موسوعة أخلاق القرآن - ج ٣

الدكتور أحمد الشرباصي

موسوعة أخلاق القرآن - ج ٣

المؤلف:

الدكتور أحمد الشرباصي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الرائد العربي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٧٩

جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً ، وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ ، وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ، وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ»(١).

والطيب من القول ـ كما ذكر هنا أهل التفسير ـ قد يكون قرآنا مرتلا ، أو تسبيحا مذكّرا ، أو تذكيرا هاديا ، ولننظر كيف عبر الذكر الحكيم هنا بكلمة «هدوا» كأن النطق بالكلمة الطيبة لون جليل من ألوان الهداية والتوفيق ، وكأن تحقيق التمسك بطيب الكلام انما هو من صفات أهل الاهتداء والاستقامة على الطريق.

ويقول الله عز شأنه في سورة فاطر :

«مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً ، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ، وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ، وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ»(٢).

فانظر كيف صور النص الكريم الكلام الحسن الطيب ، كأنه قوة قادرة على الصعود والتسامي الى مواطن القبول الالهي والرضا القدسي ، أو صالحة لكي تبلغ هذا المبلغ الرفيع الكريم.

وهذا هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول ـ كما يروي ابن كثير في تفسيره ـ : «اذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله تعالى : ان العبد المسلم اذا قال : سبحان الله وبحمده والحمد لله ، ولا

__________________

(١) سورة الحج ، الآية ٢٣ ، ٢٤.

(٢) سورة فاطر ، الآية ١٠.

١٠١

اله الا الله ، والله أكبر ، تبارك الله. أخذهن ملك خ فجعلهن تحت جناحه ، ثم صعد بهن الى السماء ، فلا يمر بهن على جمع من الملائكة الا استغفروا لقائلهن ، حتى يجيء بهن وجه الله عزوجل».

ثم قرأ عبد الله بن مسعود قول ربه تبارك وتعالى :

«إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ».

ويقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : «الكلم الطيب ذكر الله تعالى ، يصعد به الى الله عزوجل ، والعمل الصالح أداء الفريضة ، فمن ذكر الله تعالى في أداء فرائضه ، حمل عمله ذكر الله تعالى ، يصعد به الى الله عزوجل ، ومن ذكر الله تعالى ولم يؤد فرائضه ، ردّ كلامه على عمله ، فكان أولى به».

وفي سورة ابراهيم يقول الذكر المجيد :

«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ ، تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها ، وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ، وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ ، يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ، وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ»(١).

__________________

(١) سورة ابراهيم ، الآيات ٢٤ ـ ٢٧.

١٠٢

وقد قيل في التفسير ان المراد هنا بالكلمة الطيبة هي شهادة التوحيد ، وقيل ان المؤمن بقوله الطيب وعمله الصالح كشجرة النخلة لا ينقطع لها اثمار ، وكأن الكلمة الطيبة تفيد وتنفع كما تفيد الشجرة وتنفع.

ويروى عن عبد الله بن عمر رضوان الله عليهما انه قال : كنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : أخبروني عن شجرة تشبه الرجل المسلم ، لا يتحات ورقها صيفا ولا شتاء ، وتؤتي أكلها كل حين باذن ربها. فوقع في نفسي أنها النخلة ، ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان ، فكرهت أن أتكلم.

فلما لم يقولوا شيئا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هي النخلة.

فلما قمنا قلت لعمر : يا أبتاه ، والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة.

قال : ما منعك أن تتكلم؟.

قلت : لم أركم تتكلمون فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئا.

قال عمر : لأن تكون قلتها أحب اليّ من كذا وكذا.

والكلمة الطيبة ـ كما يعبر بعض المفسرين ـ تشبه الشجرة الطيبة ، فهي ثابتة سامقة مثمرة ، لا تزعزعها الاعاصير ، ولا تعصف بها رياح الباطل ، ولا تقوى عليها معاول الطغيان ، وهي سامقة متعالية على الشر والظلم والطغيان ، مثمرة لا ينقطع ثمرها ، لأن بذورها تنبت في النفوس المتكاثرة آنا بعد آن.

وان الكلمة الخبيثة كالشجرة الخبيثة ، قد تهيج وتتعالى وتتشابك ، ويخيل الى بعض الناس أنها أضخم من الشجرة الطيبة وأقوى ، ولكنها تظل نافشة هشة ، وتظل جذورها في التربة قريبة ، حتى لكأنها على وجه الارض ، وما هي الا فترة ثم تجتث وتستؤصل من فوق الارض ، فلا قرار لها ولا بقاء.

١٠٣

وفي ظل الشجرة الثابتة التي ضربت مثلا للكلمة الطيبة «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ». وفي ظل الشجرة الخبيثة المجتثة من فوق الارض ما لها من قرار ولا ثبات «يُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ» بتجاوزهم حدود الطريق ، وبعدهم عن النور الهادي ، «وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ».

واذا كان القرآن الكريم قد حض على التمسك بفضيلة طيب الكلام ، لأنه عنوان النفس الطاهرة ، فانه مع هذا قد حذر مما ينحرف باللسان الى ما لا يليق من الكلام ، ولذلك قال القرآن الكريم ضمن صفات المؤمنين :

«وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ»(١)

واللغو من الكلام هو ما لا يعتد به ولا فائدة فيه ولا يليق بالمسلم أن يردده ، ويطلق اللغو على الكلام القبيح والقول الخبيث.

وكذلك يقول القرآن في سورة النساء :

«لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً»(٢).

وهو بذلك ينفر من النطق بالكلام السيء الذي يتضمن سبا أو شتما أو طعنا ، اللهم في موطن القضاء أو الدفاع عن الناس أو مقاومة الظالم ، اذ ليس معنى طيب القول أن يضعف المسلم ، أو يتخاذل أمام اعتداء عليه ، أو اغتصاب لحقه ، والكلمة الطيبة قد تكون قوية صارمة رادعة في الموطن المناسب لذلك ، ومن هنا

__________________

(١) سورة المؤمنون ، الآية ٣.

(٢) سورة النساء ، الآية ١٤٨.

١٠٤

قال سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام : «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر».

وطيب القول يستلزم الصدق فيه ، والابتعاد عن الكذب ، لأن الكلمة لا تكون طيبة الا اذا كانت صادقة ، ومن هنا قال الرسول صلوات الله وسلامه عليه : «واياكم والكذب ، فان الكذب يهدي الى الفجور». ولا يتفق الفجور مع الفضيلة بحال من الاحوال.

والقرآن يشير الى الثواب العظيم الذي يترتب على الكلمة الناطقة بالحق ، المتحلية بالرشد والصدق ، فيقول في سورة الاحزاب :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ، وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً»(١).

* * *

وقد أمر الله في كتابه المسلمين بأن يحرصوا كل الحرص على أدب الحديث وطيب القول وحسن الكلام عند مخاطبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال القرآن في سورة الحجرات :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ، إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ

__________________

(١) سورة الاحزاب ، الآيتان ٧٠ و ٧١.

١٠٥

أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ»(١).

ومراعاة هذه الفضيلة في حق رسول الله عليه الصلاة والسلام ما زالت قائمة ، فلا ينبغي أن يرفع المسلم صوته في مسجد الرسول ، ولا عند قبره الشريف ، وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه أنه سمع صوت رجلين في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد ارتفع صوتهما ، فجاءهما مغضبا وقال لهما : أتدريان أين أنتما؟.

ثم قال لهما : من أين أنتما؟

قالا : من أهل الطائف.

فقال : لو كنتما من أهل المدينة لاوجعتكما ضربا.

ولذلك قرر العلماء أنه يكره رفع الصوت عند قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما كان يكره في حياته ، لأنه محترم حيا وفي قبره دائما.

ومن شواهد الحض على طيب القول مع الرسول عليه الصلاة والسلام قول القرآن :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا»(٢).

و «راعِنا» كلمة كانت تدور على ألسنة الصحابة في مخاطبتهم رسول الله ، ومعناها : راعنا سمعك ، أي اسمع لنا.

ولكن القرآن نهى المسلمين عن قول هذه الكلمة «راعنا» لأنها

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآيتان ٢ و ٣.

(٢) سورة البقرة ، الآية ١٠٤.

١٠٦

صارت غير طيبة ، حيث استغلها لئام اليهود ، ولووا بها ألسنتهم ، لتوافق كلمة سب عندهم في العبرية.

وأقل ما يقال في شأن رسول الله أنه معلم ، وان المسلمين تلاميذه ، ولا يليق من التلميذ أن يخاطب أستاذه مخاطبة الانداد للانداد ، ولذلك جاء في «تفسير المنار» هذه العبارة :

«لا شك أن من يعامل أستاذه ومرشده معاملة المساواة في القول والعمل ، يقل احترامه له ، وتزول هيبته من نفسه ، حتى تقل الاستفادة منه أو تعدم. واذا لم تزل الاستفادة منه ، من حيث كونه معلما ، فانها تقل وتزول لا محالة من حيث كونه مربيا ، لأن المدار في التربية على التأسي والقدوة ، ومن أراه مثلي لا أرضاه اماما ولا قدوة لي ، فان رضيته بالمواضعة والتقليد ، وكذبتني المعاملة ، فأي قيمة لهذا الرضى ، والعبرة بما في الواقع ونفس الأمر ، وهو أن من اعتقد ان امرأ فوقه علما وكمالا ، وأنه في حاجة الى الاستفادة من علمه وارشاده ، ومن أخلاقه وآدابه ، فانه لا يستطيع أن يسوي نفسه به في المعاملة القولية ولا الفعلية ، الا ما يكون من فلتات اللسان ومن اللمم (١).

وعن مثل هذا نهي الصحابة رضي الله عنهم ، لئلا يجرهم الأنس به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكرم أخلاقه الى تعدي حدود الادب الواجب معه ، الذي لا تكتمل التربية الا بكماله ، وهو تعالى يقول :

«لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ»(٢).

* * *

__________________

(١) اللمم : صغائر الذنوب.

(٢) سورة الاحزاب ، الآية ٢١.

١٠٧

والقرآن الكريم يدعو الى الاستمساك بفضيلة طيب القول مع الوالدين ، لعظيم شأنهما ورفيع مكانتهما ، ولذلك يقول في سورة الاسراء :

«وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما ، فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما ، وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ، وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ، وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً»(١).

فحذر القرآن أن يسيء الولد الخطاب مع أبويه ، ولو بما يكون فيه أقل تبرم بهما ، وهو لفظ «أف» ، ونهاه عن أن يزجرهما أو يغلظ عليهما بقول أو عمل أو اشارة ، وطالبه بأن يقول لهما قولا طيبا لطيفا. وأن يدعو لهما ، مثل قوله : رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.

ويدعو كتاب الله تعالى الى التمسك بفضيلة «طيب القول» مع اليتامى. فيخاطب الناس في شأن هؤلاء الضعفاء قائلا في سورة النساء :

«وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً»(٢).

أي قولا طيبا عادلا موافقا للدين ، يقاوم المفسدة ، ويحفظ المصلحة.

ويقول القرآن أيضا للناس في شأن اليتامى :

__________________

(١) سورة الاسراء ، الآيتان ٢٣ و ٢٤.

(٢) سورة النساء ، الآية ٩.

١٠٨

«وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ ، وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً»(١).

أي كلاما طيبا له فائدته ، ولهم فيه مصلحة ، ويقول الامام محمد عبده : «المعروف هو ما تعرفه النفوس الكريمة وتألفه ، ويقابله المنكر ، وهو ما تنكره وتمجه. فالمعروف هنا يشمل تطييب النفوس بافهام السفيه أن المال ماله ، لا فضل لأحد في الانفاق منه عليه ، ليسهل عليه الحجز. ويشمل النصح والارشاد وتعليم ما ينبغي أن يعلمه السفيه وما يعده للرشد ، فان السفه كثيرا ما يكون عارضا للشخص لا فطريا ، فاذا عولج بالنصح والتأديب حسنت حاله ، فهذا هو القول المعروف الذي أمر الله أولياء السفهاء به ، زيادة على حفظ أموالهم وتثميرها ، والانفاق عليهم منها».

ويدعو القرآن الى طيب القول مع السائلين ، فيقول في سورة البقرة :

«قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً»(٢).

أي ان الكلام الجميل الذي تقبله النفوس ، ولا تنكره القلوب الذي ترد به السائل من غير عطاء ، مع ستر حاله وغفران الحاحه ، خير من أن تعطيه شيئا ، ثم تتبعه بالاذى في القول أو العمل.

ويقول القرآن في سورة الاسراء :

«وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً»(٣).

__________________

(١) سورة النساء ، الآية ٥.

(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٦٣.

(٣) سورة الاسراء ، الآية ٢٨.

١٠٩

والخطاب هنا من الله لرسوله ، أي اذا أعرضت يا محمد عن اعطاء سائليك لضيق يدك ، وعدم وجود شيء عندك ، فقل لهم قولا طيبا لينا لطيفا. أي أحسن القول ، وابسط لهم العذر ، وادع لهم بسعة الرزق ، وقل لهم مثلا : اذا جاءني من فضل الله شيء أعطيتكم. أو قل لهم : يرزقنا الله واياكم من فضله ..

ولقد أحسن من قال في هذا المجال :

الا تكن ورق خ يوما أجود بها

للسائلين ، فاني ليّن العود

لا يعدم السائلون الخير من خلقي

إما نوالي ، وإما حسن مردودي

و «الورق» ـ بفتح فكسر ـ هي الفضة ، ويقصد بها النقود. والمردود : يعني الرد.

* * *

ويدعو القرآن الى طيب القول حتى مع المخالف في الدين والاعتقاد ، فيقول في سورة العنكبوت :

«وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ، وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ، وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»(١).

بل وأكثر من هذا ، ان القرآن يدعو الى طيب القول مع طاغي الطغاة ، مع فرعون ، فالله تعالى يقول لموسى وهارون في سورة طه :

__________________

(١) سورة العنكبوت ، الآية ٤٦.

١١٠

«اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى»(١).

* * *

ثم تأتي السنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام :

لقد كان الرسول مثلا أعلى في طيب القول ولين الكلام وسهولة المعاملة ، حتى وصفه الله تعالى بقوله :

«فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ ، وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ»(٢).

وحث الرسول كثيرا على فضيلة طيب القول فقال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».

وجاءت هذه الطائفة الكريمة من الاحاديث :

«كفّ لسانك الا من خير».

«أفش السلام ، وأطب الكلام».

«لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه ، حتى يستقيم لسانه».

«اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فان لم يكن فبكلمة طيبة».

«الكلمة الطيبة صدقة».

__________________

(١) سورة طه ، الآيتان ٤٣ و ٤٤.

(٢) سورة آل عمران ، الآية ١٥٩.

١١١

«ثلاث تصفين لك ودّ أخيك : تسلّم عليه اذا لقيته ، وتوسع له في المجلس ، وتدعوه بأحب أسمائه اليه».

«المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».

وكما حث الرسول على طيب القول بهذه الصورة الرائعة حذر من الكذب والاختلاق ، وقال فيما قال : «بئس مطية الرجل زعموا» لأن الزعم ليس قائما على الصدق أو اليقين.

أما بعد ، فليت كل مسلم يعود لسانه طيب المقال وحسن الكلام ، وأن يتذكر على الدوام قول خالقه جل جلاله :

«ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ»(١).

__________________

(١) سورة ق ، الآية ١٨.

١١٢

الدفع بالحسنى

مادة «الدفع» في اللغة العربية تدل في الاصل على ردّ الشيء بقوة ، ويقال : دفع فلان عن عرضه أو شرفه أو ماله ، أي حماه وصانه ، وصرف عنه الشر والاذى ، والله جل جلاله يدافع عن أوليائه ، أي يحميهم ويكفيهم شر أعدائهم ، وقد جاء في سورة الحج :

«إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ»(١).

وقد جاءت مادة «الدفع» في عدة آيات من الكتاب الحكيم ، ففي سورة آل عمران :

«وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا»(٢).

وفي سورة البقرة :

«وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ،

__________________

(١) سورة الحج ، الآية ٣٨.

(٢) سورة آل عمران ، الآية ١٦٧.

١١٣

وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ»(١).

وفي سورة الحج :

«وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ»(٢).

وفي سورة الطور :

«إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ، ما لَهُ مِنْ دافِعٍ»(٣).

و «الحسنى» من مادة الحسن ، والحسن هو كون الشيء جميلا ومقبولا مرغوبا فيه ، ويكون في الحسيات والمعنويات ، ويقال لكل من النعمة والخير والطاعة والمثوبة حسنة. والأحسن : أفعل تفضيل من الحسن. والحسنى مؤنث الاحسن ، أي الحالة الفضلى والطريقة الخيّرة. وأسماء الله الحسنى ، هي الاسماء البالغة في الدلالة على العظمة ، وقد وردت سادة «الحسنى» في القرآن المجيد في جملة مواطن ، ففي سورة الاعراف :

«وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى»(٤).

وفي سورة التوبة :

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٢٥١.

(٢) سورة الحج ، الآية ٤٠.

(٣) سورة الطور ، الآيتان ٧ و ٨.

(٤) سورة الاعراف ، الآية ١٣٧.

١١٤

«قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ»(١).

وفي سورة يونس :

«لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ»(٢).

وفي سورة الرعد :

«لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى»(٣).

وفي سورة الانبياء :

«إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ»(٤).

وفي سورة الليل :

«فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى»(٥).

والدفع بالحسنى ، أو بالتي هي أحسن ، فضيلة اسلامية جليلة يعرف قدرها وأثرها الاخيار من الناس ، والدفع بالحسنى خلق مجيد من أخلاق القرآن ، يحث صاحبه على أن يعامل الناس أطيب معاملة ، وأن يلقاهم

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ٥٢.

(٢) سورة يونس ، الآية ٢٦.

(٣) سورة الرعد ، الآية ١٨.

(٤) سورة الانبياء ، الآية ١٠١.

(٥) سورة الليل ، الآيات ٥ ـ ٧.

١١٥

أحسن اللقاء ، وأن يقابلهم بالجميل حتى ولو أساءوا في بعض الاحيان ، وان يحتمل منهم ما يبدر عنهم من هنات قابلة للاحتمال.

وها هو ذا القرآن الكريم يتحدث عن هذه الفضيلة فيقول في سورة المؤمنين :

«ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ»(١).

ويتعرض شيخ المفسرين ابن جرير الطبري للحديث عن هذه الآية فيقول فيما يقول : «يقول الله تعالى ذكره لنبيه : ادفع يا محمد بالخلّة التي هي أحسن ، وذلك الاغضاء والصفح عن جهلة المشركين ، والصبر على أذاهم ، وذلك أمره اياه قبل أمره بحربهم. وعنى بالسيئة أذى المشركين اياه ، وتكذيبهم له فيما أتاهم به من عند الله. يقول تعالى ذكره : اصبر على ما تلقى منهم في ذات الله ...».

ثم يضيف : «نحن أعلم بما يصفون الله به ، وينحلونه من الاكاذيب والفرية عليه ، وبما يقولون فيك من السوء ، ونحن مجازوهم على جميع ذلك ، فلا يحزنك ما تسمع منهم من قبيح القول».

ويذكر ابن كثير أن الله تعالى يرشد نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى الترياق النافع في مخالطة الناس ، وهو الاحسان الى من يسيء اليه ، ليستجلب خاطره ، فتعود عداوته صداقة ، وبغضه محبة ، ولذلك قال : «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ».

ويتعرض النيسابوري في «غرائب القرآن» لهذه الآية الكريمة ،

__________________

(١) سورة المؤمنون ، الآية ٩٦.

١١٦

فيقول : «أمره بالصفح عن سيئاتهم ، ومقابلتها بما يمكن من الاحسان ، حتى اذا اجتمع الصفح والاحسان ، وبذل الاستطاعة فيه ، كان أحسن ، لأنها حسنة مضاعفة بازاء سيئة ، أو نقول : المكافأة حسنة ، ولكن العفو أحسن».

ويروى عن ابن عباس ان الحسنة المرادة هنا هي شهادة أن لا اله الا الله ، وأن السيئة هي الشرك. وعن مجاهد أن الحسنة هي أن يسلم عليه اذا لقيه. واذا كان هناك من قال ان هذه الآية منسوخة بآية السيف ، فان الاولى أن يقال انها محكمة ، لان المداراة مستحبة ، ما لم تؤد الى محذور. وقد يؤكد هذا قوله تعالى في ختام الآية : «نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ» أي يفترونه عليك ، وهو أقدر على جزائهم ، فليفوض أمرهم الى الله ، وليدفع أذاهم بالكلام الجميل ، والسلام ، وبيان الادلة على أحسن الوجوه.

ويعود التنزيل المجيد الى الحث على فضيلة الدفع بالحسنى ، وذلك في سورة فصلت حيث يقول :

«وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ، وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ»(١).

ويذكر ابن كثير أن هناك فرقا عظيما بين الحسنة والسيئة ، فهما لا تستويان أبدا ، واللائق بالمسلم أن يدفع بالتي هي أحسن ، فمن أساء اليك فادفعه عنك بالاحسان اليه ، وهذا عمر الفاروق يقول لك : «ما

__________________

(١) سورة فصلت ، الآيتان ٣٤ و ٣٥.

١١٧

عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه».

وأنت اذا أحسنت الى من أساء اليك قادته تلك الحسنة الى مصافاتك ومحبتك والحنو عليك ، حتى يصير كأنه صديق قريب اليك من الشفقة عليك والاحسان معك ، وهذه فضيلة لا يؤدي حقوقها الا من كان صاحب نصيب وافر من التوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة.

وفي موطن آخر يقول ابن كثير انه لا يلهم هذه الوصية ، أو هذه الخصلة ، أو هذه الصفة ، الا الذين صبروا على أذى الناس ، فعاملوهم بالجميل أمام القبيح منهم. والصبر هنا يشمل الاحتمال والحلم والعفو وضبط النفس وقوة الارادة ، ولذلك يقول ابن عباس : «أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الاساءة ، فاذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان ، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم».

ومما ينبغي تدبره والاعتبار به ان سورة فصلت بعد ان تورد الامر بالدفع بالتي هي أحسن ، تقول عقب ذلك مباشرة : «وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» وكأن السورة تريد أن أن تقول لنا أن الشيطان بنزغه واضلاله وافساده هو الذي يزين للانسان أن يدفع بالتي هي أسوأ ، والواجب على المسلم أن يحذر نزغ الشيطان ووسوسته ، حتى لا ينحرف عن سواء السبيل.

ولذلك نراه أيضا يقول في سورة الاعراف :

«خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ، وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ

١١٨

عَلِيمٌ»(١).

وكذلك يقول في سورة المؤمنون :

«ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ ، وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ ، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ»(٢).

ها نحن أولاء نرى في المواطن الثلاثة أن القرآن الحكيم يحذر من نزغ الشيطان الذي يحرض الانسان على أن يدفع بالسيئة ، مع أن القرآن يوصيه أن يدفع بالتي هي أحسن.

* * *

وحسب فضيلة «الدفع بالحسنى» شرفا وعلوّ مكانة وسمو منزلة أن يحكم عليها أصدق القائلين بأنها فضيلة لا يتمرس بأسبابها الا أهل الصبر على المكاره ، والثبات على المشاق ، والذين لهم نصيب كبير في المبرات والمكارم ، فيقول بعد آية الدفع بالحسنى :

«وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا ، وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ»(٣).

وقد أمر القرآن المجيد بالدفع بالحسنى في القول ، فجاء في سورة البقرة :

__________________

(١) سورة الاعراف ، الآيتان ١٩٩ و ٢٠٠.

(٢) سورة المؤمنون ، الآيات ٩٦ ـ ٩٨.

(٣) سورة فصلت ، الآية ٣٥.

١١٩

«وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً»(١).

وجاء فيها :

«قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ»(٢).

وجاء في سورة الاسراء :

«وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ، إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً»(٣).

ولنتدبر كيف جاء هنا الحديث عن نزغ الشيطان وعداوته للانسان بعد الدعوة الى الدفع بالتي هي أحسن في القول ، ولنربط ذلك بما سبق أن دللنا عليه من أن الشيطان هو الذي يحرض الانسان على الدفع بالتي هي أسوأ».

كما جاء في سورة الفرقان :

«وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً»(٤).

وجاء في سورة العنكبوت :

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٨٣.

(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٦٣.

(٣) سورة الاسراء ، الآية ٥٣.

(٤) سورة الفرقان ، الآية ٦٣.

١٢٠