٦٤ ـ سورة التغابن
الآية : ١٤ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ).
قال ابن عباس : كان الرجل يسلم ، فإذا أراد أن يهاجر منعه أهله وولده ، وقالوا : ننشدك الله أن تذهب فتدع أهلك وعشيرتك ، وتصير إلى المدينة بلا أهل ولا مال. فمنهم من يرق لهم ويقيم ولا يهاجر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
الآية : ١٦ ـ قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٦).
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٠٢] ، اشتد على القوم العمل ، فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرّحت جباههم ، فأنزل الله تعالى تخفيفا على المسلمين : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (٢).
__________________
(١) زاد المسير ، ج ٨ / ٢٨٤ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٨ / ١٢٤.
(٢) السيوطي ، ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ، وتفسير الطبري ، ج ١٨ / ١٤٤.
٦٥ ـ سورة الطلاق
الآية : ١ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ).
روى قتادة ، عن أنس قال : طلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم حفصة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقيل له : راجعها ، فإنها صوامة قوامة ، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة (١).
وقال السدي : نزلت في عبد الله بن عمر ، وذلك أنه طلق امرأته حائضا ، فأمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يراجعها ويمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض حيضة أخرى ، فإذا طهرت طلقها إن شاء قبل أن يجامعها ، فإنها العدة التي أمر الله بها (٢).
عن الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة واحدة ، فأمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر وتحيض عنده حيضة أخرى ، ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها ، فإن أراد أن يطلقها فيطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها ، فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن تطلق لها النساء (٣).
الآيتان : ٢ ـ ٣ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ).
نزلت الآية في عوف بن مالك الأشجعي ، وذلك أن المشركين أسروا ابنا له ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشكا إليه الفاقة ، وقال : إن العدو أسر ابني وجزعت الأم ، فما تأمرني؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اتق الله واصبر ، وآمرك وإياها أن تستكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله». فعاد إلى بيته وقال لامرأته : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمرني وإياك أن
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ١٨ / ١٤٨.
(٢) زاد المسير ، ج ٨ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨.
(٣) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٧٧.
نستكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله. فقالت : نعم ما أمرنا به ، فجعلا يقولان ، فغفل العدو عن ابنه ، فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه ، وهي أربعة آلاف شاة ، فنزلت هذه الآية (١).
عن عمار بن معاوية ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر بن عبد الله قال : نزلت هذه الآية : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) في رجل من أشجع كان فقيرا ، خفيف ذات اليد كثير العيال ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسأله فقال : «اتق الله واصبر». فرجع إلى أصحابه فقالوا : ما أعطاك رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : ما أعطاني شيئا ، قال : «اتق الله واصبر». فلم يلبث إلا يسيرا حتى جاء ابن له بغنم ، وكان العدو أصابوه ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسأله عنها وأخبره خبرها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إياكها» (٢).
الآية : ٤ ـ قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ).
قال مقاتل : لما نزلت : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٢٨] قال خلاد بن النعمان بن قيس الأنصاري : يا رسول الله ، فما عدة التي لا تحيض ، وعدة التي لم تحض ، وعدة الحبلى؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).
وأخرج ابن جرير وإسحاق بن راهويه والحاكم وغيرهم عن أبيّ بن كعب قال : لما نزلت الآية في سورة البقرة في عدد من عدد النساء قالوا : قد بقي عدد من عدد النساء لم يذكرن : الصغار والكبار وأولات الأحمال ، فأنزلت : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) الآية. [صحيح الإسناد].
وأخرج مقاتل في تفسيره : أن خلاد بن عمرو بن الجموح سأل النبي صلىاللهعليهوسلم عن عدة التي لا تحيض فنزلت (٤).
__________________
(١) النيسابوري ٣٥٥ ، والسيوطي ٣٠٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٨٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٨ / ١٦٠.
(٢) النيسابوري ٣٥٦ ، والسيوطي ، ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٨ / ١٦٠.
(٣) النيسابوري ، ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٨١ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٨ / ١٦٢.
(٤) السيوطي ٣٠٦ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٧ / ٩١ ، وزاد المسير ، ج ٨ / ٢٩٣ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٨ / ١٦٢ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٨١.
٦٦ ـ سورة التحريم
الآية : ١ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ).
عن علي بن عباس ، عن ابن عباس ، عن عمر قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأم ولده مارية في بيت حفصة ، فوجدته حفصة معها ، فقالت : لم تدخلها بيتي؟ ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك. فقال لها : «لا تذكري هذا لعائشة ، هي عليّ حرام إن قربتها». قالت حفصة : وكيف تحرم عليك وهي جاريتك؟ فحلف لها لا يقربها ، وقال لها : «لا تذكريه لأحد». فذكرته لعائشة ، فآلى أن لا يدخل على نسائه شهرا ، واعتزلهن تسعا وعشرين ليلة ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) (١).
عن علي بن مسهر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحب الحلواء والعسل ، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه ، فدخل على حفصة بنت عمر واحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس ، فعرفت ، فسألت عن ذلك ، فقيل لي : أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل ، فسقت منه النبي صلىاللهعليهوسلم شربة ، قلت : أما والله لنحتال له. فقلت لسودة بنت زمعة : إنه سيدنو منك ، إذا دخل عليك فقولي له : يا رسول الله ، أكلت مغافير؟ فإنه سيقول لك : سقتني حفصة شربة عسل ، فقولي : جرست نحله العرفط (٢) ، وسأقول ذلك ، وقولي أنت يا صفية ذلك. قالت : تقول سودة : فو الله ما هو إلا أن قام على الباب فكدت أن أبادئه بما أمرتني به ، فلما دنا منها قالت له سودة : يا رسول الله ، أكلت مغافير؟ قال : «لا». قالت : فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال : «سقتني حفصة شربة عسل». قالت : جرست نحله العرفط ،
__________________
(١) النيسابوري ٣٥٨ ، والسيوطي ، ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، وفي إسناد النيسابوري عبد الله بن شبيب ، وهو ضعيف.
(٢) جرست : رعت. العرفط : شجر يخرج منه المغافير.
قالت : فلما دخل عليّ قلت له مثل ذلك ، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك ، فلما دار إلى حفصة قالت : يا رسول الله ، أسقيك منه؟ قال : «لا حاجة لي فيه». تقول سودة : سبحان الله ، لقد حرمناه. قالت لها : اسكتي (١).
عن ابن أبي مليكة : أن سودة بنت زمعة كانت لها خئولة باليمن ، وكان يهدى إليها العسل ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأتيها في غير يومها يصيب من ذلك العسل ، وكانت حفصة وعائشة متآخيتين على سائر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالت إحداهما للأخرى : ما ترين إلى هذا؟ قد اعتاد هذه يأتيها في غير يومها ، يصيب من ذلك العسل ، فإذا دخل فخذي بأنفك ، فإذا قال ما لك؟ قولي : أجد منك ريحا لا أدري ما هي ، فإنه إذا دخل عليّ قلت مثل ذلك. فدخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخذت بأنفها ، فقال : «ما لك؟» ، قالت : ريحا أجد منك ، وما أراه إلا مغافير. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعجبه أن يأخذ من الريح الطيبة إذ وجدها ، ثم إذ دخل على الأخرى فقالت له مثل ذلك ، فقال : «لقد قالت لي هذا فلانة ، وما هذا إلا من شيء أصبته في بيت سودة ، وو الله لا أذوقه أبدا» (٢).
قال ابن أبي مليكة : قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في هذا : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ).
الآية : ٤ ـ قوله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ).
عن ابن عباس قال : وجدت حفصة رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع أم إبراهيم في يوم عائشة ، فقالت : لأخبرنّها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هي عليّ حرام إن قربتها». فأخبرت عائشة بذلك ، فأعلم الله رسوله ذلك ، فعرّف حفصة بعض ما قالت ، فقالت له : من أخبرك؟ قال : «أنبأني العليم الخبير». فآلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من نسائه شهرا ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) الآية (٣).
__________________
(١) رواه البخاري : الطلاق ، باب : (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) ، رقم : ٤٩٦٧ ، ورواه مسلم : الطلاق ، باب : وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق ، رقم : ١٤٧٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨.
(٢) مجمع الزوائد ، ج ٧ / ١٢٧ ، وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح.
(٣) النيسابوري ، ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ، والسيوطي ، ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، وفي إسناده عبد الله بن شبيب ، وهو ضعيف.
٦٧ ـ سورة الملك
الآية : ١٣ ـ قوله تعالى : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ).
قال ابن عباس : نزلت في المشركين ، كانوا ينالون من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فخبره جبريل عليهالسلام بما قالوا فيه ونالوا منه ، فيقول بعضهم لبعض : أسروا قولكم لئلا يسمع إله محمد (١).
__________________
(١) زاد المسير ، ج ٨ / ٣٢١ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٨ / ٢١٤.
٦٨ ـ سورة القلم
الآية : ٤ ـ قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤).
عن هشام عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال : «لبيك». ولذلك أنزل الله عزوجل : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤) (١).
الآية : ٥١ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا).
نزلت حين أراد الكفار أن يعينوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيصيبوه بالعين ، فنظر إليه قوم من قريش فقالوا : ما رأينا مثله ولا مثل حججه ، وكانت العين في بني أسد ، حتى إن كانت الناقة السمينة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعينها ، ثم يقول : يا جارية ، خذي المكتل والدرهم فأتينا بلحم من لحم هذه ، فما تبرح حتى تقع بالموت ، فتنحر (٢).
وقال الكلبي : كان رجل يمكث ، لا يأكل يومين أو ثلاثة ، ثم يرفع جانب خبائه فتمر به النعم ، فيقول : ما رعي اليوم إبل ولا غنم أحسن من هذه ، فما تذهب إلا قريبا حتى يسقط منها طائفة وعدة ، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالعين ، ويفعل به مثل ذلك ، فعصم الله تعالى نبيه وأنزل هذه الآية (٣).
__________________
(١) النيسابوري ، ٣٦١ ـ ٣٦٢ ، والسيوطي ٣٠٩ ، ومسند أحمد ، ج ٦ / ٥١ ـ ٥٢ ، والمستدرك للحاكم ، ج ٢ / ٤٩٩ مختصرا ، وصححه ووافقه الذهبي ، وزاد المسير ، ج ٨ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩ ، والدر المنثور ، ج ٦ / ٢٥٠.
(٢) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٠٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٨ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥.
(٣) النيسابوري ٣٦١ ، والسيوطي ، ٣٠٩ ـ ٣١٠.
٦٩ ـ سورة الحاقّة
الآية : ١٢ ـ قوله تعالى : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (١٢).
عن العباس الدوري : أخبرنا بشر بن آدم ، أخبرنا عبد الله بن الزبير قال : سمعت صالح بن هشيم يقول : سمعت بريدة يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلي : «إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلمك وتعي ، وحق على الله أن تعي». فنزلت : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (١٢) (١).
٧٠ ـ سورة المعارج
الآية : ١ ـ قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) (١).
نزلت في النضر بن الحارث حين قال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) [سورة الأنفال ، الآية : ٣٢] ، فدعا على نفسه وسأل العذاب ، فنزل به ما سأل يوم بدر ، فقتل صبرا ، ونزل فيه : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) (١) الآية (٢).
الآية : ٣٨ ـ قوله تعالى : (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلَّا).
قال المفسرون : كان المشركون يجتمعون حول النبي صلىاللهعليهوسلم يستمعون كلامه ولا ينتفعون به ، بل يكذبون به ويستهزءون ، ويقولون : لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلنها قبلهم ، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).
__________________
(١) النيسابوري ٣٦١ ، والسيوطي ٣١١ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٩ / ٣٦ ، وفي سنده ضعف ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٣.
(٢) زاد المسير ، ج ٨ / ٣٥٧ ، والدر المنثور ، ج ٦ / ٢٦٣ ، والمستدرك ، ج ٢ / ٥٠٢.
(٣) زاد المسير ، ج ٨ / ٣٦٤.
٧٢ ـ سورة الجن
الآية : ١ ـ قوله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) (١).
أخرج البخاري والترمذي وغيرهما عن ابن عباس قال : ما قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الجن ولا رآهم ، ولكنه انطلق في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب فرجعوا إلى قومهم ، فقالوا : ما هذا إلا لشيء قد حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فانظروا هذا الذي حدث فانطلقوا. فانصرف النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو بنخلة يصلي بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سعوا القرآن استمعوا له فقالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا ، إنا سمعنا قرآنا عجبا ، فأنزل الله على نبيه : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَ) وإنما أوحي إليه قول الجن.
وأخرج ابن الجوزي في كتاب صفوة الصفوة بسنده عن سهل بن عبد الله قال : كنت في ناحية ديار عاد إذ رأيت مدينة من حجر منقور في وسطها قصر من حجارة ، تأويه الجن ، فدخلت فإذا شيخ عظيم الخلق يصلي نحو الكعبة وعليه جبة صوف فيها طراوة ، فلم أتعجب من عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته ، فسلمت عليه فرد عليّ السلام ، وقال : يا سهل ، إن الأبدان لا تخلق الثياب ، وإنما تخلقها روائح الذنوب ، ومطاعم السحت ، وإن هذه الجبة عليّ منذ سبعمائة سنة لقيت فيها عيسى ومحمدا عليهما الصلاة والسلام ، فآمنت بهما ، فقلت له : ومن أنت؟ قال : من الذين نزلت فيهم : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) (١).
__________________
(١) السيوطي ، ٣١٣ ـ ٣١٤ ، وزاد المسير ، ج ٧ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨ ، والدر المنثور ، ج ٦ / ٢٧٠.
الآية : ٦ ـ قوله تعالى : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً).
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن كردم بن أبي السائب الأنصاري قال : خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة ، وذلك أول ما ذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فآوانا المبيت إلى راعي غنم ، فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم فوثب الراعي فقال : عامر الوادي جارك ، فنادى مناد : لا نراه يا سرحان ، فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم ، وأنزل الله على رسوله بمكة : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) الآية.
وأخرج ابن سعد عن أبي رجاء العطاردي من بني تميم قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد رعيت على أهلي وكفيت مهنتهم ، فلما بعث النبي صلىاللهعليهوسلم خرجنا هرابا فأتينا على فلاة من الأرض ، وكنا إذا أمسينا بمثلها قال شيخنا : إنا نعوذ بعزيز هذا الوادي من الجن الليلة فقلنا ذاك ، فقيل لنا : إنما سبيل هذا الرجل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، من أقرّ بها أمن على دمه وماله ، فرجعنا فدخلنا في الإسلام. قال أبو رجاء : إني لأرى هذه الآية نزلت فيّ وفي أصحابي : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) (٦) الآية (١).
وأخرج الخرائطي في كتاب هواتف الجان ، حدثنا عبد الله بن محمد البلوي ، حدثنا عمارة بن زيد ، حدثني عبد الله بن العلاء ، حدثنا محمد بن عكبر عن سعيد بن جبير أن رجلا من بني تميم يقال له : رافع بن عمير ، حدث عن بدء إسلامه قال : إني لأسير برمل عالج ذات ليلة إذ غلبني النوم فنزلت عن راحلتي وأنختها ونمت ، وقد تعوّذت قبل نومي فقلت : أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن ، فرأيت في منامي رجلا بيده حربة يريد أن يضعها في نحر ناقتي فانتبهت فزعا ، فنظرت يمينا وشمالا فلم أر شيئا ، فقلت : هذا حلم ، ثم عدت فغفوت فرأيت مثل ذلك فانتبهت فرأيت ناقتي تضطرب ، والتفت وإذا برجل شاب كالذي رأيته بالمنام بيده حربة ، ورجل شيخ ممسك بيده يدفعه عنها ، فبينما هما يتنازعان إذ طلعت ثلاثة أثوار من الوحش ، فقال الشيخ
__________________
(١) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٢٩.
للفتى : قم فخذ أيتها شئت فداء لناقة جاري الإنسي ، فقام الفتى فأخذ ثورا وانصرف ، ثم التفت إلي الشيخ وقال : يا هذا ، إذا نزلت واديا من الأودية فخفت هوله فقل : أعوذ برب محمد من هول هذا الوادي ولا تعذ بأحد من الجن فقد بطل أمرها ، فقلت له : ومن محمد هذا؟ قال : نبي عربي لا شرقي ولا غربي ، بعث يوم الاثنين ، قلت : فأين مسكنه؟ قال : يثرب ذات النخل ، فركبت راحلتي حين ترقى لي الصبح وجددت السير حتى تقحمت المدينة ، فرآني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحدثني بحديثي قبل أن أذكر منه شيئا ، ودعاني إلى الإسلام فأسلمت. قال سعيد بن جبير : وكنا نرى أنه هو الذي أنزل الله فيه : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) (٦) (١).
الآية : ١٦ ـ قوله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) (١٦).
وأخرج عن مقاتل في قوله : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) (١٦) قال : نزلت في كفار قريش حين منع المطر سبع سنين (٢).
الآية : ١٨ ـ قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (١٨).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي صالح عن ابن عباس قال : قالت الجن : يا رسول الله ، ائذن لنا فنشهد معك الصلوات في مسجدك ، فأنزل الله : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (١٨).
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : قالت الجن للنبي صلىاللهعليهوسلم : كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناءون عنك ، أو كيف نشهد الصلاة ونحن ناءون عنك؟ فنزلت : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) الآية (٣).
الآية : ٢٢ ـ قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (٢٢).
__________________
(١) في سنده عمارة بن زيد كان يضع الحديث ، وعبد الله بن العلاء مجهول.
(٢) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٣١.
(٣) السيوطي ٣١٥ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٨ / ٧٣ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٣١.
وأخرج ابن جرير عن حضرمي ، أنه ذكر له أن جنيا من الجن من أشرافهم ذا تبع قال : إنما يريد محمد أن يجيره الله وأنا أجيره ، فأنزل الله : (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ) الآية (١).
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ٢٨ / ٧٥ ـ ٧٦.
٧٣ ـ سورة المزمّل
الآية : ١ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) (١).
أخرج البزار والطبراني بسند واه عن جابر قال : اجتمعت قريش في دار الندوة فقالت : سموا هذا الرجل اسما يصدر عنه الناس ، قالوا : كاهن ، قالوا : ليس بكاهن ، قالوا : مجنون ، قالوا : ليس بمجنون ، قالوا : ساحر ، قالوا : ليس بساحر ، فبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوسلم فتزمل في ثيابه فتدثر فيها ، فأتاه جبريل فقال : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) (١) ، (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (١).
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) (١) قال : نزلت وهو في قطيفة (١).
الآية : ٢ ـ قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) (٢).
وأخرج الحاكم عن عائشة قالت : لما أنزلت : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) (٢) قاموا سنة حتى ورمت أقدامهم ، فأنزلت : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ).
وأخرج ابن جرير مثله عن ابن عباس وغيره (٢).
__________________
(١) السيوطي ، ٣١٦ ـ ٣١٧ ، وانظر زاد المسير ، ج ٨ / ٣٨٨ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٣١ ـ ٣٢ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٣٤ ، وفتح القدير للشوكاني ، ج ٥ / ٣١٥.
(٢) انظر تفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٣٤.
٧٤ ـ سورة المدثر
الآية : ١ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (١).
عن الأوزاعي : أخبرنا يحيى بن أبي كثير قال : سمعت أبا سلمة ، عن جابر قال : حدثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «جاورت بحراء شهرا ، فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي ، فنوديت ، فنظرت أمامي وخلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، فلم أر أحدا ، ثم نوديت ، فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء ـ يعني جبريل عليهالسلام ـ فقلت : دثروني دثروني ، فصبوا عليّ ماء ، فأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) (٤) [سورة المدثر ، الآيات : ١ ـ ٤] (١).
وأخرج الشيخان عن جابر قال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «جاورت بحراء شهرا ، فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي ، فنوديت ، فلم أر أحدا ، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء ، فرجعت فقلت : دثّروني ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ) (٢) (٢).
الآية : ١١ ـ قوله تعالى : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (١١).
أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رقّ له ، فبلغ ذلك أبا جهل ، فأتاه فقال : يا عم ، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه ، فإنك أتيت محمدا لتتعرّض لما قبله ، فقال : لقد علمت قريش أني من أكثرها مالا ، قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له وأنت له
__________________
(١) رواه الشيخان في صحيحيهما : مسلم : الإيمان ، باب : بدء الوحي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، رقم : ١٦١ ، وانظر البخاري : التفسير / المدثر ، باب : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) ، رقم : ٤٦٤٠ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٤٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٥٩ ـ ٦١.
(٢) السيوطي ٣١٨ ، وصحيح البخاري برقم ٤ و ٣٢٣٨ ، وصحيح مسلم برقم ٢٥٧.
كاره ، فقال : وما ذا أقول؟ فو الله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده مني ، ولا بأشعار الجن ، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا! وإن لقوله لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمنير أعلاه مشرق أسفله ، وإنه ليعلو وما يعلى عليه ، وإنه ليحطم ما تحته!! قال : لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه ، قال : دعني حتى أفكر ، فلما فكر قال : هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره ، فنزلت : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (١١). وإسناده صحيح على شرط البخاري (١).
وعن معمر ، عن أيوب السختياني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقرأ عليه القرآن ، وكأنه رق له ، فبلغ ذلك أبا جهل فقال له : يا عم ، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه ، فإنك أتيت محمدا تتعرّض لما قبله. فقال : قد علمت قريش أني من أكثرها مالا. قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له وكاره. قال : وما ذا أقول؟ فو الله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني ، ولا أعلم بزجرها وبقصيدها مني ، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ، والله إن لقوله الذي يقول حلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه معذق أسفله ، وإنه ليعلو وما يعلى. قال : لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه. قال : فدعني حتى أفكر فيه. فقال : هذا سحر يؤثر ، يأثره عن غيره ، فنزلت : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (١١) الآيات كلها (٢).
قال مجاهد : إن الوليد بن المغيرة كان يغشى النبي صلىاللهعليهوسلم وأبا بكر رضي الله عنه ، حتى حسبت قريش أنه يسلم ، فقال له أبو جهل : إن قريشا تزعم أنك إنما تأتي محمدا وابن أبي قحافة تصيب من طعامهما. فقال الوليد لقريش : إنكم ذوو أحساب وذوو أحلام ، وإنكم تزعمون أن محمدا مجنون ، وهل رأيتموه يتكهن قط؟ قالوا : اللهم لا. قال : تزعمون أنه شاعر ، هي رأيتموه ينطق بشعر قط؟ قالوا : لا. قال : فتزعمون أنه كذاب ، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب؟ قالوا : لا. قالت قريش للوليد : فما هو؟ فما هو إلا ساحر ، وما يقوله سحر. فذلك قوله : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) (١٨) إلى قوله تعالى : (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) (٢٤) [سورة المدثر ، الآيات : ١٨ ـ ٢٤] (٣).
__________________
(١) السيوطي ٣١٩ ، والمستدرك ، ج ٢ / ٥٠٦.
(٢) النيسابوري ٣٦٣ ، والمستدرك للحاكم ، ج ٢ / ٥٠٦ ، وصححه وأقره الذهبي.
(٣) النيسابوري ٣٦٤ ، وذكره ابن الجوزي بنحو هذا اللفظ في زاد المسير ، ج ٨ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤.
الآية : ٣١ ـ قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا).
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن إسحاق قال : قال أبو جهل يوما : يا معشر قريش ، يزعم محمد أن جنود الله الذين يعذبونكم في النار تسعة عشر ، وأنتم أكثر الناس عددا ، أفيعجز مائة رجل منكم على رجل منهم؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
وأخرج نحوه عن قتادة قال : ذكر لنا ، فذكر هذا الخبر.
وأخرج عن السدي قال : لما نزلت : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) (٣٠) [سورة المدثر ، الآية : ٣٠] قال رجل من قريش يدعى أبا الأشدّ : يا معشر قريش ، لا يهولنكم التسعة عشر ، أنا أدفع عنكم بمنكبي الأيمن عشرة ، وبمنكبي الأيسر التسعة ، فأنزل الله تعالى : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً) (٢) الآية.
__________________
(١) فتح القدير للشوكاني ، ج ٥ / ٣٢٩.
(٢) السيوطي ، ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، وفتح القدير للشوكاني ، ج ٥ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠.
٧٥ ـ سورة القيامة
الآية : ٣ ـ قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) (٣).
نزلت في عمر بن ربيعة ، وذلك أنه أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : حدثني عن يوم القيامة متى يكون ، وكيف أمرها وحالها؟ فأخبره النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ولم أومن به ، أو يجمع الله هذه العظام؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
الآية : ١٦ ـ قوله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (١٦).
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أنزل الوحي يحرك به لسانه يريد أن يحفظه ، فأنزل الله : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (١٦) الآية (٢).
الآيتان : ٣٤ ـ ٣٥ ـ قوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٥).
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : لما نزلت : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم ، يخبركم ابن أبي كبشة أن خزنة جهنم تسعة عشر وأنتم الدهم ، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم؟ فأوحى الله إلى رسوله أن يأتي أبا جهل فيقول له : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣).
وأخرج النسائي عن سعيد بن جبير أنه سأل ابن عباس عن قوله : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٤) أشيء قاله رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قبل نفسه أم أمره الله به؟ قال : بل قاله من قبل نفسه ثم أنزله الله (٤).
__________________
(١) النيسابوري ٣٦٤ ، وزاد المسير في علم التفسير ، ج ٨ / ٤١٦ ـ ٤١٧ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٩٣.
(٢) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٤٩ ، وفتح القدير للشوكاني ، ج ٥ / ٣٣٨.
(٣) تفسير الطبري ، ج ٢٩ / ١٢٤.
(٤) السيوطي ٣٢١ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٥١.
٧٦ ـ سورة الإنسان
الآية : ٨ ـ قوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً).
قال عطاء عن ابن عباس : وذلك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أجر نفسه نوبة ، يسقي نخلا بشيء من شعير ، ليلة حتى أصبح ، وقبض الشعير وطحن ثلثه ، فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له الخزيرة ، فلما تمّ إنضاجه أتى مسكين ، فأخرجوا إليه الطعام ، ثم عمل الثلث الثاني ، فلما تمّ إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ، ثم عمل الثلث الباقي ، فلما تمّ إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه ، وطووا يومهم ذلك ، فأنزلت فيه هذه الآية (١).
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير في قوله : (وَأَسِيراً) (٨) قال : لم يكن النبي صلىاللهعليهوسلم يأسر أهل الإسلام ، ولكنها نزلت في أسارى أهل الشرك ، كانوا يأسرونهم في العذاب ، فنزلت فيهم ، فكان النبي صلىاللهعليهوسلم يأمرهم بالإصلاح إليهم (٢).
الآية : ٢٠ ـ قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) (٢٠).
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : دخل عمر بن الخطاب على النبي صلىاللهعليهوسلم وهو راقد على حصير من جريد ، وقد أثر في جنبه ، فبكى عمر ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «ما يبكيك؟» قال عمر : ذكرت كسرى وملكه ، وهرمز وملكه ، وصاحب الحبشة وملكه ، وأنت رسول الله على حصير من جريد! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما ترضى أن لهم الدنيا ولنا الآخرة؟» فأنزل الله : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) (٢٠) (٣).
__________________
(١) النيسابوري ، ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، والدر المنثور ، ج ٦ / ٢٩٩.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٢٩ / ١٢٩.
(٣) السيوطي ٣٢٢ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٥٧.
الآية : ٢٤ ـ قوله تعالى : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) (٢٤).
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة : أنه بلغه أن أبا جهل قال : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن عنقه ، فأنزل الله : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) (٢٤) (١).
٧٧ ـ سورة المرسلات
الآية : ٤٨ ـ قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) (٤٨).
أخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) (٤٨) قال : نزلت في ثقيف (٢).
٧٨ ـ سورة النبأ
الآيتان : ١ ـ ٢ ـ قوله تعالى : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) (٢).
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال : لما بعث النبي صلىاللهعليهوسلم جعلوا يتساءلون بينهم ، فنزلت : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) (٢) (٣).
__________________
(١) السيوطي ٣٢٣ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٩ / ١٣٨.
(٢) السيوطي ، ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ١٦٨ ، وزاد المسير ، ج ٨ / ٤٥٢.
(٣) تفسير القرطبي ، ج ١٩ / ١٧٠ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٦٢.
٧٩ ـ سورة النازعات
الآيتان : ١٠ ـ ١٢ ـ قوله تعالى : (يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) (١٠) ، (قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) (١٢).
أخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب قال : لما نزل قوله : (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) (١٠) قال كفار قريش : لئن حيينا بعد الموت لنخسرن ، فنزلت : (قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) (١٢) (١).
الآية : ٤٢ ـ قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) (٤٢).
أخرج الحاكم وابن جرير عن عائشة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسأل عن الساعة ، حتى أنزل عليه : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها) (٤٤) فانتهى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس ، أن مشركي أهل مكة سألوا النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : متى تقوم الساعة؟ استهزاء منهم ، فأنزل الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) (٤٢) إلى آخر السورة.
وأخرج الطبراني وابن جرير عن طارق بن شهاب قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكثر ذكر الساعة حتى نزلت : (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها) (٤٤).
وأخرج ابن أبي حاتم مثله عن عروة (٢).
__________________
(١) السيوطي ٣٢٦ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٦٧.
(٢) السيوطي ٣٢٦ ، وتفسير الطبري ، ج ٣٠ / ٣١ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٦٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٢٠٩.