفض لهما جناح الذل بلين المنطق ، وجميل اللقاء ، ولطف المعاملة ، وحسن المداراة ، والمبادرة الى الخدمة ، والصبر على أمرهما ، وترك التبرم بمطالبهما.

ويعلق جار الله على كلمة : «جناح الذل» فيقول : فيه وجهان : احدهما أن يكون المعنى : واخفض لهما جناحك كما قال : (واخفض جناحك للمؤمنين) فأضافه الى الذل ، كما أضيف حاتم الطائي الى الجود ، على معنى : واخفض لهما جناحك الذليل الخاضع.

والثاني أن تجعل لذله جناحا خفيضا مبالغة في التذلل والتواضع لهما على سبيل الاستعارة ، كما جعل لبيد الشاعر لريح الشمال يدا ، وللقرة ـ وهي شدة البرد ـ زماما ، في قوله :

وغداة ريح قد كشفت وقرة

اذ أصبحت بيد الشمال زمامها

والنيسابوري في تفسيره يذكر أن الطائر اذا أراد ضمّ فرخه اليه للتربية والحضانة ، خفض له جناحيه فلذلك صار خفض الجناح كناية عن حسن التدبير ، وهذا المعنى مناسب لحسن المعاملة التي نطلبها من الولد والديه ، اذ لا بد من بذله الجهد حتى تأتي معاملته على أحسن وجه ممكن.

* * *

ويأتي الموطن الثالث وهو قول الله جل جلاله في سورة الشعراء :

«وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ».

٣٢

وهذا أمر باللين العام ، والتواضع الذي يشمل كل الاتباع المؤمنين ، حيث يأمر الله نبيه بأن يلين معهم ، ويحلم عليهم ، ويترفق بهم. ويجسّم القرآن ذلك في صورة حسية ، هي صورة الجناح المخفوض من الطائر حينما يهم بالهبوط حيث الهدوء والسكون والاطمئنان.

ويفسر القشيري في «لطائف الاشارات» هذه الآية بقوله : ألن جانبك لهم ، وقاربهم في الصحبة ، واسحب ذيل التجاوز على ما يبدر منهم من التقصير ، واحتمل منهم سوء الاحوال ، وعاشرهم بجميل الاخلاق ، وتحمل عنهم كلهم ، وارحمهم كلهم ، فان مرضوا فعدهم ، وان حرموك فأعطهم ، وان ظلموك فتجاوز عنهم ، وان قصروا في حق فاعف عنهم ، واشفع لهم أو استغفر لهم.

ولنلاحظ هنا أسلوب النظم القرآني ، ولنر كيف سار ... ان الآيات هنا تقول : «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ، وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ، وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ».

انظر كيف بدأت الآيات بذكر الانذار ، وفيه شدة وصلابة وصرامة ، ثم ذكرت خفض الجناح ، وفيه رفق ولين وتواضع ، فان لم ينفع معهم الانذار الممزوج باللين ، فدعهم وشأنهم ، واتجه الى ربك القوي الغالب ، الرحمن الرحيم ، فأنت في هدايته ورعايته.

وقد يقال : ولم قال القرآن : «لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» والمتبعون للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم هم المؤمنون ، والمؤمنون هم المتبعون للرسول؟.

ويجيب الزمخشري على ذلك بقوله : «فيه وجهان : أن يسميهم قبل الدخول في الايمان مؤمنين ، لمشارفتهم ذلك ، وأن يريد بالمؤمنين

٣٣

المصدقين بألسنتهم وهم صنفان ، صنف صدّق واتبع رسول الله فيما جاء به ، وصنف ما وجد منه الا التصديق فحسب. ثم اما أن يكونوا منافقين أو فاسقين ، والمنافق والفاسق لا يخفض لهما الجناح.

والمعنى : من المؤمنين من عشيرتك وغيرهم. يعني : أنذر قومك ، فان اتبعوك وأطاعوك فاخفض لهم جناحك ، وان عصوك ولم يتبعوك فتبرأ منهم ومن أعمالهم من الشرك بالله وغيره ، وتوكل على الله يكفك شر من يعصيك منهم ومن غيرهم!.

وقد يقول قائل آخر : لما ذا قال القرآن في سورة الحجر : «وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ» وقال في سورة الشعراء : «وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» ، فزاد فيها قوله «لِمَنِ اتَّبَعَكَ»؟.

والجواب أنه زاد ذلك في آيات الشعراء لانه قد قال أولا : «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ». فلو لم يذكر هذه الزيادة : «لِمَنِ اتَّبَعَكَ» لكان الظاهر ان اللام في كلمة «للمؤمنين» للمعهود المذكور أولا وهو العشيرة ، فيصير الامر بخفض الجناح مقصورا على الاقربين من عشيرته ، فجاء قوله : «لِمَنِ اتَّبَعَكَ» ليعلم أن خفض الجناح مطلوب منه مع جميع اتباعه المؤمنين.

هذا ومما يقوي دلالة «خفض الجناح» على الرفق واللين والرحمة أن مادة «الجناح» لم تستعمل في لغة القرآن الا في مواطن تدل على اللين والأمن والرحمة والتكريم.

فلننظر :

يقول القرآن في سورة طه :

«وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ

٣٤

سُوءٍ»(١).

ويقول في سورة القصص :

«وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ»(٢).

أي لتضبط نفسك ويزول خوفك.

ويقول في سورة فاطر :

«الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ»(٣).

ويقول في سورة الانعام :

«وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ»(٤).

ويقول في سورة الانفال :

«وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ»(٥).

ولقد كان سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام مثلا يحتذى في

__________________

(١) سورة طه ، الآية ٢٢.

(٢) سورة القصص ، الآية ٣٢.

(٣) سورة فاطر ، الآية الاولى.

(٤) سورة الانعام ، الآية ٣٨.

(٥) سورة الانفال ، الآية ٦١.

٣٥

خفض الجناح ولين المعاملة. كان يلقي بأذنه الى من يحدثه ، فلا ينصرف عنه حتى يتم المتحدث ما يريد من حديث وان طال ، وكان اذا صافحه أحد لم ينزع يده من يد مصافحه حتى يكون المصافح هو الذي ينزع ، وكان لا يقطع على أحد حديثه ، وكان يحسن لقاء من يسعى اليه فكأنه أقرب الناس اليه ، وكان يبسط رداءه لضيفه حتى يجلس عليه ، واذا غاب عنه أحد أصحابه سأل عنه ، فان كان مسافرا دعا له ، وان كان مريضا عاده.

وجاء في «لطائف الاشارات» أنه كان اذا استعانت به الجارية في الشفاعة الى مواليها مضى معها مستجيبا لها ، وكان يخدم أهله في بيته ، وسئلت السيدة عائشة : ما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصنع في بيته؟. فقالت : كان يكون في مهنة أهله ، فاذا حضرت الصلاة خرج اليها ، وتولى خدمة الوفد بنفسه ، وقال : سيد القوم خادمهم!.

ولقد روي أن أحد الأعراب جاء الرسول يطلب منه احسانا ، فأعطاه وقال له : هل أحسنت اليك؟.

فأجاب الأعرابي بخشونة : لا أحسنت ولا أجملت!.

فغضب الصحابة وهموا بتأديب الرجل ، ولكن الرسول أمرهم أن يكفوا عن ذلك ، ثم قام فدخل بيته ، ودعا بالاعرابي فزاده ثم سأله : هل أحسنت اليك؟.

فتأثر الأعرابي فقال : نعم ، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.

فقال له الرسول : انك قلت ما قلت آنفا ، وفي نفس أصحابي من ذلك شيء ، فان أحببت فقل بين أيديهم ما قلت حتى يذهب ما في صدورهم عليك.

أجاب الأعرابي : أفعل.

٣٦

فلما كان الغد جاء الأعرابي فقال النبي : ان هذا الاعرابي قال ما قال فزدناه ، فزعم انه رضي. والتفت النبي الى الاعرابي قائلا : أكذلك؟.

أجاب : نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.

وهنا قال النبي لأصحابه : «مثلي ومثل هذا كمثل رجل له ناقة شردت عليه ، فاتبعها الناس (جروا وراءها) فلم يزيدوها الا نفورا ، فناداهم صاحبها فقال لهم : خلّوا بيني وبين ناقتي ، فاني أرفق بها منكم وأعلم. فتوجه لها بين يديها ، فأخذ من قمام الأرض ، فردها حتى جاءت واستناخت ، وشد عليها رحلها ، واستوى عليها ، واني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال ، فقتلتموه ، دخل النار».

وفي «غرر الخصائص الواضحة» للوطواط جاءت هذه العبارة : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يجيب دعوة الحر والعبد ، والأمة والمسكين ، ويقول : لو دعيت الى كراع لأجبت. وكان يخصف النعل. ويحلب الشاة ، ويركب الحمار ، ويرقع الثوب ، ويطحن مع الخادم اذا أعيت ، ويأكل معها ، ويحمل بضاعته من السوق ، ويسلّم مبتدئا ، ويصافح الغني والفقير ، ويخالط أصحابه ويحادثهم ويمازحهم ، ويلاعب صبيانهم ويجلسهم في حجره ، وما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته الا قال : لبيك.

وقال : لا تفضلوني على يونس بن متى ، ولا ترفعوني فوق قدري فتقولوا فيّ ما قالت النصارى في المسيح. ان الله اتخذني عبدا قبل أن يتخذني رسولا».

وللرسول صلوات الله وسلامه عليه أحاديث تدعو الى اللين والرفق وخفض الجناح ، منها قوله :

٣٧

«ان الله يحب الرفق في الامر كله».

«من يحرم الرفق يحرم الخير كله».

«أيما وال ولي فرفق ولان رفق الله تعالى به يوم القيامة».

«تدرون من يحرم على النار يوم القيامة؟. كل هيّن ليّن سهل قريب».

وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكّر الولاة الرعاة بخفض الجناح للناس فيقول لهم : «أيها الرعاة ، ان للرعية عليكم حقا ، فاعلموا أنه لا شيء أحب الى الله ولا أعز من حلم امام ورفقه».

ونصح علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعض ولاته فيما يتعلق بمعاملة الناس فقال له : «فالبس لهم جلبابا من اللين ، تشوبه (تمزجه) بطرف من الشدة ، وداول بين القسوة والرأفة ، وامزج لهم بين التقريب والادناء ، والابعاد والاقصاء».

كما نصح لوال آخر فقال : «فاستعن بالله على ما أهمك ، واخلط الشدة بضغث (أي بجانب) من اللين ، وارفق ما كان الرفق أرفق ، واعتزم بالشدة حين لا يغني عنك الا الشدة ، واخفض للرعية جناحك ، وابسط لهم وجهك ، وألن لهم جانبك ، وآس بينهم (عاملهم بالتساوي) في اللحظة والنظرة ، والاشارة والتحية ، حتى لا يطمع العظماء في حيفك ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك».

وهذه الكلمات من الخليفتين الراشدين تبين لنا أن خفض الجناح ليس استسلاما ولا هوانا ولا تدليلا ، وانما هو استعمال اللين في مواطنه ، والرفق في مواضعه ، مع مزج ذلك بالحزم ، فان الأمر كما قال الأول :

فقسا ليزدجروا ، ومن يك حازما

فليقس أحيانا على من يرحم

٣٨

ولقد عني رجال التربية الروحية والاخلاق في الاسلام بالدعوة الى خفض الجناح بكلماتهم المضيئة ، فقال أبو عون الانصاري : «ما تكلم الناس بكلمة صعبة الا والى جانبها كلمة ألين منها تجري مجراها». وقال يوسف بن الحسين الرازي : «الخير كله في بيت ومفتاحه التواضع ، والشر كله في بيت ومفتاحه الكبر». وقال أحمد بن عاصم الانطاكي : «أنفع التواضع ما نفى عنك الكبر ، وأمات منك الغضب». وقال عروة : «كل نعمة محسود عليها الا التواضع».

أمد الله بتأييده وتوفيقه كل من خفض جناحه للمؤمنين.

٣٩

الخشية

«الخشية» كما تحدثنا لغة القرآن الكريم. خوف يشوبه تعظيم للمخوف ، أو شعور بخطره ، والخشية من الله عزوجل هي الخوف من غضبه وعقابه ، وتدل الخشية على الخضوع والاتقاء كذلك ، والغالب أن الخشية تكون عن علم بما يخشى منه ، ولذلك اختص الله بها العلماء في قوله : «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ».

وفي مادة «الخشية» معنى الحذر والابقاء على الشيء ، ولذلك جاء في حديث خالد أنه «لما أخذ الراية يوم مؤتة دافع الناس ، وخاشى بهم» أي أبقى عليهم وحذر ، ولعل ذلك لأن الخاشي من شيء يحرص على تجنب ذلك الشيء وعدم التعرض له.

ومن عجيب أمر هذه المادة ـ مادة الخشية ـ أنها تستعمل أحيانا بمعنى الرجاء ، ومن ذلك قول ابن عباس لعمر : «لقد أكثرت من الدعاء بالموت حتى خشيت أن يكون ذلك أسهل لك عند نزوله» فكلمة خشيت هنا بمعنى رجوت. ولعل ذلك لأن من خشي شيئا توقعه وترقب مجيئه.

وقد يقترب معنى الخشية من معنى «الخوف» حتى تشتبه به عند كثير من الناس ، ولكن هناك فرقا بينهما أشار اليه «تفسير المنار» وهو أن

٤٠