موسوعة أخلاق القرآن - ج ٣

الدكتور أحمد الشرباصي

موسوعة أخلاق القرآن - ج ٣

المؤلف:

الدكتور أحمد الشرباصي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الرائد العربي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٧٩

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما أخبر به ، حتى يقول المؤمن الموقن كما قال عامر بن عبد قيس : «لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا». وكما قال بعضهم : رأيت الجنة والنار حقيقة. فعجب من سمعه فقال : وكيف؟. فأجاب : رأيتهما بعيني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورؤيتي لهما بعينيه آثر عندي من رؤيتي لهما بعينيّ ، فان بصري ، قد يطغى ويزيغ ، بخلاف بصره صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو المقول فيه :

«ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى»(١).

* * *

ولقد جاء ذكر اليقين في مواطن كثيرة من القرآن الكريم ، فقال تعالى في سورة البقرة :

«قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ»(٢).

وقال في سورة الرعد :

«يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ»(٣).

وقال في سورة النمل :

«تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ ، هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ»

__________________

(١) سورة النجم ، الآية ١٧.

(٢) سورة البقرة ، الآية ١١٨.

(٣) سورة الرعد ، الآية ٢.

١٨١

«بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ» (١).

وقال في سورة الجاثية :

«هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ»(٢).

والقرآن يحدثنا عن اليقين ، وحق اليقين ، وعلم اليقين ، وعين اليقين ، ويقول العلماء ان اليقين هو الاعتقاد الجازم ، وعلم اليقين هو ما ظهر من الحق ، وهو الدين وأحكامه ، وقبول ما غاب للحق ، وهو الايمان بالغيب كأمور الآخرة ، والوقوف على ما قام بالحق ، كمعرفة أسماء الله وصفاته وأعماله ، وعين اليقين هو معاينة الحق. وحق اليقين هو تذوق الحق والفناء فيه ، وهو مقصور على الرسل صلوات الله وسلامه عليهم.

وهذا هو ابن القيم يحاول أن يقرّب الينا هذا ، فيقول : «الفرق بين علم اليقين وعين اليقين كالفرق بين الخبير الصادق والعيان ، وحق اليقين فوق هذا. وقد مثّلت المراتب الثلاث بمن أخبرك أن عنده عسلا ، وأنت لا تشك في صدقه ، ثم أراك اياه فازددت يقينا ، ثم ذقت منه.

فالأول علم اليقين ، والثاني عين اليقين ، والثالث حق اليقين. فعلمنا الآن بالجنة والنار علم يقين ، فاذا أزلفت الجنة في الموقف للمتقين ، وشاهدها الخلائق ، وبرّزت الجحيم للغاوين ، وعاينها الخلائق ، فذلك عين اليقين ، فاذا أدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، فذلك حينئذ حق اليقين».

وفي سورة التكاثر نجد الحق جل جلاله يقول :

__________________

(١) سورة النمل ، الآيات ١ ـ ٣.

(٢) سورة الجاثية ، الآية ٢٠.

١٨٢

«كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ، لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ»(١).

وقد علق الاستاذ الامام محمد عبده على الآية الاولى بقوله : «جرت سنة الغافلين اذا نبّهوا ، والذاهلين اذا ذكّروا بعواقب ما هم فيه ، أن يحدّثوا أنفسهم بأنهم يعلمون ذلك ، وأنهم يفعلون ما يفعلون عن يقظة وارشاد بصيرة ، وأنهم محيطون بما ينشأ عن فعالهم ، ويسلّون أنفسهم بذلك ليستمروا في لهوهم.

فحارب الله هذه الهواجس ، وقاتل هذه الخواطر بقوله :

«كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ».

أي ارتدعوا عن تغريريكم بأنفسكم ، بدعوى أنكم تعلمون عاقبة ما أنتم فيه من اللهو بالتكاثر ، فان هذا الذي تسمونه علما ليس على الحقيقة بعلم ، وانما هو وهم وظن ، لا يلبث أن يتغير مهما استحكم عقده من قلوبكم ، لأنه لا يطابق واقعا.

والجدير بأن يسمى علما هو علم اليقين ، أي العلم الذي هو من أفراد اليقين. واليقين هو الاعتقاد الذي يطابق الواقع عن عيان أو دليل صحيح ، مقدماته بديهية أو منتهية الى البديهيات ، بحيث يستحيل تغيره.

والنفس اذا ملكت هذا النوع من العلم ملكا هو ارادتها ، وعاد المصرّف لها في شؤونها. فلو تعلمون هذا العلم لرفعكم عن هذا التكاثر ، ودفعكم الى السعي فيما تصلح به ظواهركم ، وتخلص به لله سرائركم ، وتتحد به في تأييد الحق هممكم ، لأن التحقق من سوء العاقبة ينأى بالنفس عما يفضي اليها ، ويدفعها الى طلب ما هو أحسن منها».

__________________

(١) سورة التكاثر ، الآيات ٥ ـ ٧.

١٨٣

ثم علق الامام على قوله تعالى : «ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ» بقوله : أي لترونّها رؤية هي اليقين نفسه ، وعلم العيان والمشاهدة من أفراد اليقين ، يسمى عين اليقين ، لأنه هو الذي تنتهي اليه جميع العلوم اليقينية ، لأن العلم البرهاني ان لم ينته الى علم عياني لا يعد يقينا ، فالعياني هو ذات اليقين ، وبقية العلوم تضاف اليه متى استوفت شرائطها».

والامام قد ربط بين اليقين العلمي واليقين الاخلاقي ، حينما قرر أن علم اليقين هو الذي يصلح النفس ويصونها من الانحراف ، فهو الذي ينهى النفس عن التكاثر الباطل الزائل ، وهو الذي يدفع الى السعي فيما تصلح به الظواهر وتتطهر السرائر.

* * *

وفي حديث القرآن الكريم عن اليقين عدة ظواهر ، منها ما ربط بين اليقين ومشاهد الكون ، أو بين اليقين والتدبر والنظر في ملكون السموات والارض ، وفي الدلائل والآيات. يقول القرآن في سورة الرعد :

«اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ، يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ»(١).

ويقول في سورة الجاثية :

«وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ»(٢).

__________________

(١) سورة الرعد ، الآية ٢.

(٢) سورة الجاثية ، الآية ٤.

١٨٤

ويقول في سورة الطور :

«أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ ، أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ»(١).

ويقول في سورة الذاريات :

«وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ ، وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ، وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ»(٢).

ومن الظواهر في هذا الحديث الربط بين اليقين والفرائض والواجبات. يقول القرآن في سورة البقرة :

«الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»(٣).

ويقول في سورة لقمان :

«الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»(٤).

__________________

(١) سورة الطور ، الآيتان ٣٥ و ٣٦.

(٢) سورة الذاريات ، الآيات ٢٠ ـ ٢٢.

(٣) سورة البقرة ، الآيتان ٣ و ٤.

(٤) سورة لقمان ، الآية ٤.

١٨٥

ومن الظواهر الربط بين اليقين والدار الاخرة. يقول القرآن في سورة البقرة : :

«وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»(١).

ويقول في سورة الرعد :

«لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ»(٢).

ويقول في سورة النمل :

«وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»(٣).

وكأن اليقين ينبثق من ينبوع البحث والتأمل ، وسعة التدبر والتفكر ، فيغمر نور الايمان قلب الانسان ، ويدفعه ذلك الى أداء الفروض والواجبات ، ويجعله على الدوام متذكرا لقاء الله ، فيحسن الاستعداد لهذا اللقاء.

وهنا يحسن بنا أن نتأمل عبارة للامام الرازي في تفسيره يقول فيها «اليقين هو العلم بالشيء ، بعد أن كان صاحبه شاكا فيه ، فلذلك لا يقول القائل : تيقنت وجود نفسي ، وتيقنت أن السماء فوقي ، لما أن العلم به غير مستدرك. ويقال ذلك في العلم الحادث بالامور ، سواء أكان ذلك العلم ضروريا أو استدلاليا ، فيقول القائل : تيقنت ما أردته بهذا الكلام ، وان كان قد علم مراده بالاضطرار. ويقول : تيقنت أن الاله واحد ، وان كان قد علمه بالاكتساب ، ولذلك لا يوصف الله تعالى بأنه يتيقن الاشياء».

ثم أضاف الرازي في تفسير قوله تعالى : «وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٤.

(٢) سورة الرعد ، الآية ٢.

(٣) سورة النمل ، الآية ٣.

١٨٦

هذه العبارة : «ان الله تعالى مدحهم على كونهم متيقنين بالآخرة ، ومعلوم أنه لا يمدح المرء بأن يتيقن وجود الآخرة فقط ، بل لا يستحق المدح الا اذا تيقن وجود الآخرة مع ما فيها من الحساب والسؤال ، وادخال المؤمنين الجنة ، والكافرين النار.

روي عنه عليه‌السلام أنه قال : يا عجبا من الشاك في الله ، وهو يرى خلقه ، وعجبا ممن يعرف النشأة الاولى ثم ينكر النشأة الآخرة ، وعجبا ممن ينكر البعث والنشور ، وهو في كل يوم وليلة يموت ويحيا ـ يعني النوم واليقظة ـ وعجبا ممن يؤمن بالجنة وما فيها من النعيم ثم يسعى لدار الغرور ، وعجبا من المتكبر الفخور ، وهو يعلم أن أوله نطفة مذرة ، (١) وآخره جيفة قذرة».

* * *

وتقبل مائدة السنة النبوية المطهرة ، فاذا هي تعطي فضيلة اليقين ما تستحقه من عناية ، فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام : «سلوا الله تعالى العفو والعافية ، واليقين في الدنيا والآخرة». ويرد في كتاب «مدارج السالكين» لابن القيم هذا الحديث : «لا ترضين أحدا بسخط الله ، ولا تحمدن أحدا على فضل الله ، ولا تذمن أحدا على ما لم يؤتك الله ، فان رزق الله لا يسوقه اليك حرص حريص ، ولا يرده عنك كراهية كاره ، وان الله بعدله وقسطه جعل الرّوح والفرح في الرضى واليقين ، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط».

ويروي الترمذي وأحمد قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة».

ولقد ضرب أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام أمثلة باهرة في

__________________

(١) مذرة : قذرة فاسدة.

١٨٧

التحلي بفضيلة اليقين ، ومنهم المجاهد الشهيد العارف بربه : حارثة بن سراقة الانصاري الذي قلت عنه في كتابي : «فدائيون في تاريخ الاسلام» هذه العبارة : «وكان حارثة شابا نقيا ، انشرح صدره لهدى الله تعالى ، فاستحوذ عليه وتمكن منه ، فهو لا يفكر ولا ينطق ولا يعمل ولا يتحرك ولا يسلك الا في نطاق الايمان والمراقبة والمعرفة بالله عزوجل.

ولقد لقيه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات صباح فقال له : كيف أصبحت يا حارثة؟.

فأجاب : أصبحت مؤمنا حقا.

فقال له النبي : انظر ماذا تقول يا حارثة؟ فان لكل قول حقيقة.

فقال حارثة : يا رسول الله ، عزفت نفسي عن الدنيا ، فأسهرت ليلي ، وأظمأت نهاري ، وكأني بعرش ربي عزوجل بارزا ، وكأني أنظر الى أهل الجنة يتزاورون فيها ، وكأني أنظر الى أهل النار يتعاوون فيها.

فأعجب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بجوابه وقال له : يا حارثة ، عرفت فالزم.

ثم أضاف الرسول قوله مشيرا الى حارثة : «عبد نوّر الله الايمان في قلبه» (١).

* * *

ولفضيلة اليقين ثمراتها العظمى عند الله عزوجل ، فالقرآن الكريم يدلنا على أن فضيلة اليقين تصل بصاحبها الى الهداية في الدنيا والفلاح في الآخرة ، فيقول عن المتقين في سورة البقرة :

__________________

(١) كتاب «فدائيون في تاريخ الاسلام» ، ص ٢٨٤ نشر دار الرائد العربي.

١٨٨

«وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ، وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ، أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»(١).

وفي مقابل هؤلاء السعداء يوجد أهل الخيبة والشقاء ، وهم أهل الشك والظن الذين حرموا نعمة اليقين ولذلك يقولون :

«إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ»(٢).

ومن ثمرات فضيلة اليقين استمرار الارتباط بحمى الله عزوجل ، وبذلك يصدق المرء في توكله ، ومن هنا قال الحق تبارك وتعالى :

«فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ، إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ».

وبذلك يدفع اليقين صاحبه الى الاقدام وركوب الاهوال والاخطار بلا خوف أو وجل ، ولعل هذا هو بعض ما نفهمه من قول الله سبحانه في سورة يونس :

«أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ، لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ، لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ، ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»(٣).

__________________

(١) سورة البقرة ، الآيتان ٤ و ٥.

(٢) سورة الجاثية ، الآية ٣٢.

(٣) سورة يونس ، الآيات ٦٢ ـ ٦٤.

١٨٩

ولذلك يرى الصوفية أن اليقين لا يساكن قلبا فيه سكون الى غير الله تعالى ، وأن أول مقام اليقين هو الثقة بما في يد الله تعالى ، واليأس مما في أيدي الناس. ويقول أبو بكر الوراق : «اليقين نور يستضيء به العبد في أحواله فيبلغه الى درجات المتقين». ويقول أبو علي الروذباري : «أنفع اليقين ما عظّم الحق في عينيك ، وصغّر ما دونه عندك ، وأنبت الخوف والرجاء في قلبك». وأساس اليقين هو اخلاص التوحيد ، ولذلك يقول أبو الحسين النيسابوري : «اليقين ثمرة التوحيد ، فما صفا في التوحيد صفا له في اليقين».

١٩٠

الدعوة الى الخير

مادة «الدعوة» فيها معنى النداء والطلب ، يقال : دعا بالشيء ، طلب احضاره ، ودعا الى الشيء حثّ عليه ، ودعاهم الى الهدى وجههم اليه. ومادة «الخير» فيها معنى الاختيار والتفضيل والتقديم. يقال : خار الانسان الشيء على غيره فضّله وانتقاه ، وكذلك تخير واختار. والخير ما فيه نفع وصلاح ، وما هو ضد الشر بوجه عام. وقد يطلق على ما هو أداة للنفع والصلاح ، كالمال والخيل ، ولذلك يقول القرآن :

«قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ»(١).

ويقول :

«فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي»(٢).

فالخير في الآية يقصد به الخيل كما ذكر أهل التفسير. و «الخيرات» هي الامور الصالحة الفاضلة.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٢١٥.

(٢) سورة ص ، الآية ٣٢.

١٩١

والدعوة الى الخير فضيلة اسلامية قرآنية تجعل صاحبها داعية من دعاة الصلاح والاصلاح ، ومعوانا على تقوية جانب الخير والبر ، ومقاومة الشر والاثم ، وقد أمر القرآن الكريم بهذه الفضيلة حين قال في سورة آل عمران :

«وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ، وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»(١).

أي : ولتكونوا أمة تدعو الى الخير ، أو ليتحقق فيكم ومنكم وبكم أمة تدعو الى الخير. وهذه كما يعبّر القشيري ـ اشارة الى أقوام قاموا بالله لله ، لا تأخذهم لومة لائم ، ولا تقطعهم عن الله استنامة الى علة وقفوا جملتهم على دلالات أمره ، وقصروا أنفاسهم على طاعته ، واستفرقوا أعمارهم على تحصيل رضاه ، عملوا لله ونصحوا الدين لله ، ودعوا خلق الله الى الله ، فربحت تجارتهم ، وما خسرت صفقتهم.

والدعوة الى الخير هي دعوة الى الله ، ودعوة الى سبيله ، لأن الله جل جلاله لا يدعو الا الى الخير ، ولا يأمر الا بالبر ، والقرآن يقول في سورة الحج :

«وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ»(٢).

ويقول في سورة القصص :

«وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ١٠٤.

(٢) سورة الحج ، الآية ٦٧.

١٩٢

وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»(١).

ويقول في سورة فصلت :

«وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ»(٢).

ومن جلال هذه الصفة الكريمة نجد كتاب الله المجيد يحدثنا بأنها صفة من صفات الخالق الحميد ، فقال في سورة الأنفال :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ»(٣).

ويقول في سورة البقرة :

«وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ»(٤).

وفي سورة يونس :

«وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ»(٥).

__________________

(١) سورة القصص ، الآية ٨٧.

(٢) سورة فصلت ، الآية ٣٣.

(٣) سورة الانفال ، الآية ٢٤.

(٤) سورة البقرة ، الآية ٢٢١.

(٥) سورة يونس ، الآية ٢٥.

١٩٣

وفي سورة ابراهيم :

«قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ»(١).

والدعوة الى الخير من وظيفة الانبياء والمرسلين عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين ، ففي سورة يوسف نجد الحق جل علاه يقول لخاتم المرسلين محمد :

«قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ»(٢).

وفي سورة الرعد :

«قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ»(٣).

وفي سورة المؤمنون :

«وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ»(٤).

وفي سورة الأحزاب يقول له :

«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً

__________________

(١) سورة ابراهيم ، الآية ١٠.

(٢) سورة يوسف ، الآية ١٠٨.

(٣) سورة الرعد ، الآية ٣٦.

(٤) سورة المؤمنون ، الآية ٧٣.

١٩٤

وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً»(١).

وفي سورة الشورى :

«فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ»(٢).

وهذا نوح عليه‌السلام يحدثنا بأنه دعا قومه فأطال الدعوة ، وصبر عليها طويلا برغم اعراضهم وفرارهم واستكبارهم :

«قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً ، فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً ، وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً ، ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً ، ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً»(٣).

والدعوة الى الخير كانت صفة الاخيار من عباد الله ، فهذا هو مؤمن آل فرعون يقول فيما يقول في سورة غافر :

«وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ ، تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ ، لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي

__________________

(١) سورة الاحزاب ، الآيتان ٤٥ و ٤٦.

(٢) سورة الشورى ، الآية ١٥.

(٣) سورة نوح ، الآيات ٥ ـ ٩.

١٩٥

إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ ، وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ ، فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ»(١).

* * *

ومجال الدعوة الى الخير واسع فسيح ، يشمل الدعوة الى الاسلام ، لأنه هدى الله لعباده ، ويشمل الدعوة الى الطهارة والاخلاص في القول والعمل ، ويشمل الدعوة الى مقاومة الأهواء والشهوات ، ويشمل الدعوة الى ما فيه مصلحة الفرد والجماعة.

وهذه الدعوة قد تأخذ شكلا عاما ، كالدعوة التي تقوم بها الأمة المؤمنة لغيرها من الأمم ، عن طريق هيئات الارشاد وجماعات النصح والتوجيه ، وقد تكون هذه الدعوة خاصة يقوم بها فرد لفرد ، أو فرد لجماعة ، وقد تكون بين الغرباء ، وقد تكون بين الاخوة أو الاصدقاء ، وها هو ذا الغزالي يقرر أن من حقوق الاخوة عليك أن تدعو أخاك الى الخير ، ويرسم الطريق الى ذلك ، ويحذر من بعض معاطيه ، ليسلم السائر فيه ، ويقول فيما يقول :

«فليست حاجة أخيك الى العلم بأقل من حاجته الى المال ، فان كنت غنيا بالعلم فعليك مواساته من فضلك ، وارشاده الى كل ما ينفعه في الدين والدنيا ، فان علّمته وأرشدته ، ولم يعمل بمقتضى العلم ، فعليك النصيحة ، وذلك بأن تذكر آفات ذلك الفعل ، وفوائد تركه ، وتخوفه بما يكرهه في الدنيا والآخرة ، لينزجر عنه ، وتنبهه على عيوبه ، وتقبّح القبيح في عينه ، وتحسّن الحسن.

__________________

(١) سورة غافر ، الآيات ٤١ ـ ٤٤.

١٩٦

ولكن ينبغي أن يكون ذلك في سر ، لا يطلع عليه أحد ، فما كان على الملأ فهو توبيخ وفضيحة ، وما كان في السر فهو شفقة ونصيحة ، اذ قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (المؤمن مرآة المؤمن) أي يرى منه ما لا يرى من نفسه ، فيستفيد المرء بأخيه معرفة عيوب نفسه ، ولو انفرد لم يستفد. كما يستفيد بالمرآة الوقوف على عيوب صورته الظاهرة.

وقال الشافعي رضي الله عنه : من وعظ أخاه سرّا فقد نصحه وزانه ، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه. وقيل لمسعر : أتحب من يخبرك بعيوبك؟. فقال : ان نصحني فيما بيني وبينه فنعم ، وان قرّعني بين الملأ فلا.

وقد صدق فان النصح على الملأ فضيحة ، والله تعالى يعاتب المؤمن يوم القيامة تحت كنفه في ظل ستره ، فيوقفه على ذنوبه سرا ، وقد يدفع كتاب عمله الى الملائكة الذين يحفون به الى الجنة ، فاذا قاربوا باب الجنة أعطوه الكتاب مختوما ليقرأه.

وأما أهل المقت فينادون على رؤوس الاشهاد ، وتستنطق جوارحهم بفضائحهم ، فيزدادون بذلك خزيا وافتضاحا ، ونعوذ بالله من الخزي يوم العرض الأكبر».

ورسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ يحث أقوى الحث على أن تكون الدعوة الى الخير شعار المؤمنين المهتدين ، ويحرض على بث ما لدى الانسان من علم أو فقه ، ليكون ذلك حقا ميسورا يبلغ أهليه ومستحقيه ، ولذلك قال : «لا تمنعوا العلم أهله ، فان في ذلك فساد دينكم ، والتباس بصائركم» ثم تلا قوله تعالى في سورة البقرة :

«إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ

١٩٧

بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ، إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»(١).

* * *

ولقد رسم التنزيل الحكيم الطريقة المثلى للدعوة الى الخير ، فقال في سورة النحل :

«ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»(٢).

ويعلّق الامام الرازي في تفسيره على هذه الآية الكريمة فيقول : «أهل العلم ثلاث طوائف : الكاملون الطالبون للمعارف الحقيقية والعلوم اليقينية ، والمكالمة مع هؤلاء لا تمكن الا بالدلائل القطعية اليقينية ، وهي الحكمة».

والقسم الثاني الذي تغلب على طباعهم المشاغبة والمخاصمة ، لا طلب المعرفة الحقيقية والعلوم اليقينية ، والمكالمة اللائقة بهؤلاء المجادلة التي تفيد الافحام والالزام.

وهذان القسمان هما الطرفان ، فالاول هو طرف الكمال ، والثاني طرف النقصان.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآيتان ١٥٩ و ١٦٠.

(٢) سورة النحل ، الآية ١٢٥.

١٩٨

وأما القسم الثالث فهو الواسطة ، وهم الذين ما بلغوا في الكمال الى حد الحكماء المحققين ، ولا في النقصان والرذالة الى حد المشاغبين المخاصمين ، بل هم أقوام بقوا على الفطرة الاصلية والسلامة الخلقية ، وما بلغوا الى درجة الاستعداد لفهم الدلائل اليقينية والمعارف الحكمية ، والمكالمة مع هؤلاء لا تمكن الا بالموعظة الحسنة ، وأدناها المجادلة.

وأعلى مراتب الخلائق الحكماء المحققون ، وأوسطهم عامة الخلق ، وهم أرباب السلامة ، وفيهم الكثرة والغلبة ، وأدنى المراتب الذين جبلوا على طبيعة المنازعة والمخاصمة ، فقوله تعالى : «ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ» معناه : ادع الاقوياء الكاملين الى الدين الحق بالحكمة ، وهي البراهين القطعية اليقينية ، وعوام الخلق بالموعظة الحسنة وهي الدلائل اليقينية الاقناعية الظنية ، وتكلم مع المشاغبين بالجدل على الطريق الأحسن الأكمل».

ثم يعلّق على قوله : «ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين» بالعبارة التالية :

«انك مكلف بالدعوة الى الله تعالى بهذه الطرق الثلاثة ، فأما حصول الهداية فلا يتعلق بك ، فهو تعالى أعلم بالضالين وأعلم بالمهتدين. والذي عندي في هذا الباب أن جواهر النفوس البشرية مختلفة بالماهية ، فبعضها نفوس مشرقة صافية ، قليلة التعلق بالجسمانيات ، كثيرة الانجذاب الى عالم الروحانيات ، وبعضها مظلمة كدرة قوية التعلق بالجسمانيات ، عديمة الالتفات الى الروحانيات.

ولما كانت هذه الاستعدادات من لوازم جواهرها ، لا جرم يمتنع انقلابها وزوالها ، فلهذا قال تعالى : اشتغل أنت بالدعوة ، ولا تطمع في حصول الهداية للكل ، فانه تعالى هو العالم بضلال النفوس الضالة الجاهلة ، واباشراق النفوس المشرقة الصافية ، فلكل نفس فطرة مخصوصة وماهية

١٩٩

مخصوصة ، كما قال : (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) والله أعلم».

ونستطيع أن نقول ان الآية الكريمة السابقة كأنها تقرر أن الداعي الى سبيل الله ، لا يدعو لغرض ولا لمرض ، ولا لجنسية أو عصبية ، ولا لمأرب أو مطلب ، وانما هو يدعو الى سبيل ربه ، وابتغاء وجهه ، وتطلعا الى مرضاته ورضوانه ، وهو حين يدعو يدعو على بصيرة ، فهو ـ كما ذكر العلماء ـ يدرس ظروف المدعوين ونفسياتهم ، ويتعرف ما يناسبهم من الدعوة والنصيحة ، ويختار الطريقة التي توائم وتلائم. وهو يسير في دعوته الى الخير على بصر وحذر وحكمة.

وهو أيضا في دعوته الى الخير يختار الموعظة الحسنة التي تتألف القلوب ، وتستهوي النفوس ، وتخالط المشاعر برفق ولطف ، وهو يجادل من يتطلب المجادلة بالطريقة المثلى التي هي أحسن أنواع الجدال ، فهو لا يتحامل ولا يتعنت ولا يقسو ، وهو لا يحرص على الغلبة والانتصار ، بل كل همه هو الاهتداء الى الحق والانتهاء الى الخير.

* * *

والقرآن الكريم يرسم الطريقة المثلى للين الدعوة الى الخير حين يقول لموسى وهارون في سورة طه :

«اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي ، اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ، قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا

٢٠٠