موسوعة أخلاق القرآن - ج ٣

الدكتور أحمد الشرباصي

موسوعة أخلاق القرآن - ج ٣

المؤلف:

الدكتور أحمد الشرباصي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الرائد العربي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٧٩

العصاة من المؤمنين فقد تشهد عليهم بعض أعضائهم بالعصيان ، ولكن تشهد لهم بعض أعضائهم أيضا بالاحسان» وكما قيل :

بيني وبينك يا ظلوم الموقف

والحاكم العدل الجواد المنصف

وفي بعض الأخبار المروية المسندة أن عبدا تشهد عليه أعضاؤه بالزلة ، فيتطاير شعره من جفن عينيه ، فتستأذن بالشهادة له ، فيقول الحق : تكلمي يا شعرة جفن عبدي ، واحتجي عن عبدي ، فتشهد له بالبكاء من خوفه ، فيغفر له ، وينادي مناد : «هذا عتيق الله بشعرة».

ولقد تعرض الصوفية ـ على طريقتهم الخاصة ـ لفضيلة الشهادة ، فقال عمرو بن عثمان المكي : «المشاهدة وصل بين رؤية القلوب ورؤية العيان». وقال أبو سعيد الخراز : «من شاهد الله بقلبه خنس عنه ما دونه ، وتلاشى كل شيء ، وغاب عند وجود عظمة الله تعالى ، ولم يبق في القلب الا الله عزوجل».

أما بعد ، فان الشهادة التي عدها القرآن المجيد خلقا من أخلاقه ، وفضيلة من فضائله ، يراد بها حياة قلب ، ويقظة عقل ، وصفاء روح ، وطاعة بدن ، واستقامة طريق ، وعدالة رأي ، وبهذا يصير صاحب هذه الفضيلة كأنه يعلم الحق ويراه ، ويلازمه في غدوه ورواحه ، فيصبح جديرا بأن يكون ممن قال الله فيهم : «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ، ويكون الرسول عليكم شهيدا».

١٤١

الستر

«الستر» كلمة خفيفة على اللسان ، شائعة الاستعمال بين الناس ، ولكن مضمونها الاخلاقي القرآني عميق واسع ، وبعض الناس يظن أن كلمة الستر لفظة عامية مبتذلة ، مع أنها لفظة قرآنية نستطيع أن نلمح منها معاني لها مكانتها.

والمعنى اللغوي لكلمة «الستر» يدل على التغطية والاخفاء ، يقال : ستره يستره سترا ، أي غطاه ، واستتر أو تستر ، أي تغطى ، وقد تستعمل كلمة «الستر» بمعنى الخوف والحياء ، وجاء في «أساس البلاغة» فلان لا يستتر من الله بستر : لا يتقي الله. وفيه أيضا : «الله ستار العيوب» ، وقد روى النسائي وأبو داود هذا الحديث : «ان الله حيّ ستّير ، يحب الحياء والستر».

والمعنى الاخلاقي للستر هو أن يكون في الانسان روح الميل الى اخفاء ما ينبغي اخفاؤه ، وأن يتنزه عن الرغبة في اظهار العورات أو ابداء العيوب أو كشف الحرمات ، وأن يخفي بعض القربات التي تكون أقرب الى الاخلاص فيها اذا قام بها صاحبها في طي الكتمان بلا تظاهر أو اعلان.

وقد وردت مادة «الستر» في القرآن ثلاث مرات ، الاولى في سورة

١٤٢

الاسراء ، حيث يقول الحق جل جلاله :

«وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً»(١).

وجاء في سبب نزول الآية أن أسماء بنت ابي بكر رضي الله تعالى عنهما قالت : لما نزلت سورة : «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ» أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ، ولها ولولة ، وفي يدها فهر (أي حجر) وهي تقول : «مذمّما عصينا ، وأمره أبينا ، ودينه قلينا» (٢).

والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قاعد في المسجد ، ومعه أبو بكر رضي الله عنه ، فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله ، لقد أقبلت وأنا أخاف أن تراك.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انها لن تراني. وقرأ قرآنا فاعتصم به. وقرأ : «وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً».

فوقفت على أبي بكر رضي الله عنه ، ولم تر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت : يا أبا بكر ، أخبرت أن صاحبك هجاني.

فقال : لا وربّ هذا البيت ما هجاك.

فولت وهي تقول : قد علمت قريش أني ابنة سيدها.

وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه لما نزلت : «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ» جاءت امرأة أبي لهب الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومعه أبو بكر رضي الله عنه ، فقال أبو بكر للنبي : لو تنحيت عنها لئلا تسمعك ما

__________________

(١) سورة الاسراء ، الآية ٤٥.

(٢) قلينا : كرهنا وأبغضنا.

١٤٣

يؤذيك فانها امرأة بذيئة.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «انه سيحال بيني وبينها». فلم تره.

فقالت لأبي بكر : يا أبا بكر ، هجانا صاحبك.

فقال : والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله.

فقالت : وانك لمصدقه؟!. واندفعت راجعة.

فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أما رأتك؟.

قال : لا ، ما زال ملك بيني وبينها يسترني حتى ذهبت.

* * *

والمرة الثانية جاءت في سورة الكهف حيث يقول الحق جل جلاله عن ذي القرنين :

«حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً»(١).

أي أمة ليس لهم بناء يكنهم ، ولا أشجار تظلهم أو تسترهم عن حر الشمس.

والمرة الثالثة في سورة فصلت حيث يقول الحق جل جلاله :

«وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ، حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ، وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا؟ قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ

__________________

(١) سورة الكهف ، الآية ٩٠.

١٤٤

وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ، وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ»(١).

ويعلق الامام ابن كثير على الآية الاخيرة بهذه العبارة : «وقوله تعالى : «وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ» أي تقول لهم الاعضاء والجلود ، حين يلومونها على الشهادة عليهم : ما كنتم تكتمون منا الذي كنتم تفعلونه ، بل كنتم تجاهرون الله بالكفر والمعاصي ، ولا تبالون منه في زعمكم ، لأنكم كنتم لا تعتقدون أنه يعلم جميع أفعالكم ، ولهذا قال تعالى : «وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ ، وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ» أي هذا الظن الفاسد ، وهو اعتقادكم أن الله تعالى لا يعلم كثيرا مما تعملون ، هو الذي أتلفكم وأرداكم عند ربكم «فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ» ، أي في مواقف القيامة خسرتم أنفسكم وأهليكم».

ومما يدل على دعوة القرآن المجيد الى الحرص على فضيلة «الستر» قول الله سبحانه في سورة النور :

«إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ، وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»(٢).

__________________

(١) سورة فصلت ، الآيات ١٩ ـ ٢٢. ويوزعون : يحبس سوابقهم ليلحقهم تاليهم.

(٢) سورة النور ، الآية ١٩.

١٤٥

وفي الآية وعيد شديد لأولئك الذين يكشفون العورات ، ويتتبعون العيوب ، ويعملون على اذاعة الفواحش والآثام بين المؤمنين ، حتى يسهل أمرها على الراغبين فيها ، أو المتطلعين اليها ، وتصبح أمرا معروفا مألوفا ، يتجارأ عليه من كان بالامس يجهله أو يهابه ويخشاه.

ويقول الشيخ الجبالي في كتابه «شفاء الصدور بتفسير سورة النور» هذه العبارة : «وانك اذا تأملت في تعليق الشيوع بالفاحشة نفسها ـ مع أن المراد شيوع خبرها والحديث فيها ـ وجدت بابا آخر من الارشاد. ذلك أن الاسماع التي لم يطرقها حديث الفحشاء ، تجد أصحابها في أكمل نفرة من خطراتها على نفوسهم ، فاذا ما طرق سمع أحدهم حديث فحش مرة اشمأزت نفسه وأكبرت الامر ، وملكه من الهلع والذعر الشيء الكبير ، فاذا ما تكرر على سمعه مرة أخرى كان اشمئزازه أخفّ ، ونفرته أقل.

فلا يزال يتكرر حديث الفحش حتى يصبح أمرا مألوفا لا يستنكره ولا ينفر منه ، وقد يزيد حتى يستمرىء الحديث ويصغي اليه. وهنا تنفتح أمامه هوة التدهور ، فيتردى فيه ، وقد مات حارسه ، وهو عاطفة الاستنكار والنفرة.

فترى بذلك أن حب شيوع الحديث كحب شيوع نفس الفاحشة ، فلا جرم عبر به عنه.

ومما يزيدك استبصارا في هذا ، ما ترى من تحرج الآباء عن ذكر مثل هذه الاخبار أمام أبنائهم الاحداث. فما ذاك الا لما وقر في النفوس من أن ذكر الفحش يلفت النفوس اليه فتردى فيه.

وهل يشك أحد في أن من أساليب الترغيب في الشيء ـ خيرا كان أو شرا ـ تكرار ذكر حوادثه وتفاصيل شؤونه»؟.

١٤٦

ومما يشير الى حرص المجتمع الاسلامي على ستر هذه الامور الشائنة التي يجب أن تعالج في دائرتها بلا اذاعة أو اشاعة ، أنه حينما أخبر هزّال ابن يزيد رسول الله عليه الصلاة والسلام بأن ماعز بن مالك قد ارتكب الفاحشة قال له الرسول : «يا هزال ، لو سترته بثوبك لكان خيرا لك». يقول ابن الأثير : «انما قال ذلك حبا لاخفاء الفضيحة ، وكراهية لاشاعتها».

ولو انتقلنا الى روضة السنة المطهرة ـ وهي المفسرة للقرآن ، المفصلة لاحكامه ، الكاشفة عن مراميه ـ لوجدنا أن مادة «الستر» قد تكررت عشرات المرات ، ويكفي أن نعود الى المجلد الثاني من كتاب «معجم ألفاظ الحديث النبوي» لنجد هذه المادة قد شغلت خمس صفحات كبيرة الحجم (١).

وها هو ذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتهدد أولئك الذين يتوقحون بكشف الاستار وهتك الاسرار ، فيقول : «كل أمتي معافى الا المجاهرين ، وان من المجانة أن يعمل الرجل بالليل عملا ، ثم يصبح وقد ستره الله ، فيقول : يا فلان ، عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره الله ، ويصبح يكشف ستر الله عنه» وقد بسطت شرح هذا الحديث في كتابي «من أدب النبوة» ، وكان مما قلته : «مما يعيب الانسان أشد العيب ، ويجعله عرضة لأشد النقمة والعذاب ، أن يستخف بالاثم يأتيه دون مبالاة أو مداراة ، وكأن الوقاحة قد استبدت به ، فجعلته لا يكتفي بارتكاب المعصية ، بل يعالن بها ويجاهر».

وكذلك أرشدت السنة المطهرة الى ستر حديث النفس السيء ، حتى لا تؤاخذ النفس على هذا ، فجاء الحديث : «ان الله تجاوز لأمتي عما حدّثت به أنفسها ما لم تكلم أو تعمل».

__________________

(١) المعجم المفهرس لالفاظ الحديث النبوي ، المجلد الثاني ، ص ٤١٠ ـ ٤١٥.

١٤٧

وتحدثنا بأن الله يستر بفضله على من يشاء من عباده في الدنيا والآخرة ، فيقول الحديث : «لا يستر الله على عبد في الدنيا الا ستره الله يوم القيامة». ويروي البخاري : «يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه : تعرف ذنب كذا؟ فيقول : أعرف ، رب أعرف. فيقول الله تعالى سترتها عليك في الدنيا وأغفرها لك اليوم».

وتحث السنة المسلم على أن يكون سمحا كريما اذا اطلع على عيب لأخيه ، فيكتمه عليه ويستره ، ولا يفضحه ، فيقول الحديث : «من ستر على مسلم عورة فكأنما أحيا ميتا» ويقول : «من ستر أخاه المسلم في الدنيا فلم يفضحه ستره الله يوم القيامة» (١).

وتحذر السنة المسلم أن يتتبع عورات الناس ليفضحهم ، لأن وبال ذلك يعود اليه ويجني عليه ، فيقول الحديث : «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه ، لا تتبعوا عورات الناس لتفضحوهم ، فان من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في عقر بيته». ويقال أيضا : «لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ، ولا تطلبوا عوراتهم ، فانه من طلب عورة اخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته».

* * *

ودعا الهدى النبوي الى الاستتار في مواضع ، منها الاغتسال ، وقضاء الحاجة ، وكشف العورة ، والمعاشرة الزوجية ، والتبول ، فوردت هذه الأحاديث :

١ ـ «ان الله حييّ ستّير ، يحب الحياء والستر ، فاذا اغتسل أحدكم فليستتر».

__________________

(١) من أدب النبوة ، ص ٢١٦. نشر المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية بالقاهرة.

١٤٨

٢ ـ «من أتى الغائط فليستتر».

٣ ـ عن ميمونة رضي الله عنها قالت : «وضعت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ماء وسترته فاغتسل».

٤ ـ «لا ينظر الرجل الى عورة الرجل ، ولا المرأة الى عورة المرأة».

٥ ـ عن بعض الصحابة أنه قال : يا رسول الله ، عورتنا ما نأتي منها وما نذر؟. قال : احفظ عورتك الا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قلت : يا رسول الله ، اذا كان القوم بعضهم في بعض؟. قال : ان استطعت ألا يرينّها أحد فلا يرينها. قلت : يا رسول الله ، اذا كان أحدنا خاليا؟. قال : الله أحق أن يستحيى منه من الناس.

٦ ـ ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الشخصين اللذين يعذّبان في قبرهما ، وقال عن سبب عذاب أحدهما انه كان لا يستتر في بوله.

* * *

والاسلام يطالب المرأة بأن تستر أسرار زوجها ، وأسرار بيته وشؤونه الداخلية التي جرى العرف السليم على طيها وعدم الحديث عنها ، وأن تستر عورتها فلا تكشفها ولا تنبه اليها ، والقرآن الكريم يقول :

«وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ»(١).

بعد أن قال في سورة النور :

«وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها ، وَلْيَضْرِبْنَ

__________________

(١) سورة النور ، الآية ٣١.

١٤٩

بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ».

ويقول في سورة الاحزاب :

«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً»(١).

ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام : «ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها الا هتكت ما بينها وبين الله تعالى». أي مزقت عهد الحياء والستر المأخوذ عليها.

ولله در المرحوم مصطفى صادق الرافعي حين صور هذه المهازل التي ترتكبها بعض النساء من تبرج وتفحش وتعر على الشواطىء في الصيف ، وذلك في مقال له بعنوان «لحوم البحر» وهو يقصد النساء المتجردات من ثيابهن على مرأى ومشهد من الاجانب ، وفي هذا المقال هذه الكلمات :

«ألا ان البهيمية والعقلية في هذا الانسان مجموعهما شيطانية.

ألا وانه ما من شيء جميل أو عظيم الا وفيه معنى السخرية به.

هنا تتعرى المرأة من ثوبها ، فتتعرى من فضيلتها.

هنا يخلع الرجل ثوبه ، ثم يعود اليه ، فيلبس فيه الأدب الذي خلعه.

رؤية الرجل لحم المرأة المحرمة نظر بالعين والعاطفة.

يرمي ببصره الجائع كما ينظر الصقر الى لحم الصيد.

__________________

(١) سورة الاحزاب ، الآية ٥٩.

١٥٠

ونظر المرأة لحم الرجل رؤية فكر فقط.

تحول بصرها أو تخفضه ، وهي من قلبها تنظر.

يا لحوم البحر ، سلخك من ثيابك جزار.

يا لحوم البحر ، سلخك جزار من ثيابك.

جزار لا يذبح بألم ، ولكن بلذة.

ولا يحز بالسكين ، ولكن بالعاطفة.

ولا يميت الحي الا موتا أدبيا.

الى الهيجاء يا أبطال معركة الرجال والنساء.

فهنا تلتحم نواميس الطبيعة ونواميس الاخلاق.

للطبيعة أسلحة العري والمخالطة والنظر والأنس والتضاحك ونزوع المعنى الى المعنى.

وللاخلاق المهزومة سلاح من الدين قد صدىء ، وسلاح من الحياء مكسور.

يا لحوم البحر ، سلخك من ثيابك جزار».

* * *

وفضيلة «الستر» تدعو صاحبها الى كتمان أسراره ، وستر أموره الخاصة به ، كما تدعو الى ستر ما يؤتمن عليه من أسرار غيره ، وهناك أسرار عائلية يظن الجهلاء أن الحديث عنها لا بأس به ولا حرج فيه ، ومن ذلك ما يكون بين الزوج وزوجته من علاقة أو معاشرة ، وهذا هو الحديث الشريف يقول : «ان أشر الناس منزلة يوم القيامة الرجل يفضي الى امرأته

١٥١

وتفضي اليه ، ثم ينشر سرها ، انما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانا في السكة ، فقضى منها حاجته والناس ينظرون اليه».

وفضيلة «الستر» تدعو صاحبها الى ستر «الصدقة» واخفائها ، فان ذلك في مواطنه أجمل وأحسن ، والقرآن الكريم يقول في سورة البقرة :

«إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ، وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ، وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ»(١).

ولقد أثنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الرجل الذي يستر صدقته ويخفيها ، حتى لا تدري شماله ما أعطت يمينه.

وهذه الفضيلة توجه صاحبها الى ستر الرؤيا السيئة التي يراها في النوم ، وروى البخاري هذا الحديث : «اذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فانما هي من الله ، فليحمد الله وليتحدث بها ، واذا رأى غير ذلك مما يكره فانما هي من الشيطان ، فليستعذ من شرها ، ولا يذكرها لاحد فانها لا تضره».

وفضيلة الستر توجه صاحبها الى التستر والاستخفاء ، للتخلص من عدوان أو طغيان ، فقد روى البخاري عن ابن أبي أوفى : «اعتمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واعتمرنا معه ، فلما دخل مكة طاف وطفنا معه ، وأتى الصفا والمروة وأتيناهما معه ، وكنا نستره من أهل مكة أن يرميه أحد».

وفضيلة الستر من أخلاق الانبياء والمرسلين ، وقد ورد أن نبي الله

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٢٧١.

١٥٢

موسى عليه‌السلام كان رجلا حييّا ستيرا ، فقد روي ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «ان موسى عليه‌السلام كان رجلا حييا ستيرا ، لا يرى من جلده شيء استحياء منه».

نسأل الله عز شأنه أن يستر عوراتنا ، وأن يمحو زلاتنا ، انه رؤوف رحيم.

١٥٣

التعوذ

التعوّذ من مادة الاستعاذة ، والاستعاذة في معنى الاستجارة وطلب الامتناع من المكروه ، والتعوذ هو الالتجاء الى الغير والتعلق به. والعياذ هو الملجأ. والتعوذ له معنى شرعي ، وهو قول الانسان : أعوذ بالله ، أو نحو ذلك. وله معنى أخلاقي ، وهو التدثر بروح الالتجاء الى الله ، والتحصن بجنابه ، والاعتماد عليه.

والاستعاذة بهذا المفهوم هي الاستعانة بالله في دفع الشر ، وقال أهل التفسير ان كلمة : «مَعاذَ اللهِ» تفيد أن قائلها يلتجىء الى ربه ويستنصر به ، ليصونه من فعل ما لا يليق به أو يحسن منه ، كما في قوله تعالى :

«قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ»(١).

وقوله :

«قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ»(٢).

__________________

(١) سورة يوسف ، الآية ٢٣.

(٢) سورة يوسف ، الآية ٧٩.

١٥٤

وقد فرقوا بين كلمتي «العياذ» و «اللياذ» فذكروا أن العياذ لدفع الشر ، واللياذ يكون لطلب جلب الخير ، ولذلك قال الشاعر :

يا من ألوذ به فيما أؤمله

ومن أعوذ به مما أحاذره

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره

ولا يهيضون (١) عظما أنت جابره

وتعوذ الانسان بالله فيه اقرار من العبد بأن علم الله أوسع من علمه ، ولذلك يلجأ اليه ويستعين به ، وفي هذا التعوذ ـ أيضا ـ تفويض الى الله ليقضي بالحق بين المتعوذ وخصمه الذي يتعوذ منه ، وفي التعوذ كذلك معنى الخضوع لله جل جلاله ، وعدم اغترار الانسان بقوته ، لأن الله أقوى وأقدر. ومن هنا قال بعض العلماء ان التعوذ عنوان صادق على امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء الى الله ، وقوة عزيمته في طرد الوساوس والشكوك ، واستقبال الهداية بقلب طاهر ، وعقل واع ، وايمان ثابت ، ويقين وطيد.

وكلمة : «أعوذ بالله» يقولها الانسان في العادة وهو يعاني ضيقا شديدا من قبح تصرف ، أو سوء خلق ، أو قبح معاملة ، أو انحراف سلوك عند غيره ، وكأن الانسان لا يطيق احتمال هذا الضيق ، فهو يلجأ الى الله ليعينه على دفع هذا البلاء ، والصبر في مجال هذا الابتلاء.

ولقد أعطانا الامام الرازي تصويرا دقيقا مفصلا لفضيلة التعوذ والمعنى الاخلاقي فيه ، وبيان أنه لا يتم الا بعلم وحال وعمل ، على الوجه التالي :

«الاستعاذة لا تتم الا بعلم وحال وعمل. أما العلم فهو كون العبد عالما بكونه عاجزا عن جلب المنافع الدينية والدنيوية ، وعن دفع جميع

__________________

(١) يهيضون : هاض العظم كسره ، وانهاض : انكسر.

١٥٥

المضار الدينية والدنيوية ، وأن الله تعالى قادر على ايجاد جميع المنافع الدينية والدنيوية وعلى دفع جميع المضار الدينية والدنيوية ، قدرة لا يقدر أحد سواه على دفعها عنه.

فاذا حصل هذا العلم في القلب ، تولد عن هذا العلم حصول حالة في القلب ، وهي انكسار وتواضع ، ويعبّر عن تلك الحالة بالتضرع الى الله تعالى والخضوع له. ثم ان حصول تلك الحالة في القلب يوجب حصول صفة أخرى في القلب ، وصفة في اللسان. أما الصفة الحاصلة في القلب ، فهي أن يصير العبد مريدا لأن يصونه الله تعالى عن الآفات ، ويخصه بافاضة الخيرات والحسنات. وأما الصفة التي في اللسان فهي أن يصير العبد طالبا لهذا المعنى بلسانه من الله تعالى ، وذلك الطلب هو الاستعاذة ، وهو قوله : أعوذ بالله.

اذا عرفت ما ذكرنا يظهر لك أن الركن الاعظم في الاستعاذة هو علمه بالله ، وعلمه بنفسه. أما علمه بالله فهو أن يعلم كونه سبحانه وتعالى عالما بجميع المعلومات ، فانه لو لم يكن الامر كذلك لجاز أن لا يكون الله عالما به ولا بأحواله ، فعلى هذا التقدير تكون الاستعاذة به عبثا. ولا بد ان يعلم كونه قادرا على جميع الممكنات ، والا فربما كان عاجزا عن تحصيل مراد العبد. ولا بد أن يعلم أيضا كونه جوادا مطلقا ، اذ لو كان البخل عليه جائزا ، لما كان في الاستعاذة فائدة. ولا بد أيضا وأن يعلم أنه لا يقدر أحد سوى الله تعالى على أن يعينه على مقاصده ، اذ لو جاز أن يكون غير الله يعينه على مقاصده لم تكن الرغبة قوية في الاستعاذة بالله.

وذلك لا يتم الا بالتوحيد المطلق ، وأعني بالتوحيد المطلق أن يعلم أن مدبر العالم واحد ، وأن يعلم أيضا أن العبد غير مستقل بأعمال نفسه ، اذ لو كان مستقلا بأعمال نفسه ، لم يكن في الاستعاذة بالغير فائدة.

فثبت ما ذكرنا ان العبد ـ ما لم يعرف عزة الربوبية وذلة العبودية ـ

١٥٦

لا يصح منه أن يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ومن الناس من يقول لا حاجة في هذا الذكر الى العلم بهذه المقدمات ، بل الانسان اذا جوّز كون الامر كذلك حسن منه أن يقول : أعوذ بالله ، على سبيل الاجمال. وهذا ضعيف جدا ، لأن ابراهيم عليه‌السلام عاب أباه في قوله : «لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا».

فبتقدير أن لا يكون الاله عالما بكل المعلومات ، قادرا على جميع المقدورات ، كان سؤاله سؤالا لمن لا يسمع ولا يبصر ، وكان داخلا تحت ما جعله ابراهيم عليه‌السلام عيبا على أبيه.

وأما علم العبد بحال نفسه فلا بد وأن يعلم عجزه وقصوره عن رعاية مصالح نفسه على سبيل التمام ، وأن يعلم أيضا أنه بتقدير أن يعلم تلك المصالح بحسب الكيفية والكمية ، لكنه لا يمكنه تحصيلها عند عدمها ، ولا ابقاؤها عند وجودها.

اذا عرفت هذا فتقول : انه اذا حصلت هذه العلوم في قلب العبد ، وصار مشاهدا لها ، متيقنا فيها ، وجب ان يحصل في قلبه تلك الحالة المسماة بالانكسار والخضوع ، وحينئذ يحصل في قلبه الطلب ، وفي لسانه اللفظ الدال على ذلك الطلب ، وذلك هو قوله : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».

اذن ليس التعوذ بالمعنى الاخلاقي القرآني الذي نعنيه ، هو مجرد التلفظ بعبارة الاستعاذة ، بل ان الامر محتاج الى حالة عقلية وقلبية ونفسية تجعل صاحبها يفر من حوله وقوته الى حول الله وقوته ، ويتحصن دائما بحصن الله القوي المتين.

* * *

ولقد ذكرت مادة «التعوذ» أو «الاستعاذة» في القرآن المجيد

١٥٧

نحو خمس عشرة مرة ، ودلنا التنزيل الحميد على أن التعوذ أمر مطلوب في كثير من المواقف والاحوال ، وكأن كتاب الله قد أراد أن يرفع من شأن هذه الفضيلة حين لفت أبصارنا وبصائرنا الى أن التعوذ من صفات الانبياء والرسل كما فصل الرازي فجاء في سورة هود عن نوح :

«قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ»(١).

أي أحتمي بجنابك ، وأعتصم بتوفيقك من أن أسألك ما ليس لي به علم صحيح بأنه جائز ولائق.

وعند ما تعوذ نوح بربه كما سبق أعطاه الله منحتين ، هما السلام والبركات ، فذلك في قوله تعالى :

«قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ»(٢).

وهذا موسى يستعيذ بالله. فيقول القرآن في سورة البقرة :

«قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ»(٣).

أي ألتجىء الى الله ليعصمني بتأديبه لي من الاستهزاء بالناس. وعند ما تعوذ موسى كما رأينا منّ الله عليه بمنتين هما ازالة التهمة واحياء القتيل كما في قصة البقرة :

«فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى

__________________

(١) سورة هود ، الآية ٤٧.

(٢) سورة هود ، الآية ٤٨.

(٣) سورة البقرة ، الآية ٦٧.

١٥٨

وَيُرِيكُمْ آياتِهِ»(١).

وكذلك ذكر القرآن في سورة غافر أن موسى قد استعاذ بربه من المتكبرين الكافرين ، فقال :

«وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ»(٢).

وقال أيضا في سورة الدخان :

«وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ»(٣).

وكانت النتيجة لذلك التعوذ الصادق المخلص ان حقق الله لموسى وأتباعه أمره ، حيث أهلك عدوهم ، وأورثهم أرضهم وديارهم.

وهذا يوسف يذكر القرآن في سورة يوسف أنه تحلى بفضيلة «التعوذ» فقال :

«مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ»(٤).

أي أعوذ بالله معاذا ، وأتحصن به ، فهو الذي يعيذني بفضله وتوفيقه أن أكون من الجاهلين الفاسقين ، وكانت نتيجة ذلك التعوذ أن منحه الله منحتين ، حيث صرف عنه السوء ، وصرف عنه الفحشاء ، وذلك في قوله :

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٧٣.

(٢) سورة غافر ، الآية ٢٧.

(٣) سورة الدخان ، الآية ٢٠.

(٤) سورة يوسف ، الآية ٢٣.

١٥٩

«كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ»(١).

وحينما قال إخوة يوسف له : «فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ» تعوذ بالله من ذلك وقال :

«مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ»(٢).

فأثابه الله على فضيلته بقوله :

«وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ، وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً»(٣).

وهذه امرأة عمران ـ أم مريم ـ تعيذ ابنتها مريم بقولها في سورة آل عمران :

«وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ»(٤).

وتأتي العاقبة : «فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً».

وتقبل بعد ذلك مريم ، فتتدثر بفضيلة التعوذ بربها ، فحينما ترى جبريل مقبلا عليها ، وهي في وحدتها ، قالت :

«إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا»(٥).

فوهبها الله نعمتين : وهبها ولدا من غير أب ، وأنطق هذا الولد وهو في المهد ببراءتها :

__________________

(١) سورة يوسف ، الآية ٢٤.

(٢) سورة يوسف ، الآية ٧٩.

(٣) سورة يوسف ، الآية ١٠٠.

(٤) سورة آل عمران ، الآية ٣٦.

(٥) سورة مريم ، الآية ١٨.

١٦٠